قالت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول «نزعة الإرهاب»، إن الجهود الكبيرة المبذولة في ملاحقة زعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري وتنظيمه، أدت إلى تسريع اللامركزية في التنظيم، وظهور جماعات أخرى مرتبطة بها تشكل خطورة أكبر.

وأوضحت الخارجية الأميركية أنه رغم تناقص قدرة القيادة المركزية لتنظيم القاعدة على تسيير عملياتها خارج قاعدتها في باكستان أصبحت ضعيفة ، إلا أن تنظيمات أخرى مرتبطة بها نمت لتصبح أكثر خطورة وتهديدا.

وأشار التقرير بهذا الخصوص إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بقيادة ناصر الوحيشي, يعدّ من أكثر الأنظمة المرتبطة بـ«القاعدة» خطورة على الولايات المتحدة الأميركية والأميركيين في اليمن، إلى جانب مصالح واشنطن في اليمن.

وتوقف التقريرعند ناصر الوحيشي الذي يزداد نفوذه، والذي وصل أخيرا ليكون الرجل الثاني بتنظيم القاعدة خلف أيمن الظواهري، حيث تمكن من تنفيذ أكثر من 100 هجوم داخل اليمن في عام 2013,

وقال تقرير الخارجية الأميركية في التقييم السنوي للاتجاهات وأحداث الإرهاب الدولي، أول من أمس،أن الولايات المتحدة تعتبر أن تزايد عدد الجماعات العدوانية المنشقة عن تنظيم القاعدة يشكل تهديدا للأمن. وأوضح التقييم أن التهديد الإرهابي استمر في التطور بسرعة في عام 2013، مشيرا إلى أن عددا متزايدا من الجماعات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى، تعمل باستقلالية أكبر عن القيادة المركزية وتشكل تهديدا للولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها.

وقد "تراجعت"القيادة الأساسية لتنظيم القاعدة بسبب الجهود العالمية الجارية ضد المنظمة، ولكن الجماعات التابعة المستقلة والجماعات التي تشاركها التفكير في الشرق الأوسط وأفريقيا استغلت حالة عدم الاستقرار في المنطقة خلال العام الماضي، لتوسيع عملياتها، وعلى الأخص في اليمن وسوريا والعراق وشمال غربي أفريقيا والصومال.
وتسبب القضاء على أعضاء مهمين من قيادة تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان في تشجيع هذا الاتجاه.
وأشار التقرير إلى أن هناك خطرا إضافيا يشكله المتشددون الأفراد الذين يتسمون بالعنف، مثل أولئك الذين كانوا وراء الهجوم على ماراثون بوسطن في 15 أبريل (نيسان) 2013. وقالت ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه على الرغم من زيادة عدد الهجمات الإرهابية خلال عام 2013 من 600 إلى 900 هجوم، فإنها كانت أصغر حجما واتسمت بالطابع المحلي في الغالب، وكان عدد الهجمات ضد الأميركيين قليلا جدا، وذلك منذ فترة طويلة، وقد واصل العدد تراجعه.
وكشف التقرير أيضا أن زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري, فقد شيئا من النفوذ والسيطرة على مقاتلي التنظيم الذي كان يتمتع به سلفه أسامة بن لادن, مشيرا إلى أن أوامر الظواهري «عصيت بشكل متكرر, ورفضت محاولاته للتوسط في النزاع بين الجماعات التابعة للتنظيم الناشطة في سوريا».
ويقاتل في سوريا ضد الجيش النظامي مجموعات متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة، أبرزها «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش), و«جبهة النصرة», وتتبع «جبهة النصرة» لتنظيم القاعدة، بينما أعلنت الأخيرة أخيرا أنها لا صلة لها بـ«داعش»، وأنها غير مسؤولة عن أفعالها، بعد أن أعلن زعيم «القاعدة» الظواهري إلغاء «داعش»، الأمر الذي رفضه التنظيم.
وتشكل تنظيم دولة العراق الإسلامية، التابع لـ«القاعدة» عام 2006 في العراق، ويضم في صفوفه عربا وأجانب متشددين، ويقوده حاليا أبو بكر البغدادي، وأعلن عن وجوده في سوريا مطلع أبريل (نيسان) 2013، بعدما قال إن تنظيم جبهة النصرة، امتداد له في سوريا، مشيرا إلى دمج التنظيمين باسم جديد هو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، قبل أن يتنصل الجولاني لاحقا من إعلان البغدادي.
وقالت السفيرة ومنسقة مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية تينا كايدناو, إن التوجيهات التكتيكية التي أصدرها الظواهري لتقليل الأضرار الجانبية، خاصة فيما يتعلق بالهجمات العنيفة المتزايدة من قبل الجماعات التابعة لـ«القاعدة» ضد المدنيين على الزوار في العراق وموظفي المستشفى والمرضى في اليمن، والأسر في مركز تجاري في كينيا جرى تجاهلها.
وأضافت أن قيادة تنظيم القاعدة سعت جاهدة لـ«المحافظة على الانضباط»، لأن الجماعات داخل التنظيم أصبحت «أكثر استقلالا من الناحية العملية، وركزت بشكل متزايد على الأهداف المحلية والإقليمية», مشيرة إلى أن «السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور مجموعات موالية لـ(القاعدة) أو تتبنى تفكيرها وأكثر عدوانية في كل من سوريا واليمن والعراق وشمال غربي أفريقيا والصومال».
وأوضحت السفيرة كايدناو أن «سبل تمويل تنظيم القاعدة تفككت، فتحولت الجماعات الإرهابية إلى مجموعة من الأنشطة الإجرامية لجمع الأموال اللازمة، حيث يظهر الاختطاف للحصول على فدية الأكثر شيوعا والأكثر ربحية كمصدر تمويل غير مشروع». ولفتت إلى أن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء سوريا التي تحولت إلى ساحة قتال رئيسة للإرهاب على جانبي الصراع، الذي شهد أيضا زيادة في التمويل والمقاتلين إلى جانب النظام السوري».
وكشفت دراسة أكاديمية نشرتها صحيفة «غارديان» البريطانية, في وقت سابق من الشهر الحالي, أن «هناك نحو 11 ألف مقاتل أجنبي متطرف يشاركون بالجهاد في سوريا، من بينهم نحو 2800 من أوروبا أو الغرب, وسط تخوف من المجتمع الدولي من امتداد الأزمة السورية ونشاط المجموعات المتطرفة إلى دول أخرى».
ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه أعمال العنف والعمليات العسكرية والمواجهات بين الجيش ومقاتلين معارضين في مناطق عدة من البلاد، في حين تغيب الحلول السياسية، في وقت قدرت فيه منظمات حقوقية عدد القتلى منذ بدء الأزمة بأكثر من 150 ألفا، في حين اضطر ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص للنزوح خارج البلاد هربا من العنف الدائر في مناطقهم.

* صحيفة "الشرق الأوسط"