أكد المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان أن الشارع التونسي قطع تماما العلاقة مع المشهد الحزبي في البلاد بعدما عجزت الأحزاب عن فهم احتياجات ورغبات ومطالب الشعب التونسي فكان كل همها هو تحقيق مصالحها عبر تقاسم كعكة وغنيمة السلطة على حساب الشعب مضيفا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن الديمقراطية تسمح للجميع بحق التظاهر لكن الأحزاب السياسية لا تملك قوة التهديد بالنزول للشارع ولو كانت تمتلكها لكانت استغلتها منذ فترة لا بأس بها.

إلى نص الحوار:

في أي سياق قرأتم انقسام الساحة السياسية في تونس بين مؤيد ورافض لقرارات الرئيس؟

الانقسامات في تونس بين مؤيد ورافض لقرارات الرئيس ترتبط بالأساس بالمصالح التي اختارتها الأحزاب على حساب المصلحة الوطنية العليا فالمشهد السياسي والحزبي في تونس وجد نفسه وراء قرارات رئيس الجمهورية ومشكلة الأحزاب أنها وجدت نفسها بلا قواعد فلم يعد لها إمكانية الإقناع فتحولت إما لدعم قرارات الرئيس لكسب الشرعية أو معارضة هذه القرارات التي كشفتها أمام الرأي العام وتحاول أن تجمل نفسها عبر هذه المواقف التي هي بلا جدوى.

ما مدي مشروعية المخاوف التي تثيرها بعض الأطراف حول التدابير التي اتخذها الرئيس التونسي؟

المخاوف التي تتحدث عنها الأحزاب لم نراها عندما وصلت الأوضاع إلى مستوى كارثي بداية شهر يوليو الفارط كان هناك مئات الوفيات يوميا وآلاف الإصابات بكورونا كما أن الأوضاع في البلاد كانت كارثية اقتصاديا واجتماعيا ومع ذلك لم تتحدث الأحزاب ولم تعبر عن مخاوفها حيث كانت تنتظر أن تنهار المؤسسات في تونس لتنال حصتها في قادم التحالفات سواء مع حركة النهضة أو حزامها السياسي على حساب الشعب التونسي.

هل ترى أن الأزمة في تونس تتجه نحو التصعيد أم الحل؟

لا أعتقد أن هناك أزمة في المطلق حتى تتجه نحو التصعيد فالشارع التونسي قطع تماما العلاقة مع المشهد الحزبي في البلاد بعدما أصبح عاجزا عن إقناع من كانوا مؤيدين له فهناك حالة قطيعة جديدة في تونس وجدت بين الشعب والأحزاب السياسية التي لم تستطع أن تفهم احتياجات ورغبات ومطالب الشعب التونسي فكان كل همها هو تحقيق مصالحها عبر تقاسم كعكة وغنيمة السلطة على حساب الشعب.

برأيك لماذا تصر بعض الأحزاب على نقل الصراع السياسي الى الشارع؟

الديمقراطية تسمح للجميع بحق التظاهر وحرية التعبير وبالتالي فإن من يريد أن ينزل للشارع فليفعل ولن يتم منع أي شخص يريد التعبير عن رأيه في إطار احترام القوانين وعدم اللجوء للعنف لكن الأحزاب السياسية لا تملك قوة التهديد بالنزول للشارع ولو كانت تمتلكها لكانت استغلتها ونزلت منذ فترة لا بأس بها.

ألا تخشون من حدوث صدام أهلي؟

لا توجد خشية بالمطلق من صدام أهلي في تونس.

إلى أي مدى تتخوف من التدخلات الخارجية وتأثيرها على الأوضاع بتونس؟

التدخلات الخارجية كان آخرها تصريح وزارة الخارجية الأمريكية السبت الذي أعربت فيه عن قلقها وطالبت بتعيين رئيس للوزراء وأعتقد أن هذا التغيير في الموقف الأمريكي مهم جدا وإيجابي لأنه لم يتحدث عن تعيين رئيس حكومة وإنما رئيس وزراء وبالتالي فإنه اعترف بأن ما قام به رئيس الجمهورية بعد 25 جويلية قانوني وشرعي ودستوري.

ما الآثار المترتبة على استقالة أكثر من 100 قيادي في حزب النهضة؟

القضية ليست استقالة مئة أو مئتين عضوا بحركة النهضة المشكلة أن الحركة تعاني من أن رئيسها الذي يقودها منذ عقود يدعي أنه ضد الانقلاب الذي قام به الرئيس التونسي ويريد عودة الديمقراطية رغم أنه لا يؤمن بالديمقراطية داخل بيته الحزبي فراشد الغنوشي رفض أن يترك رئاسة حركة النهضة رغم أنه موجود على رأسها منذ 40 سنة ويريد أن يبقى في منصبه ويريد أن يجمع كل الرئاسات في شخصه وبالتالي فإن أزمة حركة النهضة هي أزمة إصلاحات داخلية وليست أزمة استقالات فالاستقالات حدثت بعد الوصول لقناعة أنه لا مستقبل لهم ضمن حركة يقودها الغنوشي.

ما السيناريوهات المتوقعة في تونس في المرحلة المقبلة برأيك؟

السيناريوهات واضحة وقالها رئيس الجمهورية حيث سيتم إصدار الأحكام الانتقالية بعدها سيتم تغيير قانون الانتخابات ثم تعديل الدستور والاستفتاء عليه وبعد ذلك يتم الحديث عن انتخابات نيابية مبكرة فالأجواء مشجعة في تونس في ظل تحسن الأوضاع الصحية وتراجع جائحة كورونا ورفع حظر التجول نهائيا في تونس يبقى أن تحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سيحتاج لبعض الوقت لكن المؤشرات بدأت تظهر في الشارع التونسي.