نفى رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا عبد الله الثني، أن يكون هو شخصيا بصدد مغادرة موقعه على رأس الحكومة التي يترأسها منذ مارس (آذار) من العام الماضي، معتبرا أن منصب رئيس الوزراء في ليبيا مغرم وليس مغنما. وقال الثني في حوار مع «الشرق الأوسط»: «عندما أشعر بأنني لم أعد قادرا على الإيفاء بمتطلبات هذا المنصب، سأغادر لأمنح المجال لغيري». ورأى أن حكومته تعمل في ظروف صعبة ومستحيلة، مشيرا إلى أن أغلب مؤسسات الدولة تمت السيطرة عليها من قبل الجماعات المسلحة في العاصمة طرابلس بما في ذلك مقرات الحكومة والأرشيف الخاص بها. ولفت الثني إلى الوضع الاقتصادي شبه المنهار وخصوصا مع اتساع رقعة المواجهات مع هذه الجماعات، وتدني إنتاج النفط الذي تزامن مع انخفاض أسعار النفط عالميا مما قلل من إيرادات الدولة، مؤكدا أن الظروف التي تعمل فيها الحكومة صعبة وتزداد صعوبة كل يوم. وقال الثني إن إحدى أولويات هذه الحكومة هي إعادة بناء الجيش، ودعا المواطنين إلى التحلي بمزيد من الصبر والالتحام مع حكومته الشرعية لتسير بالبلاد إلى الأمام.. وفيما يلي نص الحوار:

* هل فعلا تعتزم الاستقالة من منصبك رئيسا للحكومة الانتقالية؟

- هذا غير وارد، وفي كل الأحوال فإن منصب رئيس الحكومة في ليبيا في هذا الوقت وفي ظل هذه الظروف يعتبر مغرما وليس مغنما، وهو عمل وطني وتضحية بكل شيء في سبيل وضع قطار الدولة الليبية على الطريق الصحيح بمساعدة كل الشرفاء في ليبيا الذين يسعون لهذا الهدف النبيل، وعندما أشعر بأنني لم أعد قادرا على الإيفاء بمتطلبات هذا المنصب سأغادر لأمنح المجال لغيري. ومجلس النواب هو الذي يكلف رئيس مجلس الوزراء بهذه المسؤولية وهو الذي بإمكانه أن يعفيه إذا كانت هناك أسباب قوية لذلك.

* يقال: إن الحكومة تعمل في ظروف صعبة.. فهلا شرحتها لنا؟

- الحكومة لا تعمل فقط في ظل ظروف صعبة؛ بل أحيانا مستحيلة، فأغلب مؤسسات الدولة تمت السيطرة عليها من قبل الجماعات المسلحة في طرابلس وتشمل مقرات الحكومة والأرشيف الخاص بها. ونحن الآن نحاول إعادة بناء هذه المؤسسات، هذا بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي شبه المنهار وخصوصا مع اتساع رقعة المواجهات مع هذه الجماعات، وتدني إنتاج النفط الذي تزامن مع انخفاض أسعار النفط عالميا مما قلل من إيرادات الدولة، في الوقت الذي اتسعت فيه الالتزامات تجاه الكثير من الملفات وعلى سبيل المثال المهجرون واللاجئون في الداخل والخارج وكما تعلمون فالدولة تعتمد بشكل كامل على بيع النفط. وبالتالي فإن الظروف صعبة وتزداد صعوبة كل يوم.

* من يعطل عمل الحكومة؟

- من يعطل عمل الحكومة، هي: الظروف العامة التي تمر بها البلاد من اقتتال وتهجير وصراعات آيديولوجية، وكل طرف يرغب في فرض رؤيته بالقوة.. كل هذه الأمور تثقل كاهل الحكومة وتشل حركتها، ورغم ذلك فالحكومة تعمل وتحاول أن تنجز واقعا على الأرض، وتحاول الوفاء بالتزاماتها خصوصا أن هذه الحكومة هي حكومة كل الليبيين والمعترف بها دوليا.. والأمر يحتاج إلى مزيد من الصبر.

* أنتم نفيتم تورط السودان في دعم الجماعات المتطرفة.. ولاحقا هناك معلومات تقول إن فنيين سودانيين هم من أصلحوا طائرات فجر ليبيا.. كيف تفسرون هذا؟

- قمت بزيارة السودان الشقيق وقد تباحثنا مع الجانب السوداني حول مختلف القضايا التي تهم الشعبين الشقيقين، وما لمسته من الأشقاء في السودان هو حرصهم الشديد على أمن واستقرار ليبيا، وأبدوا استعدادهم للمساهمة في إنجاح أي حوار وطني ينقذ ليبيا من الأوضاع الصعبة التي تمر بها، كما نفوا أي دعم للجماعات المسلحة، وأكدوا ذلك أكثر من مرة وفي حالة إثبات عكس ذلك سيكون لكل حادث حديث.

* وكيف ترد على من يقول بعدم دعم قوات الجيش في معركتها ضد المتطرفين؟

- الحكومة بكل إمكانياتها تقف مع الجيش في معركته مع الإرهاب، سواء كان ذلك ماديا حيث خصصت ملايين الدينارات لتسليحه رغم الظروف المالية الصعبة التي تعانيها الحكومة، أو معنويا أو دبلوماسيا، باعتبار أن الجيش هو إحدى مؤسسات الدولة الهامة والأساسية وهو تحت إمرة الحكومة، كما أن إحدى أولويات هذه الحكومة هي إعادة بناء الجيش الليبي.

* ماذا تقول للمواطن الليبي الذي يشعر بأن الحكومة لم تحقق له كل شيء؟

- على المواطن التحلي بمزيد من الصبر والابتعاد عن الأنانية والالتحام مع حكومته الشرعية، لتسير بالبلاد إلى الأمام، فالحكومة لن تستطيع تحقيق أي شيء بمنأى عن مساهمة المواطن في إحداث التغيير اللازم للأفضل.

* وهل لديك أي تعليق على دعوات التدخل العسكري الدولي التي خرجت من فرنسا والنيجر وتشاد؟

- ليبيا موقفها ثابت ضد أي تدخل من أي طرف على الأرض الليبية، كل ما نطلبه من المجتمع الدولي هو مساعدتنا في معالجة الأوضاع في بلادنا وإمدادنا بالخبرات وبالأجهزة والمعدات، والأهم من ذلك رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي حتى يتمكن من بسط سيطرة الدولة على كافة التراب الليبي، ولن تجد مواطنا يرحب بأي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الليبية.

* ومتى ستعود الحكومة إلى العاصمة طرابلس؟

- ستكون عودة الحكومة إلى العاصمة طرابلس فور تحريرها من الجماعات المسيطرة عليها وعلى مقرات ومؤسسات الحكومة.

* هل أنت على اطلاع بخطة الجيش لتحريرها؟

- طبعا نحن على اطلاع بكل ما يجري، وهناك تنسيق كامل؛ ولكن يبقى للجيش خططه التي لا يمكن إعلانها في وسائل الإعلام.

* كيف أضرت حرائق النفط بالاقتصاد الليبي؟

- بالتأكيد الحرائق التي تعرضت لها المنشآت النفطية ألحقت الضرر الكبير بالاقتصاد الوطني سواء على صعيد إحراق ملايين البراميل من النفط أو ما نتج عن ذلك من تلوث بيئي، أو تكاليف الإطفاء أو خسائر التصدير وهذا أمر غير مقبول، وستتم محاسبة الذين كانوا وراء هذا العمل الإجرامي. وفي هذا الصدد نتقدم بالشكر والعرفان لرجال الإطفاء الليبيين الذين واصلوا الليل بالنهار وعلى مدى عدة أيام واستطاعوا إطفاء هذه الحرائق بإمكانيات بسيطة وفي ظل ظروف صعبة، وهذا دليل على وطنية هؤلاء الرجال ومدى حبهم لليبيا.

* ماذا عن الملاحقة القضائية لقوات فجر ليبيا؟

- لقد اتخذت وزارة العدل الإجراءات اللازمة بشأن إعداد بطاقات جلب في حق كل من ارتكب جرائم حرب من مجموعات ما يسمى بفجر ليبيا أو غيرها من الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، وسيمثلون أمام القضاء ليقول كلمته فيهم.

*نقلا عن الشرق الأوسط