"اليوم أي نعم اليوم شباب سيدي حسين خرج لشارع قايلة كاملة يدور فى الشارع يوعّي فى أهالي المنطقة متاعو.. شباب خرج خايف على خواتو خايف على اولاد حومتو كبار وصغار شباب يوعّي.. رغم ضعف الإمكانيات شباب عندو آلاف الحلول بش يعملها..." تدوينة للمصور الصحفي التونسي أيمن العقبي غزت مواقع التواصل الاجتماعي وتداولتها وسائل الإعلام المحلية مصحوبة بصور لشباب الحي الشعبي بسيدي حسين وهم يجوبون شوارع الحي لتوعية المواطنين وجمع التبرعات من حي يعتبر الكثيرون من سكانه من الفئة المتوسطة إلى الفقيرة.

وقبلها بأيام أبهر رئيس بلدية الزهراء بالضاحية الجنوبية بالعاصمة تونس البلاد بتركيز مستشفى ميداني كامل المعدات. وغزت صور المستشفى  مواقع التواصل الاجتماعي حيث لاقت هذه المبادرة التي تم تنفيذها بمجهودات متساكني بلدية الزهراء وأموالهم الخاصة استحسانا واسعا وباتت أغلب البلديات والمدن التونسية والمواطنين ينسجون على منوالهم لتوفير آلات أكسجين والسعي لتركيز مستشفيات ميدانية في قادم الأيام.

و قد أفاد رئيس البلدية محمد ريان الحمزاوي في فيديو نشره على صفحته على الفايسبوك  جاهزية مركز عزل المصابين بفيروس كورونا لاستقبال المرضى انطلاقا من يوم الإثنين، و يتكون مركز العزل  من 20 سرير :" تم تنفيذه  في أقل من أسبوع بمجهودات محلية و  بتجهيزات عصرية  مضيفا،"اخرجناها من الحسابات الضيقة و قمنا بذلك بمجهودات المواطنين و المتطوعين من أطباء و صيادلة و تجار و جمعيات و حتى العاطلون عن العمل ساهموا في هذا المجهود " و دعا رئيس بلدية الزهراء المتساكنين إلى مزيد التعاون و المساهمة في المجهود الوطني :" هذا عمل جماعي ودورنا للخروج من الازمة ".

صور كثيرة وفيديوهات ومبادرات فردية وجماعية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية توثّق المد التضامني الواسع الذي اجتاح البلاد التونسية للتصدي لـ"جائحة الموت والعذاب" التي أرهقت أعتى الدول. فمع الإرتفاع الكبير الذي شهدته إحصائيات كورونا وتسجيل أرقام قياسية جديدة في الإصابات التي قاربت 10آلاف إصابة يومية ووفيات فاقت 160 حالة وفاة مسجلة خلال 24 ساعة، حصيلة أرهقت المستشفيات التونسية والإطار الطبي والشبه الطبي. لكن هذا الانفجار المفاجيء للمد التضامني الكبير محليا وعربيا جعل بوادر الإنفراج قريبة جدا حسب عضو عمادة الأطباء التونسيين شكري عزوز الذي أكد أن" الأزمة الصحية ستنتهي في غضون أسبوعين".

من جهة أخرى أعلنت سفارة تونس في باريس الشروع أمس الأحد بمقرها في تجميع المساعدات العينية والمالية لدعم المؤسسات الصحية التونسية في مجابهة تفشي فيروس كورونا.
 وحثت السفارة التونسية بفرنسا، في بلاغ نشرته على صفحتها على "فايسبوك"، التونسيين المقيمين بفرنسا من أشخاص طبيعيين وجمعيات وأصحاب مؤسسات على معاضدة المجهود الوطني المبذول من أجل التصدي لفيروس كورونا بتونس، عبر المساهمة في دعم المؤسسات الاستشفائية في هذا الظرف وذلك من خلال اقتناء تجهيزات ومعدات طبية وشبه طبية ضرورية لفائدتها أو تقديم مساعدات مالية.

 وكذلك انتشرت الصور والفيديوهات للمحاولات الفردية والجماعية لتقديم مبادرات وحلول لمساعدة" الوطن" في محنته. وقد أعلنت الدولة التونسية بدورها عن رفع الآداءات عن المعدات الطبية التي سيجلبها أي مواطن تونسي من الخارج.

وقد أعلنت لاعبة التنس التونسية الدولية أنس جابر، في تسجيل مصوّر نشرته اليوم الإثنين، على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"،أنها قررت عرض المضرب الذي خاضت به منافسات بطولة ويمبلدون للبيع وتخصيص ثمنه لشراء الأدوية والمعدّات الطبية لمرضى كورونا.

وقالت أنس جابر: "مثل كلّ التونسيين، لا أريد مشاهدة بلدي يمر بهذا الظرف الحرج، لذلك قررت بيع مضرب التنس الذي أملكه، والسعر الإفتتاحي هو 700 دولار (ألفا دينار تونسي)، فلمن يملك الرغبة في اقتنائه يمكنه الاتصال بنا، أتمنى أن تعجبكم الفكرة".

هذه المبادرات المتلاحقة لم تستثني وجها من أوجه المساعدة والتطوّع، فقد وضع نادي الغوص بطبرقة وعدد من الغواصين المحترفين المستقلين، اليوم الاثنين، 21 قارورة اوكسيجين على ذمة الإدارة الجهوية للصحة بمحافظة جندوبة شمال غرب تونس، وذلك لمواجهة النقص الذي تعانيه كافة المستشفيات المحلية والمستشفيين الجهويين، لاسيما في ظل توسع دائرة الإصابات بفيروس "كورونا"، وتجاوز المستشفيات طاقتها القصوى من حيث عدد المقيمين وعدد أسرة الاوكسيجين..

وقال منجي الزواوي، المعروف بعميد الغوّاصين بطبرقة، في تصريح لـوكالة تونس أفريقيا للأنباء، ان "الغوص لم يعد له معنى امام ما نشاهده من اختناق مواطنينا بالفيروس اللعين"، وفق تعبيره.

وأعرب، عدد من العاملين في القطاع الصحي والمصابين وعائلاتهم، من جانبهم، عن استحسانهم لهذه المبادرة، التي اعتبرها بعضهم "احدى محركات الامل وسط هذه المخاوف والعدد الهائل من المصابين والمتوفين بسبب فيروس "كورونا" وطول مدة الأزمة الوبائية".

وتم تداول مبادرة أخرى مساء اليوم تمثلت في وضع صاحب محل تمريض مكثف أوكسيجين على ذمة المواطنين لمدة 10 أيام بصفة مجانية. وقال الممرض عمارة بوقرة، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، ''سأبقي صامدا أمام كورونا وأقدم الخدمات الاستعجالية شبه الطبية ولو كلفني ذلك حياتي لأني أحببت مهنتي وسأبقي وفيا لها.. الإنسانية قبل المال يا عباد الدرهم والدينار والمتاجرين بالمرض والمرضي''.

قطرة صغيرة من فيض مبادرات وحملات تضامن كبيرة يخوضها الشعب التونسي لمجابهة كورونا كان للشباب فيها بصمة واضحة.مبادرات أظهرت قدرة الشعب التونسي على تخطي العقبات وتجاوز العجز والأزمات الخانقة التي تمر بها البلاد بدءا بالسياسية في ظل موجة مشاحنات وعنف سياسي أضعف قدرة البلاد على مواجهة الجائحة التي أطاحت بالبنية التحتية الصحية وتسببت في موت آلاف المواطنين، والأزمة الاقتصادية التي أحكمت خناقها على الوضع الاجتماعي بالبلاد، لكن رغم ذلك رسمت المبادرات التونسية التضامنية آملا كبيرا في قدرة تونس على تجاوز كل محنها وآزماتها.

من جانب آخر تهاطل المد التضامني الإقليمي والعربي بدءا بالجزائر التي كانت داعما أساسيا ورئيسا لتونس طيلة الجائحة ولم تنفك عن تزويدها بين الحين والآخر بالأكسجين الطبي، لتهب اليوم وتسارع بإرسال جرعات من التلاقيح والمعدات الطبية، حيث وأفاد الرئيس عبد المجيد تبّون، بأن الجزائر ستعاضد جهود تونس في التصدّي لجائحة كوفيد-19، وسترسل، يوم غد الثلاثاء 13 جويلية 2021، طائرة محمّلة بــ 250 ألف جرعة من التلاقيح إلى جانب العديد من المعدات الطبية لمواجهة هذه الجائحة كما وصلت إلى تونس نهاية الأسبوع الماضي طائرتان عسكريتان مصريتان محملتان معدات ومستلزمات طبية متنوّعة وكميات من الأدوية وآلات مراقبة تنفس وأجهزة أكسجين، في إطار مساعدة تونس على مواجهة الانتشار الكبير لفيروس كورونا.

و أعلنت السعودية أيضا مساء اليوم الإثنين، بأن الملك سلمان بن عبد العزيز، أمر بدعم تونس بشكل عاجل بالأجهزة والمستلزمات الطبية بما يسهم في تجاوز آثار جائحة كورونا، استجابة لطلب رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، أن "العاهل السعودي وجه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لدعم الجمهورية التونسية الشقيقة بشكل عاجل بالأجهزة والمستلزمات الطبية والوقائية بما يسهم في تجاوز آثار جائحة كورونا، وذلك استجابة لطلب فخامة الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي أبداه خلال مكالمته مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز".

و قال المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، إن المساعدات تشتمل على تأمين مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، و190 جهاز تنفس اصطناعي، و319 جهازا مكثفا للأكسجين، 150 سريرا طبيا، و50 جهاز مراقبة العلامات الحيوية مع ترولي، كما تشتمل على 4 ملايين كمامة طبية، و500 ألف قفاز طبي، و 180 جهاز قياس للنبض، و25 مضخة أدوية وريدية، و9 أجهزة للصدمات الكهربائية، و15 منظارا للحنجرة بتقنية الفيديو، و5 أجهزة تخطيط القلب (ECG).

من جانبه أكّد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، أنه انطلاقا من حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على مزيد تعزيز روابط الأخوة مع تونس والوقوف إلى جانبها في هذا الظرف الوبائي الدقيق سيتم منح بلادنا 500 ألف جرعة من التلاقيح ضدّ جائحة كوفيد 19.و وأعرب رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفّي، أيضا، عن استعداد ليبيا لمدّ تونس بكلّ ما تحتاجه من معدات طبية لمواجهة كورونا.

كما وصلت، الجمعة الماضي، طائرتي شحن تابعتين للقوات الجوية القطرية محملتين بمساعدات طبية؛ تنفيذاً لتوجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأوضحت أن المساعدات تتكون من مستشفى ميداني بسعة 200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية، إضافة إلى عدد 100 جهاز تنفس صناعي. من جانب آخر أعلنت جمعية الهلال الأحمر الكويتية، مساهمتها في "توفير الاحتياجات الصحية والطبية للأشقاء في تونس".وبحسب وكالة الأنباء الكويتية، فقد أكد رئيس مجلس إدارة الجمعية هلال الساير "التضامن الكويتي مع الأشقاء في تونس في مختلف الأزمات والمحن، وفي هذا الظرف العصيب"، لافتاً إلى أن "الهلال الأحمر الكويتي لن يتوانى عن دعم الشعب التونسي الشقيق".

ذلك وقد وعدت دول غربية على غرار فرنسا وأمريكا بتقدم الدّعم اللازم لتونس لتخطي أزمتها الصحية و معاضدة جهودها في حربها ضد تفشي جائحة كورونا.