ليبيا -  تقرير .طارق بريدعة

على الرغم من أن احتياطي ليبيا من النفط يزيد عن " 46 مليار برميل " ، واحتياطيها من الذهب يتجاوز " 143 مليار طن " مثلما يتجاوز ناتجها المحلي السنوي " 60 " مليار دولار . يظل الاقتصاد فيها هو الأسواء بين دول المنطقة والعالم ، حيث يقبع هذا الاقتصاد الريعي في محطة الاستهلاك المفرط ، دون أدنى جهد للخلوص إلى دروب تنقله من هذه المحطة إلى رصيف الاقتصاد التنموي المعتمد على الإنتاجية بشقيها الزراعي والصناعي . لقد تمحور الشكل الصناعي في صورة مشوهة لاتزيد عن خلط المكونات وتسويقها على أنها منتج ليبي ، فالعصائر على سبيل المثال ، والتي هي المنتجات الأبرز بالسوق الليبي ماهي إلا مركزات مستوردة ، وكذلك باقي المكونات من سكر وعلب وآلات تعبئة ، وأيضا جل العناصر التشغيلية ، وينسحب هذا الواقع على صناعة الألبان ومشتقاتها ، في حين تكاد تنعدم الصناعات الأخرى ، ليطبق استيراد كل شيء من الخارج على أنفاس الاقتصاد الليبي . حدث هذا الانكماش بعد طفرة صناعية نشأت في ستينيات القرن الماضي - يكفي وصفها بالقول أن ليبيا كانت المصدر الرئيس للفضة المصنعة لدول المغرب العربي كافة - جراء السياسات الاقتصادية التي طبقها النظام السابق على مراحل ، بدأها بالتوجه الاشتراكي التقليدي ، ليجنح في نهاية المطاف إلى مشهد أكثر تطرفا ، لم يستطع العالم بضفتيه الأيديولوجيتين فهمه . بعد تحرر البلاد من هذا الواقع المكبل لرأس المال الوطني الذي اعتبره ذلك النظام العدو الأساس لما كان يسميه الثورة ، بدأ رأس المال الوطني يحاول الخروج من عنق الزجاجة التي كان النظام المنهار يحشره فيها ، مثلما كان يستخدمه كالمنديل ، تارة يمسح فيه يديه ، وتارة يمسح به المختنقات التي تنتج في عديد المرات ، الأمر الذي جعل رأس المال الوطني يعمل بحذر شديد ، ولا يتجاوز عمله التجارة المحدودة ، حيث لامغامرة في الصناعة والاستثمار العقاري والخدمي في كنف نظام لاتعرف متى ينقض على فريسته التي هي رأس المال الوطني تحت أكثر من تهمة جاهزة للاستخدام ، تبدأ بتهمة الاستغلال مرورا بالتهرب الضريبي والتحايل على القوانين النافذة وانتهاء بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم . يقول الكاتب والصحفي عبدالله اسماعيل الوافيما حققه الاقتصاد الليبي بعد الثورة ؟ لا اعتقد بان الاقتصاد الليبي قد حقق شيئاً دا بال قبل الثورة حتى يمكن ان يحقق شيئاً بعدها .. فقبل الثورة لم تكن هناك استراتيجية لتحقيق اي تقدم اقتصادي على الاطلاق وبعد الثورة تدمرى كل المؤسسات العامة والخاصة والقت تداعيات الثورة الليبية العارمة والانفلات الامني الكبير بظلالهما على الوضع العام للبلاد فلم يتسن تحقيق شيء يدكر على المستوى الاقتصادي فالمؤسسات الاقتصادية اسوة بغيرها من المؤسسات الاخرى تعاني انهيارا كبيرا والاوضاع السيئة وحتى مصدر الدخل القومي الوحيد وهو النفط يعاني من شبه شلل لاغلب مؤسساته بسبب الاحتلال والاعتصامات . التجار القدامى او تجار المواد الاساسية والمعمرة أبدو استياؤهم من وصع الاقتصاد بصفة عامة وتجارتهم بصفة خاصة بيد ان لم يعد هناك حسيب ورقية على التجارة ليستفيد الاقتصاد يعني لنه لا يمكن جني الضرائب وأب مداخيل التي كانت دافع مهم للنهوض بمستوى الاقتصاد .احد تجار شارع الرشيد قال من التجار القدامى في الملابس الرياضية كنت اشحن مالا يقل عن عشر حاويات وكنت أوزعها على اغلب مناطق ليبيا بحرا وجرت وبرا اما الان فالوضع متأزم جداً ونمت زاد الطين بلة فتح التجارة للتجار في تونس والجزائر والذي زاد الامر تفاقما ولم عند نبيع مالدينا وأصبح هناك ركود كبير أزم الوضع الاقتصادي في بلادنا أما الصحفي عادل المزوغي يقول حول موضوعنا على اية مقياس يمكن تشخيص واقع الاقتصاد الليبي بعد ثلاثة سنوات من ثورة فبراير؟ سؤال حرج وصعب تحتاج الاجابة عليه لدراسة الواقع الذى آل اليه وتحديد الظواهر والمشاكل البنيوية التى يعانى منها الاقتصاد الليبي لاتبدو كل المؤشرات الاقتصادية بالمطلق تبعث على التفاؤل فى ظل اقتصاد غير منتج يعتمد على بيع خام وحيد يغطى كافة المصاريف والاستثمارات . صحيح انه لم تتخذ ايه سياسات واضحة لرسم ملامح اقتصاد ليبي متماسك عبر الثلاث سنوات الماضية بسبب الفساد القلاقل والنعارات اليومية فى كل جاء الوطن كما انه لم نجد من يرمى حجرا فى المياه الراكدة فكل الذين تعاقبوا على وزارة الاقتصاد منذ العام 2011 فكروا فى ملء بطونهم ونوازعهم الشخصية ونهب المال العام قبل التفكير فى مصلحة الوطن قد يتسأل البعض ان مؤشرات الاقتصاد الليبي تزداد باطراد وبنسب هامة كل عام وان فى غير مايقدره صندوق النقد الدولى لكن كل تلك المؤشرات سببها ومصدرها الاول تصدير النفط. وبالتالى لايمكن ان نتجراء بالقول ان الاقتصاد الليبي ينتج شيأ فى الوقت الراهن فكل عجلاته تحتاج ضغطة هواء ونحتاج قائد!!. يبدو ان الاقتصاد الليبي سيبقى رهين الازمات وغير قادر على تجاوز ميراث الاهمال بسبب الفساد الذي يضرب اطنابه ويقف حجر عثر فى وجه تطويره فى بلد غنى بالموارد الطبيعية .. ولعل 68 مليار دينار ميزانية العام 2012 خير شاهد على فساد الذمم ومن ثم فساد الاقتصاد ان نظرة استشرافية لوضع الاقتصاد الليبي ترى بل تؤكد ان اية خطوات حقيقية لتاسيس بنيته لن تتم فى ظل الاعتماد على خام النفط لكن المشهدية العامة للحراك الاقتصادي الأهلي على الرغم من التوجه العام للدولة الليبية ومؤسساتها المالية والاقتصادية و جهود غرف التجارة والصناعة المفعلة لهذا التوجه ، مازال رأس المال الوطني لم يخرج بعد من عباءة التاجر . المؤشرات توحي باقتراب حلحلة الملف الاقتصادي الليبي ، في وجود نية حقيقية من أطراف المعادلة المتمثلة في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص . لقد صار الحديث جادا حول ملف الصناعات الصغرى والمتوسطة ، وسبل تمولها ، وتوفر النية لعديد المؤسسات والشركات العالمية بالاستثمار في الصناعة والخدمات بليبيا بانتظار الاستقرار الأمني فيها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر جرى خلال شهر ديسمبر 2012 ، وشهر يناير 2013 قيد أكثر من 600 شركة متعددة الأنشطة ، منها المساهمة ، وذات المسئولية المحدودة ، وفرع لشركة أجنبية في سجلات غرفة التجارة والصناعة والزراعة بطرابلس وحدها ، من غير تلك التي قامت بالقيد في سجلات باقي الغرف التجارية الثلاثة عشر المنتشرة بكافة ربوع ليبيا . الآن هناك توجه عام من قبل الدولة يقابله استعداد من طرف رأس المال الوطني ليكون القطاع الخاص العنصر الرئيس المحرك لعجلة الاقتصاد الليبي المنتظر ، المبني على الشراكة والصناعة والتنمية المكانية والبشرية ، وبدآت القرارات والقوانين المفعلة لهذا التوجه تعرض أولا بأول على المؤتمر الوطني العام لإقرارها . إلا أن هذا الحراك يظل كسولا نوعا ما ، يترقب انفراج المشهد الأمني .