نشر الكاتب الصحفي، مختار الجدال، جزء من كتابه الذي لم يصدر بعد "بنغازي حكاية مدينة" سرد خلالها تفاصيل جولته في بنغازي مرورا بمعركة سيدي فرج جنوب مدينة بنغازي.

وقال الجدال في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "وصلنا محور بوصنيب، الكتيبة العسكرية (*) التي كانت تقاتل الإرهاب تحتفل بانتهاء المعارك، تقيم حفل صغير. يتجمهر الجنود والضباط حول طاولة ستة قدم وضعت عليها بعض الأوراق المزركشة "شهادات تقدير"، جلست في ركن قصي اتأمل المشهد، لا أحد يرفع صوته عاليا، يتبادلون العناق والابتسامات، فرحة بالنصر، لم أستغرب وجود بعض مبتوري الأطراف كانوا يتقدمون واحدا تلو الأخر لاستلام شهادات التقدير فهذه حرب مقدسة ضد الإرهاب وقتال شرس يسقط فيه رجال شجعان وتبتر أطراف، لكني صعقت عندما تقدم ضابط في الستين من عمره فقد بصره لاستلام شهادة التقدير، كان يقوده زميل له في نفس رتبته، قيل لي إنه شارك في المعارك من رأس المنقار حتى بوصنيب لم يترك زملائه وجنوده، وعندما تقرر سفره للعلاج في الخارج رفض، وقال لنؤجل الموضوع لما بعد تحرير بنغازي". 

وتابع في تدوينة أخرى بعنوان "المعركة في سيدي فرج"،"بعد جولة قصير في بنينا لمشاهدة أثار المعارك التي جرت قبل أيام، خاصة "معركة بين الجسرين"، الطريق خالي تماما من أي حركة، الوقت منتصف النهار، وصلنا بوابة عسكرية أوقفتنا، كنت وخالد وأبنه علا، وعندما أقترب منا أحد الجنود كان يحمل بندقيته على كتفه، وقبل أن يسألنا عرفنا، سلم علينا وبادرنا "توا في مصنع السمينتو"، أصوات المدفعية الصاروخية " جراد " تنطلق متقطعة باتجاه المصنع، وصوت الرشاشات المختلفة يرتفع ويخفت، في قرار وجواب موسيقي يمتع السامع، اقتربنا من مسجد على الطريق أحترق جزء منه، يبدو إنهم كانوا ينامون في الخلوة المحاذية الليلة السابقة وخرجوا منها على عجل، البطاطين والفرشات وأشيائهم المبعثرة تدل على ذلك، كذلك بعض الكتب تبعثرت أيضا، وبقايا صناديق الذخيرة "التقط علا صورا للمكان"، وغادرنا عائدين فلم يسمح لنا بالتوغل أكثر من ذلك، أغلب سكان المنطقة غادروها بمجرد دخول الإرهابيين إليها، فهي عبارة عن مزارع صغيرة واستراحات".