اعتمد مجلس الأمن الدولي، مؤخرا القرار رقم 2486 الذي مدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حتى الخامس عشر من سبتمبر 2020، تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام، غسان سلامة.
 
 
وأوضح القرار الذي تقدمت بمشروعه المملكة المتحدة لبريطانيا وأيرلندا الشمالية، أن البعثة ستتولى بوصفها بعثة سياسية متكاملة، وبما يتفق تماما مع مبادئ الإمساك بمقاليد الأمور على الصعيد الوطني، ممارسة الوساطة وبذل المساعي الحميدة لدعم قضايا خمس، وهي إجراء عملية سياسية وحوار أمني واقتصادي شاملين للجميع؛ الاستمرار في تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي؛ توطيد الترتيبات التي اتخذتها حكومة الوفاق فيما يتعلق بالحوكمة والأمن والشؤون الاقتصادية، بما في ذلك دعم الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية؛ إمكانية وقف إطلاق النار؛ سير المراحل اللاحقة من العملية الانتقالية الليبية، بما في ذلك العملية الدستورية وتنظيم الانتخابات.



حيثيات القرار

 وقرر أعضاء مجلس الأمن أيضا أن تقوم البعثة، في حدود القيود التشغيلية والأمنية، بمهام "دعم المؤسسات الليبية الرئيسية؛ وتقديم الدعم، بناء على الطلب، من أجل توفير الخدمات الأساسية وإيصال المساعدات الإنسانية، وفقا للمبادئ الإنسانية؛ ورصد حالة حقوق الإنسان والإبلاغ عنها؛ وتقديم الدعم لتأمين الأسلحة والعتاد المتصل بها غير الخاضعة للمراقبة ومكافحة انتشارها؛ وتنسيق المساعدة الدولية وتقديم المشورة والمساعدة دعما للجهود التي تقودها حكومة الوفاق الوطني في سيبل تحقيق الاستقرار في المناطق الخارجة من النزاع، بما فيها المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش".
 
ورحب مجلس الأمن بالتقدم الذي تحرزه البعثة في استعادة وجودها في طرابلس وبنغازي وأجزاء أخرى من ليبيا، حسبما تسمح الظروف الأمنية كما رحب بالتقدم المحرز في وضع استراتيجية شاملة وزيادة التكامل والتنسيق الاستراتيجي بين البعثة ووكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها في ليبيا بهدف دعم الجهود التي تقودها حكومة الوفاق الوطني في سبيل تحقيق الاستقرار في ليبيا، مشجعا على مواصلة العمل في سبيل ذلك.
   
** ردود الأفعال:
 
هذا وتستعرض معكم مجلّة "المرصد"  بعض من ردود الأفعال الصادرة حول هذا القرار والتي نسردها في السطور التالية

جاء رد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، كما هو متوقع من المشهد الليبي، حيث أعرب عن ترحيبه بقرار مجلس الأمن بشأن تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مجددا في بيان أصدره، تأكيده على ضرورة وقف الاشتباكات في طرابلس، لافتا إلى أن حكومة الوفاق ستعمل بجدية بالتعاون مع الخبرات الدولية المختصة على توحيد جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية وتطبيق الترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق السياسي، واستكمال مشروعها لبناء وتفعيل قوات عسكرية وأمنية محترفة ومدربة تحت السلطة المدنية والخبرات الدولية في هذا المجال.
 
كما رحب مجلس النواب الموازي في طرابلس بقرار مجلس الأمن الأخير حول ليبيا، مطالبا البعثة الأممية بمضاعفة جهودها والإسراع في وضع توجيهات المجلس قيد التنفيذ.

  من جانبه رأى أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، مصطفى الزائدي، أن من أسباب فشل البعثة الأممية إلى ليبيا هو اعتمادها على موظفين صغار من بعض الدول لديهم أجندات خاصة في ليبيا، داعيا المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ونائبته ستيفاني وليامز إلى ضرورة التخلص من نفوذ المستشارين الغرضيين والموظفين الفاسدين إذا كانوا راغبين في تحقيق نجاح في حل الأزمة الليبية.
 
في الوقت ذاته قال أحد أعيان ووجهاء الزنتان محي الدين الكافالي، في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، "إن إطالة الأزمة الليبية وتدويلها من أهداف ما يسمى بالمجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى، حيث أن الشكل الذي ستكون عليه ليبيا بعد إنهاء الاقتتال بين القوات المسلحة العربية الليبية والمؤدلجين بمختلف توجهاتهم، مازال محل خلاف بين تلك الدول في كل الجوانب، اما تمديد فترة غسان سلامة فهو أفضل المتاح لديهم، خاصة بعد وجود نائبة أمريكية له والتي تعتبر حسب وجهة نظري هي المبعوث الرسمي، وأن سلامة دوره توصيل رأي أمريكا وحلفاءها"، بحسب تعبيره

  فيما رأى عضو مجلس النواب علي السعيدي، أن موعد انتهاء عمل البعثة الأممية في ليبيا سيأتي عندما تنتهي العمليات العسكرية في البلاد.
 
وقال السعيدي في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، في رد على سؤالنا حول موقفه إزاء قرارا مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة عام حتى 15 سبتمبر 2020، "بخصوص تمديد البعثة الاممية في ليبيا نحن في انتظار إنهاء العمليات العسكرية في غرب البلد وكذلك في كل الوطن لإنهاء الإرهاب والتطرف في ليبيا، وعليه عندما تنتهي العمليات العسكرية ينتهي عمل البعثة الأممية في ليبيا".
 
 
ومن ناحيته قال عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن قرار تمدید عمل البعثة كان متوقعا بالنسبة لي، لعدة أسباب أهمها أن المجتمع الدولي لا يزال منقسما بشأن التعامل مع المسألة الليبية وإبقائه على المبعوث الأممي غسان سلامة يعني أن الوضع سيبقى على ماهو عليه".

وتابع الدرسي، "أن من أهم أسباب التمديد لسلامة هو موقفه المجامل للقوى الكبرى داخل مجلس الأمن، وعدم اتخاذه مواقف حادة وقوية قد تحرج بعض أعضاء مجلس الأمن ما جعله محل رضا من الجميع، وفي المجمل فأن سلامة في محصلة عمله لم يقدم أي جديد، عطفا على ما سبقه من المبعوثين ولم تتقدم العملية السياسية في عهده قيد أنملة، بل زاد الوضع تعقيدا وانقساما وزادت الأزمات الاقتصادية والجهوية في ليبيا الا إذا استثنينا كلامه عن المؤتمر الجامع".

  بينما اتهم عضو مجلس النواب سعيد امغيب، المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة بمحاولة استنساخ مؤتمر غدامس الجامع.
 
وقال امغيب، في تصريح خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منه، " إن المبعوث الأممي غسان سلامة يحاول مرة أخرى استنساخ مؤتمر غدامس الجامع كما كان يسميه، بالدعوة إلى اجتماع برلين، حيث لا أجندة واضحة لهذا المؤتمر المرتقب ولا إجابات لأسئلة ملحة عند غسان سلامة". 

وتابع امغيب، "هذا المؤتمر الغامض أعتقد أنه مقترح من قبل حكومات نفس الدول التي ورطتنا في اتفاق الصخيرات، والتي منحت مخرجاته الشرعية الدولية، فكانت النتيجة اعتراف دولي منح لمجلس رئاسي لحكومة سميت تجاوزاً حكومة الوفاق، التي لم تقدم للوطن إلا الدمار ومزيد من الانقسام والتشظي والعبث بالسيادة الوطنية ونهب وإهدار الكثير من المال العام وكل مقدرات الشعب الليبي، ولم يجد منها المواطن الليبي البسيط إلا الفقر والعوز... غسان سلامة الذي لا يهمه إلا استمرار عمل بعثته اشترط على هذه الدول تمديد عمل البعثة مقابل اتمام هذه المهمة التي اجزم إنها لن تنجح، ها هو اليوم بعد أن تحصل على التمديد الذي يريد يحشد الآن لمؤتمر برلين الذي لن يقدم أي جديد ولن يراعي إلا مصالح هذه الدول". 

  وفي السياق قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن الشاطر، "بعد تمديد مهمته سنة أخرى، أتمنى على غسان سلامة أن لا يواصل الدوران في حلقة مفرغة. الحل ليس في تقاسم السلطة لأن أحدا لا يملك الحق في امتلاك ليبيا.. ضرورة إعادة الأمانة للشعب الليبي لينتخب مجلسا تشريعيا جديدا، فقط مهمته إعادة تشكيل المشهد السياسي".

وتابع الشاطر، "ليس أمام البعثة الأممية الا طريق واحد لدعم الاستقرار في ليبيا الطلب في كل لقاء بدول محور الشر الكف عن وسحب جنودهم وآلياتهم التي تزعزع الاستقرار. وليس أمام السراج الا أن يقف وقفة عز ويطالبهم بالاسم بالكف عن قتل مواطنيه. غير ذلك لا يوجد حل".

 
المتخصص فى شؤون مكافحة الإرهاب الدولي د. محمد ابوراس الشريف، رأى أن الأمم المتحدة لا تزال تمارس دور الوصاية على ليبيا من خلال البعثة التى تلعب دور رئيس فى توازن القوى وعدم الحسم النهائي للملف الليبي، قائلا إن "هذا الأمر يعد أمر سلبي يؤثر فى أي مسار للحل ويزيد الأمر تعقيدا، وتجديد وتمديد مهام البعثة أمر طبيعي بسبب الموقف الدولي الذي يتجه نحو تطوير وتطويع الأطراف الليبية سياسيا من خلال المؤتمر الذي سيعقد فى ألمانيا خلال الفترة القادمة، والذي سيطرح خمس نقاط أو المسارات الخمس وأهمها: نزع السلاح من المليشيات، وتمكين الجيش من السيطرة على الثكنات والحدود، وتفعيل حظر السلاح، واستبعاد أي عنصر يثبت تورطه فى دعم المجموعات الإرهابية وهذا الطرح قد لا يعجب الكثير من الدول مثل قطر".