أكد عضو هيئة صياغة الدستور د. إبراهيم البابا، أن تبني النظام الفدرالي في الدستور الليبي الجديد ليست ضمانة لتغول السلطة المركزية ولا لخلق التوازن بين المعيار السكاني والجغرافي.

وقال البابا في ورقة تحليلية بعنوان " الفدرالية لا تضمن اللامركزية: دستور ليبيا 1951 غير المعدل نموذجاً" -خص بوابة أفريقيا الإخبارية بنسخة منها- "يصنف دستور ليبيا 1951 غير المعدل على أنه دستور فدرالي، حيث تم تحديد المستوى دون الوطني وهي الولايات (طرابلس وبرقة وفزان) وتم تحديد اختصاصات المستوي الوطني والمشتركة وتركت الاختصاصات الأخرى للولايات وغيرها من الملامح الفدرالية. لكن رغم ذلك فقد اتسم دستور 1951 غير المعدل بتركز السلطة في المركز على حساب الولايات وعدم وجود أي ضمانات او توازن بين المعيار السكاني والمعيار الجغرافي، لقد أوكلت اختصاصات مطلقة للمك وفق دستور 1951، وهو الذي يمثل رأس السلطة التنفيذية المركزية والتي منها تعين الملك لنصف أعضاء مجلس الشيوخ (المادة 95) ولرئيس مجلس الشيوخ (المادة 97)، وإمكانية أن يقوم الملك بحل مجلس النواب (المادة 65) وإمكانية أن يطلب الملك إعادة النظر في القوانين الصادرة من السلطة التشريعية ولا يصادق عليها إلا إذا تحصلت على أغلبية الثلثين في المجلسين (المادة 136)، ويعين الملك رئيس وقضاة المحكمة العليا (المادة 143)، وللمك حق العفو وتخفيف العقوبة (المادة 77)، ويعين الملك ولاة الولايات الثلاث ويعفيهم من مناصبهم (المادة 180). بالإضافة إلى ذلك فقد حددت المادة (36) 38 اختصاص للسلطة المركزية تنفيذاً وتشريعاً وأولها التمثيل الدبلوماسية والتجاري والقنصلي، وحددت المادة (38) 27 اختصاص تشريعاً هو من اختصاص السلطة التشريعية المركزية المتمثلة في مجلسي النواب والشيوخ وتنفيذاً للولايات ولكن تحت إشراف السلطة المركزية".

وتابع البابا، "إضافة إلى ذلك، لا توجد أي ضمانات مناطقية في دستور 1951 على مستوى التشريع الوطني المتمثلة في مجلسي النواب والشيوخ، لقد بني مجلس النواب على الأساس السكاني (المادة 101) وبناء على ذلك يتشكل مجلس النواب من: 35 عضو من ولاية طرابلس؛ 15 عضو من ولاية برقة؛ 5 أعضاء من ولاية فزان، وآلية اتخاذ القرار تكون بأغلبية الحاضرين (المادة 117) بمعنى انه يكفي 29 عضو في حال حضروا جميعاً لتمرير أي قرار من المجلس، أما مجلس الشيوخ فرغم التساوي في مقاعده بين الولايات الثلاث بواقع 8 أعضاء من كل ولاية ليصبح العدد الكلي 24 عضو (المادة 94)، إلا أن آلية اتخاذ القرار به تكون بأغلبية الحاضرين (المادة 117)، بمعنى انه يكفي 13 عضو لتمرير أي قرار من المجلس وهذا لا يمنع أن تمرر القرارات رغم عدم موافقة أعضاء ولاية بأكملها من الولايات الثلاث، وبناءً على ما سبق، يتضح أن تبني النظام الفدرالي في الدستور الليبي الجديد ليست ضمانة لتغول السلطة المركزية ولا لخلق التوازن بين المعيار السكاني والجغرافي، إن من أهم الضمانات التي يجب النص عليها في الدستور الليبي الجديد هي المشاركة في إقرار القوانين والقرارات الصادرة من السلطة التشريعية المركزية خصوصاً فيما يتعلق بالمناطق، والمشاركة في اختيار رئيس الدولة، وتوزيع المؤسسات السيادية والدستورية وباقي الشركات العامة والمؤسسات، وقيام الحكم المحلي على اللامركزية الموسعة، ووضع معايير لتوزيع إرادات الدولة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية، وتمييز ايجابي للمناطق المهمشة ومناطق إنتاج الثروات الطبيعية، إن هذه الضمانات وغيرها فصلت في مشروع الدستور الليبي المعتمد من الهيئة التأسيسية بل إن بعضها خصصت لها أبواب كاملة مثل باب الحكم المحلي وباب الثروات الطبيعية وباب النظام المالي".