تقارب الحملة الانتخابية لتشريعيات يونيو على الانتهاء، وبالكاد يكون حضور البرامج الثقافية ظاهرا في مشاريع المترشحين المستقبلية، ليبقى الاهتمام بالثقافة شكليا في غياب أي مشاريع حقيقية، عدى بعض المحاولات من تشكيلات حرة وحزبية لدغدغة مشاعر أهل الفن و الثقافة، ليكونوا داعمين بأصواتهم للحصول على مقاعد نيابية.


حزب تجمع أمل الجزائر (تاج)، ومن خلال تجمعاته الحزبية، دعى إلى ضرورة "التكفل بالفنان الجزائري وإبداعاته" و"تشجيع الاستثمار الخاص في مجالي الفن والثقافة" وكذا "الاهتمام بالتكوين في ميادين الانتاج والاخراج المسرحي والتلفزيوني والسينمائي على مستوى معاهد ومدارس التكوين" بالإضافة إلى "مراجعة طرق تسيير دور السينما وبعث المتوقف منها".

فيما ذهب حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الى التعهد بتقديم اقتراحات في شاكلة قوانين تخص "حماية التراث الثقافي والتاريخي" والعمل على التعريف بالثقافة الجزائرية في الخارج من خلال "إنشاء مركز ثقافي لدى كل قنصلية عامة عبر العالم".

أما حزب التحالف الوطني الجمهوري فتعهد بـ"تشجيع الإنتاج الثقافي" خصوصا في مجالات الكتاب والسينما والمسرح، في حين أن حزب جيل جديد ركز على السينما، داعيا لتحديث قاعات العرض وتشجيع العائلات لارتيادها وكذا "تشجيع الانتاج" في هذا المجال.

وأولى حزب "النهضة" في هذا الإطار اهتماما بالثقافة باعتبارها "انعكاسا طبيعيا للهوية والانتماء" حيث تعهد بتشجيع كل أنواع الفنون والإبداع بما يتواءم مع المجتمع الجزائري .." و"تشجيع المثقفين والفنانين" من أجل "دعم الابداع الذي يعتبر خير سفير" لصورة الجزائر.

كما التزم الحزب بالعمل على التكفل بالعاملين في هذا المجال و"ترقية التنوع والثراء الثقافي للجزائر وجعله في خدمة السياحة والتنمية المستدامة من دون المس بقيم ومعتقدات الجزائريين".

وأما حركة البناء الوطني فقد شددت على ما سمته "بلورة منظومة ثقافية ترسخ ثوابت الأمة وهوية المجتمع وتتيح الانفتاح على ثقافة العصر" وكذا "رد الاعتبار للنخب المثقفة وتمكينها من أداء الأدوار المنوطة بها في المجتمع" بالإضافة إلى "تشجيع التنوع الثقافي ضمن أبعاد هوية الشعب الجزائري".

كما تقترح هذه الحركة "العناية بالتراث المكتوب والشفوي" ودعم الكتاب والاهتمام بأدب الطفل، وكذا تشجيع حركة الترجمة وتشجيع الانتاج والعرض المسرحي والسينمائي، و"الاسراع في ترميم القصبات العتيقة في مختلف الولايات".

ولامس بعض المترشحين الأحرار جزءا من اهتمامات المثقفين في برامجهم الانتخابية، فمن ولاية تلمسان بالغرب الجزائري، دعت القائمة الحرة "الشباب الأحرار" الى الاهتمام بتنمية الانتاج الثقافي باعتباره قطاعا "يولد الثروة ومناصب العمل" و"يساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية .

أما القائمة الحرة "لعلام" من العاصمة الجزائر، فقد أكد مرشحوها طموحاتهم في "النهوض بالقصبة ودعمها باعتبارها تراثا عالميا" وكذا "حث رجال الأعمال على الاستثمار في مجالي الثقافة والفنون" و"مرافقة مبادرات الفنانين الشباب من أجل تشجيع الإبداع" بالإضافة إلى "توسيع قاعات العرض السينمائية والمسرحية والمتاحف وكذا تشجيع القراءة في الوسط المدرسي".

غياب مشاريع ثقافية حقيقية

يتجلى بوضوح لمتتبعي الخطابات السياسية والبرامج الانتخابية لتشريعيات12 جوان/يونيو، أن أغلبية الأحزاب والقوائم الحرة لم تولي اهتماما بالثقافة حيث انصب تركيزها أساسا على حتمية الاستجابة للانشغالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد.

ولم يقدم المترشحون في برامجهم سوى عموميات بعيدا عن أي مشاريع ثقافية واضحة، هذا عدا أنهم لم يطالبوا مثلا برفع ميزانية القطاع ولم يقترحوا أي آليات لحفظ التراث الوطني المادي وخصوصا المواقع الأثرية المصنفة.

وحتى إذا كانت هذه البرامج قد أجمعت على ضرورة إعطاء نفس جديد للثقافة، فإن هذه الأخيرة لم ينظر لها كقطاع منتج ومساهم في الاقتصاد الوطني وهذا على الرغم من أن الدولة تشدد على أهمية أن تكون قطاعا مدرا للثروة ومناصب الشغل و مساهما في ترقية المنظومة السياحية.


وترى الأكاديمية والمهتمة بالشأن الثقافي حبيبة العلوي، أن هناك اجترارا لنفس المطالب الثقافية السطحية عند كل موعد انتخابي ما يؤكد أن هؤلاء المترشحين ليس لهم اهتمام بالشأن الثقافي ويعتبرون أنه لا يستقطب الناخبين وبالتالي لا يمنحهم أصواتا.

وتضيف العلوي, وهي عضو مؤسس في الجمعية الثقافية المستقلة "مجموعة العمل حول السياسات الثقافية"، أن البرلماني "من واجبه إيصال صوت المجتمع المدني والفاعلين الثقافيين ومحاربة البيروقراطية التي يعرفها القطاع"، وهذا من خلال "اقتراح قوانين جديدة" و"محاسبة المؤسسة الحكومية المسؤولة عنه".

وشددت المتحدثة في ختام كلامها بالقول أن على النواب "العمل خصوصا على ضمان حرية التعبير للمبدعين باعتبارها شرط أساسي لانتعاش القطاع".