ألقت الأحداث الإرهابية التي شهدت باريس أيام 7 و8 و9 يناير الجاري بظلالها على دول المغرب العربي التي ينتمي إليها العدد الأكبر من المهاجرين المقيمين في فرنسا ، فقد حذر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي من أن استهداف مسلحين من أصول مسلمة لمقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية سيغذي موجة "الإسلاموفوبيا" في أوروبا، حيث تتواجد جالية مسلمة ومغاربية مهمة ، داعيا لـ "عدم وقوع خلط بين الإسلام والإرهاب"، ومُواجهة "أي خطر جديد يعطي وقودا لتنامي مشاعر العداء للمسلمين " في الدول الأوروبية على خلفية التطورات الأخيرة.
وأشار الوزير المغربي إلى أن بلاده التي يشكل أبنائها شريحة واسعة من المهاجرين في أوروبا وفرنسا على وجه التحديد، "معنية" بموجة الإسلاموفوبيا وانتشارها، وما يترتب عنها من أعمال عنف، مُذكرا بموقف المغرب " المؤكد على أن الإسلام دين تسامح وتعارف، لا انتقام ».
من جانبه اعتبر رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنيكران في رسالة إلى الوزير الأول الفرنسي "مانويل فالس" عن استنكاره "للعمل الإجرامي والإرهابي" الذي ارتكب ضد مواطنين فرنسيين، مهنئا الحكومة الفرنسية لموقفها "الذي يرفض الخلط بين الإرهاب والإسلام » فيما اعتبر حزب العدالة والتنمية (قائد الإئتلاف الحكومي في المغرب)، في بيان صادر عن أمانته العامة ، أن الهجوم "يهدف للإساءة إلى علاقات التعاون والتقارب بين شعوب العالم والمنطقة"، مثمنا ما وصفها بـ"المواقف المتبصرة للجهات الإعلامية والحزبية والرسمية الفرنسية، الرافضة للخلط بين الإرهاب والإسلام".
وحذرت عدد من الصحف المغربية من الارتدادات العكسية للهجوم الذي استهدف الصحفية الفرنسية، على حياة آلاف المغاربة والمسلمين في فرنسا، وعودة ما يعرف "الإسلاموفوبيا" التي لم تخبئ جذوتها بعد، في ظل مخاوف متصاعدة من تنفيذ آلاف من الشباب الأوروبي من أصول مسلمة الملتحق بصفوف تنظيم "داعش" بعد عودتهم إلى ديارهم الأوروبي
وأبدت الجزائر قلقها إزاء تداعيات العملية الإرهابية التي استهدفت الصحيفة، على الجالية المسلمة في فرنسا، ونبهت إلى عدم الخلط بين الإرهاب والإسلام وحذرت من عمليات انتقام قد تطال المسلمين في فرنسا. وأفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية أنه “وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تتميز بموجة من المظاهرات المناهضة للإسلام، فإن الجزائر تحذّر من الخلط وتشويه صورة الجاليات المسلمة في أوروبا التي هي أول من يدفع ثمن انحرافات بعض الأشخاص أو الجماعات المهمشة”. ولفت البيان،، إلى أن “الجماعات المهمشة تشوه بتصرفاتها الإجرامية صورة الإسلام الذي كونه دين سلام وأخوة يقدس حياة وكرامة كل إنسان”.
ودعت حكومات تونس وليبيا وموريتانيا الى مزيد التضامن الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب ، في حين قال مراقبون ل« البيان » أن فرنسا قبل السابع من يناير ليست هي فرنسا ما بهد السابع من يناير 2015 مؤكدين أن موقف باريس بعد الهجوم على مقر صحيفة شارلي ايبدو يشبه موقف واشنطن بعد احداث 11 سبتمبو 2001 ، وأشاروا الى أن باريس ستكون حازمة خلال المرحلة القادمة في تعاملها مع المخاطر الإرهابية التي تهدد المنطقة ووصلت الى الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط وباتت تمثل تهديدا مباشرا للقارة الأوروبية ولفرنسا بخاصة ومستعمراتها القديمة في منطقة الساحل والصحراء
جالية مغربية مهمة
تعتبر المملكة المغربية ثاني أكثر دول العالم تصديرا للمهاجرين الى أوروبا بعد تركيا إضافة الى أنها واحدة من بين أكثر 15 دولة مصدّرة للمهاجرين على مستوى العالم بأسره ، وفي العام 2000 كان عدد المغاربة المولودين في المغرب والذين يعيشون في الخارج قد بلغ 2,6 مليون مغربي ، وهو ما يمثل 9 % من مجموع السكان ، وذلك وفقا لدراسة أجراها جيل بيزون وهو باحث في المعهد الوطني الفرنسي للدراسات الديموغرافية و نشرتها مجلة «السكان والجمعيات» الا أن الرقم إرتفع ليصل الى حوالي 4,5 مليون بداية 2013، أي ما يعادل 13 % من سكان المغرب، و تُعد الجالية المغربية في مجملها جالية شابة، إذ لا يتجاوز عمر حوالي 70 % من أفرادها 45 سنة، من بينهم 20% ولدوا بالمهجر
في العام 2010 كشف بحث أنجزه أحد المعاهد المتخصصة في الأبحاث والدراسات بطلب من مجلس الجالية المغربية بالخارج، والوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج،وشمل عينة من الشباب المغاربة، القاطنين في بلدان أوروبية، أو من أصل مغربي، أن 59 في المائة من المعنيين حصلوا من قبل على جنسية بلد الإقامة، بينما تقدم 23 في المائة منهم بطلب في الموضوع، و15 في المائة غير معنيين بهذا الشأن كما عبّر 50 في المائة من الشباب الحاصلين على جنسية بلد الإقامة عن تشبثهم بجنسيتهم المغربية، و 83 في المائة عن ارتياحهم تجاه ظروف العيش في البلد الذي ولدوا فيه،و عبر 94 في المائة، عن استمرار انتمائهم إلى مغربيتهم وهو أمر لافت للإنتباه ، فيما قال 82 في المائة من الشباب أنهم مغاربة في بلد الإقامة، مقابل نسبة 28 في المائة ترى أنه يجب أن تنسى جذورها لقبول ظروف الإقامة.
وأكدت نسبة 93 في المائةأنه يتعين عليها التواصل باللغة عربية، على الأقل، ونصف العينة المستجوبة تتحدث وتقرأ وتكتب هذه اللغة، وتأتى لهم ذلك طريق دراسة اللغة المعنية في البلد الأوربي، إما في مسجد (31 في المائة)، أو في مدرسة، في إطار الدروس التي تسهر عليها الحكومة المغربية (25 في المائة)، أو في إطار جمعية (13 في المائة).
وصرحت نسبة تصل إلى 97 في المائة، في المجموع، و99 في المائة بالنسبة إلى الشباب المولود في البلد الأوروبي، بأنها تتواصل جيدا بلغة البلد، بل إن حوالي 100 في المائة من المعنيين يشددون على أن الإلمام الجيد بلغة بلد الإقامة، يعد أولوية.
وفي المجال الديني كشف البحث أن 36 في المائة من الشباب يذهبون إلى المسجد، أو مكان للصلاة، منهم نسبة 9 في المائة بشكل يومي، و27 في المائة مرة في الأسبوع، و15 في المائة، من حين إلى آخر.
الجزائر في المرتبة الثانية
الى ذلك كشف تقرير فرنسي حول المهاجرين في العالم ، أن الجزائر تأتي بعد المكسيك وأفغانستان والمغرب وبريطانيا، من حيث قائمة الدول المصدرة للمهاجرين باتجاه مختلف دول العالم ، مشيرا الى أن 6.7 بالمائة من العدد الإجمالي لسكان الجزائر هم مهاجرون ويقيمون في الخارج، وهي نسبة تجعل الجزائر في المرتبة الرابعة على رأس الدول التي لديها أكبر عدد من أفراد الجالية بالخارج، بعد المكسيك التي لديها نسبة 10 بالمائة من سكانها بالخارج، وأفغانستان بـ9,9 بالمائة، والمغرب بـ9 بالمائة، وبريطانيا بـ7.1 بالمائة وألمانيا في الصف الخامس بـ4.9 بالمائة، وأخيرا تركيا بـ 4.5 بالمائة.
وكانت أرقام سابقة لوزارة التضامن والجالية بالخارج قد سجلت أن عدد الرعايا الجزائريين المقيمين في الخارج يقدر ما بين 5 و7 ملايين شخص، بينما لا يتجاوز عدد المسجلين منهم على مستوى السفارات بأكثـر من مليون و600 ألف مهاجر جزائري أغلبيتهم في فرنسا.
وسجل آخر تقرير صادر عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، في فرنسا، تناقص عدد المهاجرين الجزائريين بمعدل 2،6 بالمائة سنويا منذ سنة 2009، عكس الارتفاع المسجل لدى باقي المهاجرين المغاربيين. لكن نسبة المهاجرين الجزائريين لا تزال تحتل المرتبة الثانية بنسبة 7 بالمائة من مجموع المهاجرين إلى فرنسا سنة 2012، متساوية مع المغرب، بيد أن اليمين المتطرف يعتبر هذه النسب مغالطة ولا تعكس الواقع، لأن أغلب المهاجرين في اعتقاده قد حصلوا على الجنسية الفرنسية وبالتالي لم يعودوا معتمدين في قوائم المقيمين الأجانب ، ولا يجري عدهم في هذه الإحصاءات مما جعل رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية، مارين لو بان تدعو في رسالة لها نواب الجمعية الوطنية ( البرلمان ) المنتمين إلى اليمين واليسار،الى إلغاء ازدواجية الجنسية، مركزة على الجزائريين، الذين لم يتخلوا عن ولائهم للوطن الأم، رغم انتمائهم للجيل الثالث المهاجر،
كما جاء في كتاب “الانتفاضة الفرنسية”، من تأليف الكاتب “أوندري أوسي” أن الضواحي التي يسكنها المهاجرون المغاربة والجزائريون أصبحت تشكل ما وصفه بـ«ما يشبه الحرب الأهلية غير المعلنة” في هذا البلد، وتتميز هذه الضواحي بأنها كانت موجهة لعمال البناء الذين جاؤوا من الجزائر في سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ، لتتحول اليوم عبر تأثير العديد من العوامل الى مناطق للمشاكل والعنف في بعض الأحيان. واعتبر الكاتب أن أساس المشكل هو “الماضي الاستعماري العنيف الذي جمع بين فرنسا والشعوب التي ينحدر منها المهاجرون، بالإضافة الى معاداة السامية المترسخة فيهم” وفق تعبيره ،وقال الكاتب أنه لاحظ خلال زيارته لحي “بارباس” الباريسي الذي تقطن فيه أغلبية مهاجرة من الجزائر إشادة بالعملية التي نفذها مراح بالقول “إنها تمت ضد الأعداء”، معتبرين إياها “لا تستهدف فرنسا بل اليهود”.
فئات متعددة
تشير الإحصائيات الرسمية الفرنسية الى أن 7 % من الـ 230 ألف مهاجر الذين وصلوا إلى فرنسا في 2012 أتوا من المغرب و56 % منهم من النساء وتنطبق الأرقام ذاتها على الجزائر في حين يمثّل التونسيون3 % من المهاجرين إلى فرنسا ، وفي ما بين 2009 و2012، أشارت الإحصائيات إلى ارتفاع طفيف في عدد المهاجرين القادمين من القارّة الإفريقية (بمعدّل +1 % سنويًّا). هذا الارتفاع يعود أساسا إلى دخول المهاجرين المغاربة والتونسيين (+2,4 % و+2,9 % سنويا)، في حين أنّ معدّل القادمين من الجزائر تراجع (-2,6 % سنويًّا).
ولئن بلغ معدّل أعمار المهاجرين الّذين يعيشون في فرنسا 45 عامًا، فإنّ القادمين الجدد في 2012 أصغر من ذلك بكثير حيث يبلغ معدّل أعمارهم 28 عامًا. وفيما يتعلّق بالمهاجرين أصيلي المغرب فإن 50 % من القادمين في سنة 2012 تتراوح أعمارهم بين 19 و35 عامًا و25 % منهم أقلّ من سنة الـ 19 و25 % أكثر من سنّ الـ 35.
وأكد المعهد الفرنسي للإحصاء تزايد عدد القادمين الجدد من حملة الشهادات العليا مضيفا أن “الجزء الأكثر تكوينا علميا تزايد بالنسبة للمغاربة بـ 5 نقاط وللتونسيين بـ 4 نقاط والطلبة الجدد يأتون إلى فرنسا على نحو متزايد لمواصلة دراساتهم العليا” ، وبالنسبة للمهاجرين أصيلي المغرب فإن 35 % منهم لا يحملون أي شهادة و10 % يحملون شهادة الإعدادية و32 % يحملون شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) و23 % من حملة الشهادات العليا ، كما أن 44 % من المغاربة الّذين دخلوا إلى فرنسا في 2012 توظّفوا في بداية 2013. والنساء القادمات في الفترة نفسها يواجهن صعوبات أكثر من الرجال في الحصول على العمل، حيث إنّ من 13 بالمائة فقط من بين المغربيات الّلاتي وصلن إلى فرنسا في 2012 تحصلن على وظيفة في السنة الموالية.
مسلم يحكم فرنسا
تزامن الهجوم على مبنى صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية وقتل فريق تحريرها مع صدور رواية "تسليم" للمؤلف ميشال ويليبك، والتي يروي فيها كيف يحكم المسلمون فرنسا حيث يطرح مؤلفها فرضية فوز الحزب الإسلامي في الانتخابات الرئاسية للعام 2022 متحالفًا مع الاشتراكيين والوسطيين وقرار زعيمه محمد بن عباس بتكليف فرانسوا بايرو م زعيم حزب مودم الوسطي بمهمة رئيس وزراء
ويشير المراقبون الى أن هذه الرواية وإن كانت نابعة من خيال مؤلفها إلا أن تعبّر عن هاجس حقيقي لدى نسبة مهمة من الفرنسيين بإمكانية أسلمة مجتمعهم خلال العقود القادمة
وحسب دراسة علمية حديثة عن المسلمين في أوروبا فأن عدد المسلمين في فرنسا هو الأكبر من بين دول أوروبا الغربية، حيث يبلغ عددهم قرابة خمسة ملايين مسلم ،و لا تخلو حكومة فرنسية من وجود وزير مسلم واحد على الأقل،
ويعتبر الإسلام الدين الثاني في فرنسا حيث تشير أغلب التقديرات أن عدد المسلمين في فرنسا يترواح بين 5 إلى 6 ملايين. في حين قدرت وزارة الداخلية الفرنسية أعدادهم ب 4.5 مليون. فقط 33% من مسلمي فرنسا هم ممارسون وملتزمون في أداء الشعائر الإسلامية.
وهذه الأرقام ليست رسمية أو حكومية، نظرا لأن قانون الإعلام والحريات يمنع تعداد المواطنين حسب انتمائهم العرقي أو الديني أو الفلسفي. فطبيعة هذه الأرقام لا تتجاوز كونها استقراءات علماء الاجتماع واستطلاعات مختصّة للرأي.
ووفقا لدراسة لمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية فان الغالبية الساحقة من مسلمي فرنسا هم من المغرب العربي ونسبتهم 82% من مجمل مسلمي فرنسا. (43.2% من الجزائر، 27.5% من المغرب و11.4% من تونس) و9.3% من أفريقيا جنوب الصحراء و8.6% من تركيا و0.1% فرنسيون تحولوا إلى الإسلام (حوالي 70,000 متحول للإسلام)
لا خلط بين الإسلام والإرهاب
وتسعى الحكومات الأوربية الى تلافي أية محاولات خلط بين الإسلام والإرهاب ، حيث يعتقد جل المراقبين أن أية عملية خلط من هذا النوع ستسبب في إتساع دائرة التطرف والتعصب بشقيه الديني والعنصري مما يهدد السلم الإجتماعي في الدول الإوروبية ،وفي هذا الاطار دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الحزم إزاء معاداة السامية والعنصرية وعدم الخلط بين الإرهابيين والديانة الإسلامية ،وأضاف "يجب أن نكون صارمين في معاداة السامية والعنصرية ويجب ألا نخلط بين الإرهابيين والديانة الإسلامية"، متابعا: "منفذو العمليات الإرهابية (في فرنسا) لا علاقة لهم بالديانة الإسلامية".
في الأثناء حذر وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلونى مجددا من الخلط أو الربط بين الإسلام الحقيقي وبين الإرهاب وأكد جينتيلوني في تصريحات للتليفزيون الإيطالى أنه من الضروري التدخل بقوة ضد داعش ، لأن الإرهاب أصبح هو الوضع السائد في سوريا والعراق ،
كما قال مسؤولون أوروبيون إن حكومات دول الاتحاد الأوروبي ستقترح سياسات جديدة في الأسابيع القادمة إلى إقامة جبهة موحدة مع التحذير من الخلط بين الإسلام والإرهاب داعيا الى إظهار الوحدة وحث الناس على "الفصل التام بين كلمة إرهاب وكلمة إسلام".
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موجريني أنه "من الضروري الفصل بين كلمة إرهاب وكلمة إسلام. فلا يوجد دين يمكن أن يستغل لارتكاب مثل هذه السلوكيات القاسية واللاإنسانية ».
لوبان : إيديولوجيا اجرامية
بالمقابل قالت الزعيمة اليمينية مارين لوبان، إن "السبب الحقيقي وراء تنامي وتطاول هذا الإرهاب هو الهجرة المغربية إلى فرنسا » وأضافت أن الأحداث الأمنية التي تلت حادث الاعتداء على صحيفة "شارلي إبيدو" تنبئ بأن الوضع الأمني الداخلي لفرنسا يوشك على الانفجار و أشارت الى إن الهجوم وقع "باسم الإسلام المتطرّف » و أن الإسلام المتطرف يحمل "إيديولوجيا إجرامية تؤدي إلى حصد أرواح آلاف الضحايا في العالم".
وأكدت لوبان، في حديثٍ لصحيفة "لو موند" الفرنسية، إنه لا يجوز الخوف من تسمية الأشياء بأسمائها "وهو أن الهجوم الذي حدث هو هجوم إرهابي باسم الإسلام المتطرّف » داعية بلادها إلى "الردّ بحزم على هذه الهجمات"، مشيرةً إلى أن هناك "حرباً بين الإرهاب والديموقراطيات".
وأعلنت لوبان، أنها ترفض جملة وتفصيلاً أن تخلط بين المواطنين المسلمين المسالمين الذين يعيشون حياتهم الطبيعية في أمان، وبين الذين يعتقدون أن باستطاعتهم قتل أرواح الأبرياء باسم الإسلام، ولم تنسَ أن تجدد ذكر "الرابط" بين الهجرة المغاربية و"الإرهاب الإسلامي ».
تزايد المسلمين يثير المخاوف
وكان وزير الداخلية الفرنسي الأسبق كلود غيون إعتبر في العام 2011 أن تزايد عدد المسلمين في فرنسا يخلق مشكلة، مضيفا أن الحكومة ستأخذ عددا من القرارات لحماية مبادىء العلمانية. ويأتي هذا التصريح عشية الندوة التي سينظمها حزب اليمين حول العلمانية ، وقال غيان "في فرنسا، يعود القانون الذي ارسى العلمانية ومبدأ فصل الدين عن الدولة، الى العام 1905 » واضاف "في تلك الفترة، كان هناك عدد قليل من المسلمين في فرنسا. اليوم، يقدر عددهم بحوالى خمسة او ستة ملايين مسلم » واضاف "صحيح ان زيادة عدد المسلمين وبعض التصرفات يخلق مشكلة ».
وتبيّن من استبيان عن “الموقف المناهض” لتداخل الإسلام في الحياة السياسية أن 74% من الفرنسيين يعارضون دخول أحزاب أو ممثلين باسم الديانة الإسلامية إلى المعترك السياسي، في مقابل 43% في بريطانيا، و41% في هولندا، و32% في ألمانيا.
كما أصدرت كبرى المؤسسات البحثية الفرنسية “IFOP” تحذيرات من انتشار الإسلام في أوروبا عدة دراسات تحذيرية من بينها دراسة "نظرة الأوروبيين إلى الإسلام"، التي تضمنت استبيانات أجريت في أربع دول هي بريطانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا، وشملت نحو 3آلاف مواطن أوروبي تجاوز الثامنة عشر عاماً، خلال الفترة الممتدة من 9-18 أبريل 2011.
وأكدت الدراسة أن عدد السكان الذين يعتنقون الديانة الإسلامية في أوروبا الغربية يتراوح بين 12-13مليون مسلم من أصل 377مليون نسمة أي ما معدله 4% من السكان الأوروبيين، ووفقًا لتقديرات الدراسة فإن فرنسا تضم أكبر عدد من المسلمين على أراضيها حيث يبلغ عدد المسلمين بها نحو 5ملايين مسلم، تليها ألمانيا أكثر من 3ملايين مسلم، ثم المملكة المتحدة بأكثر من 2مليون مسلم ثم هولندا التي تضم 696000 مسلما
تهديد للهوية
ومن خلال استبيان تناول نظرة مواطني فرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا للمسلمين في بلدانهم اعتبر42 % من المستطلعين الفرنسيين، و40% من الألمان، و44% من الهولنديين، و47% من البريطانيين أن المسلمين يشكلون تهديداً لهويتهم، وهي النسبة الأعلى من بين إجابات أخرى رأت في وجود المسلمين عاملا من عوامل الثراء الثقافي، حيث أظهرت الأرقام أن 22% من الفرنسيين، و24% من الألمان، و19% في كل من هولندا وبريطانيا، يرون في وجود المسلمين بينهم عاملاً يثري ثقافة وطنهم، ومؤشرًا على التعددية الثقافية مقابل ذلك، أبدى 36% من الفرنسيين والبريطانيين، و37% من الهولنديين، و34% من الألمان عدم اهتمامهم بتفسير ظاهرة المسلمين في بلادهم.
بينما رأى 47% من المستطلعين في بريطانيا، و48% من الفرنسيين، و55% من الألمان، و60% من الهولنديين، أن المسلمين لا يندمجون غالبا في مجتمعاتهم، في مقابل 35% من البريطانيين، و32% من الفرنسيين، و25% من الألمان، و23% من الهولنديين يرون أن المسلمين مندمجين تماماً في مجتمعاتهم.
كما ألقى 61 % من الفرنسيين، و67 % من الألمان، و 61 % من الهولنديين، و64% من البريطانيين باللائمة على المسلمين، معتبرين أنهم هم من يرفضون الاندماج مع الآخرين. في حين رأى 40% من المستطلعين الفرنسيين، و34 %من الألمان، و47% من الهولنديين، و39% من البريطانيين أن الاختلافات الثقافية الشديدة هي السبب، ليعزو 37 % من الفرنسيين، و32 % من الألمان، و 34 % من الهولنديين، و58% من البريطانيين، سبب عدم اندماج المسلمين إلى حصر وجود المسلمين في مدارس ومناطق معينة، بينما انخفضت هذه النسب للأسباب “العنصرية” والصعوبات الاقتصادية.
مظاهر إسلامية
وانتقلت الدراسة للبحث في المظاهر التي تدل على تواجد المسلمين، كالحجاب والمساجد، والتي قد تثير حفيظة الأوروبيين المتمسكين بفصل الدين عن الدولة. حيث إن شريحة واسعة من الأوروبيين ترى في هذه المظاهر تحديا حقيقيا لسياسة العلمانية، ظنا منهم أن المسلمين في أوروبا يسعون لأن يكون التشريع الإسلامي مصدرا للحكم في حين أن الأوروبيين ناضلوا على مرّ التاريخ لحجب تأثير الدين عن الحياة اليومية، ولفصل سلطة الكنيسة عن الحكم.
هذا التخوف تجسد في نتائج استبيان عن “الموقف المناهض” لتداخل الإسلام في الحياة السياسية، حيث تبين أن 74% من الفرنسيين يعارضون دخول أحزاب أو ممثلين باسم الديانة الإسلامية إلى المعترك السياسي، في مقابل 43% في بريطانيا، و41% في هولندا، و32% في ألمانيا.
وتكشف هذه الدراسة عن مؤشرات في المجتمع الأوروبي، من بينها تداول مصطلحات تميز بين المواطن الأوروبي وبين “المسلم”، حيث لم يعد المنشأ الجغرافي للمهاجرين هو المهم بالنسبة للأوروبيين، بقدر ما يتم التركيز على الديانة، فبدلا من استخدام مصطلح “السكان من أصل شمال إفريقي”، حلّ محله مصطلح “عدد السكان من أصل مسلم”، سواء في وسائل الإعلام أو في التصريحات السياسية،