يدور الحديث هذه الأيام في كل الأوساط الليبية عن العملية الانتخابية التي تم الإعلان عن فتح باب التسجيل فيها قبل أيام، والتي وجهت الدعوة هذه المرة لها بشكل صريح لكل الليبيين بما في ذلك الذين استبعدوا في المرات الماضية بدعوى ارتباطهم بـ"النظام السابق"، أو رفضهم لما نتج عن أحداث "فبراير" سنة 2011، وتدور الأسئلة في تلك الأوساط حول مشاركة الجميع من عدمها، وتستضيف "بوابة إفريقيا الإخبارية" أحد القيادات الثورية الليبية قبل 2011، والقيادي الحالي في الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، إحدى أهم المكونات السياسية التي تضم "أنصار" الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، فكان هذا الحوار مع الأمين المساعد لمكتب الجبة الشعبية فرع القاهرة، عثمان بركة:

*(البوابة) نود التعرف على الجبهة وعلاقة سيف الإسلام القذافي بها.

(بركة) الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، جاءت بفكرة من المهندس سيف الإسلام معمر القذافي، لتجمع كل الأفراد، والمكونات السياسية والاجتماعية الرافضة لكل ما نتج عن "فبراير"، وهي بذلك بمثابة الوعاء الجامع لكل الأجسام المحسوبة على "النظام الجماهيري"، وتجمع كل أنصار "معمر القذافي".

*-(البوابة) هل سيف الإسلام رئيس الجبهة الشعبية؟

(بركة) لا، المهندس سيف الإسلام هو صاحب الفكرة، ولكنه يحمل رمزية كبيرة، أكبر من أن يتقيد برئاسة الجبهة الشعبية، أو غيرها، بل له رمزية أكبر ويمثل مشروع استعادة ليبيا، دولة ذات سيادة، وقيادة المصالحة الوطنية.

*-(البوابة) جبهة تحرير.. تحرير ليبيا ممن؟

(بركة) نعم تحرير ليبيا من تبعات "فبراير"، والتحرير ليس بالضرورة تحريرا من طرف خارجي، وليبيا اليوم في حاجة للتحرر من المليشيات، والتطهير من الجماعات المتطرفة، واستعادتها دولة مستقرة ذات سيادة، يعيش شعبها بكرامة.

*(البوابة) بصفتك أمينا مساعدا لمكتب الجبهة في مصر، نود معرفة تكوين الجبهة وآلية الانضمام إليها.

(بركة) الجبهة مكون جامع يضم كل من يعارض نتائج "فبراير"، أفرادا ومكونات، وليست حكرا على "أنصار النظام الجماهيري"، بل تشمل من اكتشف المؤامرة وعاد إلى جادة الصواب، واقتنع بمشروع الجبهة، كطريق لاستعادة ليبيا وإنقاذها، وللجبهة ما يزيد عن (200) مكتب تنفيذي، في الداخل والخارج، يتم العمل من خلالها وفقا للظروف، المتوفرة خاصة أن بعض المناطق في الداخل تسيطر عليها المليشيات، والعمل بها يمثل خطرا.

(البوابة) ليبيا اليوم أمام استحقاق كبير يتمثل في الانتخابات التي دعت لها الأمم المتحدة، ما موقف الجبهة من هذا الاستحقاق؟

*(بركة) أعضاء الجبهة سيشاركون وبقوة في التسجيل في سجلات الانتخابات كمرحلة أولى، وفي حال توفرت المعطيات التي تضمن أن تسير العملية الانتخابية بموضوعية فإن خيار المشاركة والدخول فيها سيكونان أمرا طبيعيا، ولكني استبعد في ظل سيطرة المليشيات، وانتشار المال السياسي "الفاسد" أن تسير الانتخابات دون توجيه وتزوير.

*(البوابة) ما رأي سيف الإسلام القذافي، في موضوع الانتخابات؟

(بركة) المهندس سيف لا يمانع من الدخول في العملية السياسية، ما دامت ستساهم في استعادة ليبيا، لأنه يؤمن بالنضال السياسي السلمي، والجبهة باعتبارها تتخذ منه رمزية قيادية، فإنها ستشارك بالتنسيق مع القيادات الوطنية، خاصة مؤتمر القبائل والمدن الليبية، لاختيار قيادات وطنية جيدة، وفي حال تم تمكين أناس وطنيين من النجاح في الوصول للبرلمان، فإن الكثير من المشاكل ستحل، والأهداف التي نسعى لها ستتحقق، ونحن لا نبحث عن الحكم أو الوصول إلى السلطة، بل لاستعادة البلاد.

*(البوابة) كيف تتعامل الجبهة الشعبية مع الأجسام السياسية الحالية في البلاد؟

(بركة) الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، بشكل رسمي لم تتعامل مع أي من الأجسام التي تمثل "فبراير" لا مجلس النواب، ولا المجلس الرئاسي، ولكن في حال وجدت ضرورة للحوار فلن يكون لدينا مانع من ذلك، خاصة وأن الحوار عادة ما يكون بين الخصوم أو المختلفين.

*(البوابة) المبعوث الأممي غسان سلامة دعا إلى تنظيم مؤتمر "جامع"، هل وجهت الدعوة للجبهة للمشاركة فيه؟

(بركة) نعم تمت دعوة الجبهة ضمن المكونات المدعوة للمشاركة في اللقاء الذي أسماه "سلامة" بالمؤتمر الجامع، والجبهة تدرس آليات وطريقة المشاركة فيه.

*(البوابة) هل ستشاركون؟

(بركة) نحن ضد الدعوة للحضور والمشاركة فقط، نحن سنطالب بالعمل في التحضيرات، ومعرفة "التمثيل" كيف سيكون وما الأعداد المخصصة لكل طرف مشارك، ولن نقبل بمساواتنا بغيرنا من حيث العدد.

*(البوابة) بأي معيار ستفرضون عددكم وأفكاركم؟

(بركة) مقياسنا الوطنية ومصلحة الوطن، فنحن لن نقبل بأن تتم مساواتنا بتنظيمات لها مشاريعها المرتبطة بالمليشيات أو تيارات الإسلام السياسي، باعتبار أنه لا يمكن قبول المقارنة معها أو الارتباط بها.

*(البوابة) ما هي حظوظ الجبهة في الفوز في الانتخابات في حال المشاركة؟

(بركة) هذا كلام سابق لأوانه الآن لأن عملية الانتخابات وفقا لظروف البلاد لا يمكن التنبؤ بنتائجها، ولا ضمان حيادتيها، ولكن في حال تمت بضمانات حقيقية ولم ترضخ لضغط المليشيات، ومغريات المال السياسي، الذي تسيطر عليه اليوم جماعات الإسلام السياسي، فإن ثقتنا كبيرة في قياداتنا، وفي خياراتنا التي سيتم التنسيق حولها مع القبائل الليبية والتي لن تفرز وتختار إلا من يمثلها بشكل مناسب، وبالتالي فإن الخيارات بذلك ستكون للأفضل.

*(البوابة) عدد كبير من قيادات الجبهة من أعضاء حركة اللجان الثورية، كيف قبلتم الدخول في عملية سياسية تختلف مع مبادئكم؟

(بركة) نحن تلاميذ مدرسة معمر القذافي، وهي مدرسة شاملة وقادرة على التعاطي مع المتغيرات، والظروف وتعمل بالمتاح، ودخولنا في العملية السياسية لا يعني التخلي عن المبادئ، وكل الطرق التي تصل بنا إلى إنقاذ ليبيا سنسلكها ما لم ترتبط بالإرهاب والفساد، ونحن بدخولنا للانتخابات لا نسعى للحكم كما هو حال الأحزاب، بل نسعى لضمان إدارة البلاد بأشخاص وطنيين غير مرتبطين بالخارج، وهذا كان خيارنا بالتنسيق مع القبائل.

*(البوابة) بعد العملية العسكرية الأخيرة في مناطق ورشفانة، هناك من وجه الاتهام للجبهة الشعبية بالإعداد لدخول طرابلس بالقوة؟

(بركة) ليس للجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، أي مشروع عسكري، ولا علاقة لها بالتحركات التي تمت الإشارة لها بالدخول إلى العاصمة طرابلس، لأكثر من سبب، منها أنه ليس في عقيدة الجبهة العمل العسكري، واستخدام القوة، بل يبقى نضالنا سلميا، والسبب الآخر هو أنه ليس لدينا ذراع عسكري، ولا تتوفر لدينا مقومات عسكرية نتيجة لما حدث للقوات المسلحة العربية الليبية سنة 2011 واستهدافها من قبل "الناتو"، بمعنى نحن لا نملك قوة على الأرض وإن كان ضمن أعضاء الحركة ضباط ليبيون وطنيون أكفاء، ممن واجهوا العدوان الخارجي سنة 2011، ولكن كتنظيم عسكري للجبهة لا يوجد.

*(البوابة) كلمة أخيرة

(بركة) أدعو جميع الوطنيين لنبذ الخلاف والاصطفاف صفا واحدا من أجل إنقاذ ليبيا، كما أدعو للتسجيل في سجلات الانتخابات كمرحلة أولى، وتبقى بقية المراحل مرتبطة بظروف اللحظة، ونحن كجبهة لدينا القدرة التنظيمية لقيادة عناصرنا والتوجيه نحو المشاركة من عدمها في العملية الانتخابية.