إثر الشروع في المرحلة الأولى من تنفيذ خطة الإصلاحات التي نجحت المدة الأخيرة في رفع قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار الأمريكي وتقليل الفارق بين البيع نقدا والبيع بصك بنسبة كبيرة، بدأ الاقتصاد الليبي يشهد انتعاشة بطيئة. ورغم الانفراج البسيط تبقى السيولة غير متوفرة في أغلب المصارف، وحتى المتوفرة فيها تكون بشكل متقطع وغير كاف لاحتياجات المواطنين.

أزمة السيولة

رغم التحسن الطفيف الذي يشهده الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، تعاني المصارف التجارية في أغلب المدن الليبية أزمة في نقض السيولة النقدية.

ومن جانبه أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة مصراتة خالد الدلفاق أن الإصلاحات كان من بين أهدافها توفير السيولة وخفض الأسعار والقضاء على السوق الموازي، ولكن سوء إدارة مصرف ليبيا المركزي والفساد الذي ينخر في مفاصل الإدارات جعل من تحقيق هذه الأهداف أمرا في غاية الصعوبة؛ بسبب عدم توفر البيئة الجيدة للإصلاح.

وأضاف الدلفاق في تصريحات صحفية أن الاصلاحات اهتمت بجانب بيع العملة بسعر 3.90 دنانير دون النظر فيما يترتب على ذلك من ارتفاع في بعض السلع الأساسية؛ لعدم جدية المصارف في سرعة الإجراءات، وتنفيذ الاعتمادات التي لم تصل بضائعها بالسعر الجديد، وبالتالي فأزمة عدم الثقة في إجراءات المصرف المركزي ما زالت مستمرة.

ورأى أن الإصلاحات الاقتصادية لن يكون لها تأثير مباشر على مستوى معيشة المواطن دون إجراء إصلاحات إدارية على نطاق واسع في كل الإدارات والأجهزة الحكومية.

ويشير مراقبون أنه يعد الانفلات الأمني وعدم توفّر حراسة مناسبة للمصارف أهم أسباب عدم استقبالها السيولة، لا سيما في مناطق نائية في الجنوب، كما ترجع الأسباب إلى تخفيض البنك المركزي حجم السيولة النقدية الذي يمنحه شهريا للمصارف من ضمن سياساته المعلنة لاحتواء أزمة الدينار الليبي، لذلك تتراكم رواتب المواطنين الشهرية في المصارف دون أن يتمكّن هؤلاء من سحبها.

ومن الأسباب الأخرى لأزمة السيولة، قيام كبار المودعين بسحب ثلاثين مليار دينار من المصارف، وهو ما يتجاوز 70 % من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كانت النسبة 9 % في نهاية العام 2010، مما أدى إلى أزمة في السيولة النقدية، حسب المصرف المركزي في طرابلس.

إجراءات داخلية

تشهد ليبيا تحركات حثيثة على أعلى مستوى للمضي قدما نحو المرحلة الثانية من الإصلاحات الاقتصادي، حيث بحث عضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق الأسبوع الماضي مع رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي.

اللقاء تناول يحسب إدارة الإعلام والتواصل برئاسة مجلس الوزراء بحكومة الوفاق الخطوات التي يجب اتخاذها لتنفيذ المرحلة الثانية من برنامج الإصلاحات الاقتصادية.

يشار إلى أن برنامج الاصلاحات الاقتصادية الذي أقره الرئاسي يتضمن أيضاً بالإضافة إلى فرض ضريبة على النقد الاجنبي رفع الدعم على المحروقات، وهذا ما أكده معيتيق الذي التقى الأحد قبل الماضي مع رئيس ديوان المحاسبة  خالد شكشك لبحث الخطوات العملية الواجب اتخاذها خلال المرحلة القادمة بعد اعتماد برنامج الإصلاحات الاقتصادية ومدى تأثيرها على الترتيبات المالية القادمة والحالية.

وتناول الإجتماع بحسب إيجاز صادر عن إدارة التواصل و الإعلام برئاسة مجلس الوزراء على أهمية التنسيق بين الحكومة والديوان لضمان عدم توقف البرنامج التنموي.

تحركات خارجية

لا يخفي الفاعلون الدوليون اهتمامهم بالوضع الاقتصادي الليبي حيث شهدت المدة الأخيرة تحركات دولية نشطة في الغرض. وقد التقى وزير اقتصاد الوفاق علي العيساوي أمس الثلاثاء مع نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز برنامج الإصلاحات الاقتصادية.

ويليامز قدمت بحسب المكتب الإعلامي لوزارة الإقتصاد للعيساوي الخبير الاقتصادي الجديد الذي انضم للبعثه لمتابعة سير الاصلاحات الاقتصادية وتقديم الدعم والمشورة للحكومة.

وبدوره أعرب العيساوي عن ترحيبه بوجود الخبير الاقتصادي من ضمن البعثة الاممية، مؤكداً على أهمية المسار الاقتصادي وانه يشكل جزءاً هاماً من الحل في ليبيا الى جانب المسار السياسي والأمني. واستعرض الوزير ما تم انجازه من الاصلاحات الاقتصادية وتأثيرها على السوق المحلي في ليبيا وعرض الخطوات القادمة للاصلاحات، مشدداً على أهمية دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

في سياق متصل، اجتمع  المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز اليوم الأربعاء مع السفير الجديد للاتحاد الأوروبي لدى ليبيا آلن بوجيا آخر المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية. اللقاء ناقش بحسب المكتب الإعلامي لبعثة الأمم المتحدة خطة الاتحاد الأوروبي لدعم جهود الإصلاحات في ليبيا.

يشار إلى أن عدد من المواطنين يتذمرون بسبب تأخر نتائج الاصلاحات الاقتصادية وعدم صرف الـ500 دولار الاضافية لمخصصات الاسر كما لم توفر المصارف التجارية سيولة نقدية ولا يزال المواطن يقف في طوابير طويلة للحصول على جزء من مدخراته.