شهدت ليبيا مؤخراً موجة كبيرة من التغيرات المناخية والتي أصبحت تمثل تهديداً كبيراً للبلاد التي تعاني بالفعل من أزمات اقتصادية، كما أصبحت تنذر بأزمة غذائية كبرى.

وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي إن ليبيا تعد من أكثر دول العالم تضرراً من آثار التغير المناخي والاحترار العالمي، داعية إلى سرعة التخطيط للتخفيف من آثار هذه التغيرات الشديدة وعواقبها على البلاد.

كما حذرت من موجات جفاف وحرائق وندرة في المياه وارتفاع منسوب مياه البحر، وفيضانات وعواصف وتراجع في التنوع البيولوجي، فضلا عن تحديات في الزراعة.

وانخفض منسوب الأمطار في ليبيا بعد أن كانت تستقبل نحو ملياري متر مكعب من المياه سنويا، ليتراجع بنسبة تزيد على 75 بالمئة بعد رصد 400 مليون متر فقط مخزنة داخل السدود.

وحذرت تقارير أممية من احتمال تهديد ذلك لمستقبل البلاد، بعد تسجيل تراجع في الموارد المائية وارتفاع مستمر في درجات الحرارة.

فوفق "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية"، أضحت ليبيا "إحدى أكثر دول العالم جفافا"، حيث تراجع منسوب مياهها الجوفية في معظم مناطق البلاد، وزاد الضغط والهجمات على النهر الصناعي، الذي يوفر نحو 60 في المئة من جميع المياه العذبة المستخدمة في ليبيا.

في هذا الصدد، أفاد التقرير أنه "ومع تعرض سكان ليبيا لحرارة الصيف الخانقة، وسط انقطاع التيار الكهربائي الحاد، فإن الضرر المستمر لنظام المياه يهدد صحة الناس ومستويات النظافة الصحية ويزيد من خطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية".

في المقابل، سجل التقرير اضطرابا مناخيا في عدد من المناطق الأخرى من البلاد، التي أصحبت هي الأخرى تتعرض لعواصف رملية وفيضانات، ما يشكل "تهديدا كبيرا للتنمية الاقتصادية والاستدامة في ليبيا".

ومن نتائج ذلك، يقول التقرير، زادت هذه الظروف المناخية من معاناة الفئات الهشة في ليبيا، وأدت إلى تفاقم وضعهم، ما دفع الكثير منهم إلى النزوح.

وفي ذات السياق، قال جاستين برادي، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ليبيا، "نحن قلقون للغاية بشأن الطقس المتطرف وتغيير المناخ في ليبيا على نطاق لا يمكن للناس والمجتمعات الإنسانية والإنمائية المساعدة في إدارته".

وأطلق "الصليب الأحمر" صرخة تحذير من أن النزاع الدائر في ليبيا جعل البلاد عرضة لنقص حاد في الغذاء، الناجم أساساً عن التغيّر في المناخ.

وتجدر الإشارة إلى أن أنحاء ليبيا تتأثّر بشكل غير متناسب بعوامل تغيّر المناخ، والبلاد مصنفة ضمن الدول الأقل تهيّؤاً لمواجهة مخاطر التقلب المناخي على مستوى دول العالم.

واستناداً إلى تقارير "البنك الدولي"، أدّى الشح في الموارد المائية المتجددة في ليبيا، إلى جانب الجفاف والتربة غير الصالحة، إلى الحد من الإنتاج على نحو كبير، ما جعل البلاد تعتمد على استيراد قرابة 75 في المئة من الأغذية التي تحتاج إليها لتلبية الطلب المحلي. وتبدو هذه التداعيات جلية في الوقت الراهن في الأسواق الليبية المحلية.

وفي هذا الصدد، تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه في بلد معظم أراضيه صحراوية ولا تزيد نسبة الأراضي الصالحة للزراعة عن 2%، يهجر المزيد من المزارعين نشاطهم الزراعي، في ظل ندرة موارد المياه، والأراضي التي ترويها مياه الأمطار تنتج محاصيل ضئيلة للغاية بسبب موجات الجفاف".

واعتبرت اللجنة أن "ليبيا تتأثر من تغيّر المناخ بدرجة أكبر من غيرها، وهي مصنفة ضمن البلدان الأقل استعدادًا لمواجهة الأخطار المناخية على مستوى العالم".

ونبّهت إلى أن تغيّر المناخ يُعرّض البلاد لظواهر مناخية متطرفة، مثل تزايد العواصف الرملية والترابية وموجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عن ارتفاع شدة هذه الظواهر.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن هناك عوامل طبيعية وبشرية مسببة للتغيرات المناخية معظمها مرصود في ليبيا، مثل التذبذب الحراري في مياه البحار والنشاط البركاني وتزايد تركيزات غازات الاحتباس الحراري، وتغير الدورة العامة للرياح، فضلا عن اختفاء الغطاء النباتي في البلاد وتراجع مساحة الغابات التي كانت تمتص بشكل كبير الملوثات المسببة للتغيرات المناخية فضلا عن أن السواحل الليبية بالفعل تأثرت بالتغيرات المناخية بسبب الأنشطة البشرية المضرة، وعدم العناية بها وتركها فريسة لجرف الرمال والتآكل.