رجح أكثر من مصدر أمني وجود علاقة بين المتهمين في الهجوم الإرهابي الأخير على المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو»، والإرهابي التونسي بوبكر الحكيم الذي كان يقيم في فرنسا قبل أن يعود إلى تونس ويتهم بهندسة عمليتي اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي تباعا خلال سنة 2013.
وذكرت مصادر استخباراتية فرنسية أن بوبكر الحكيم، الذي غادر تونس إلى ليبيا بعد اغتيال محمد البراهمي في 25 يوليو (تموز) 2013، قد أقام بالمنطقة نفسها في العاصمة الفرنسية التي سكن فيها الأخوان الكواشي، ورجحت انتماءهم إلى الشبكة الإرهابية نفسها وتأثرهم بالأفكار المتشددة نفسها.
وظهر بوبكر الحكيم في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي ضمن شريط فيديو وتبنى عمليتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وتوعد بتنفيذ عمليات إرهابية أخرى.
وكشفت وكالة الصحافة الفرنسية، وفق معلومات من وكالة الاستخبارات الفرنسية، عن وجود علاقة بين الإرهابيين الكواشي والإرهابي التونسي بوبكر الحكيم. ورجحت انتماءهم إلى شبكة إرهابية جرت عملية تفكيكها سنة 2008 في فرنسا بعد اتهامها بتجنيد شباب وإرسالهم من فرنسا إلى جبهات القتال في العراق.
وأكدت مصادر أمنية تونسية مهتمة بالتحقيق في قضيتي اغتيال بلعيد والبراهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكيم كان يقطن بالفعل فرنسا قبل عودته إلى تونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، ورجحت صحة وجود علاقة بين منفذي عملية «شارلي إيبدو» والمتهم التونسي المعترف بارتكابه جرائم إرهابية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه من المتوقع أن تطلب المصالح الأمنية الفرنسية من نظيرتها في تونس والجزائر توسيع نطاق التحقيقات الأمنية لتشمل كل الأسماء التي وردت ضمن التقارير الأولية المتعلقة بالهجوم الإرهابي الذي خلف 12 قتيلا و10 جرحى.
وفي هذا الشأن، نفى محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» دخول العناصر الإرهابية التي نفذت الهجوم على الصحيفة الفرنسية إلى تونس. وقال: «لم يسبق لهم الدخول إلى تونس». وتابع موضحا: «لم تثبت كل التحريات الأمنية دخولهم إلى الأراضي التونسية».
أما بشأن علاقة الإرهابي التونسي بوبكر الحكيم بالمجموعة الإرهابية التي نفذت الهجوم الإرهابي على الصحيفة الفرنسية، فقد أشار العروي إلى أن الأبحاث الأمنية لا تزال في بدايتها، ومن السابق لأوانه الجزم بوجود علاقة بين الطرفين. ولاحظ المصدر نفسه أن السلطات التونسية لا تستثني هذا الاحتمال وهي تنتظر نتيجة التحقيقات الأمنية، سواء في تونس أو لاحقا بالتعاون مع نظيرتها الفرنسية للتأكد من هذه المعلومات.
وذكرت مصادر بجريدة «الشروق» الجزائرية في تصريح إعلامي لإحدى الصحف التونسية الصادرة أمس، أن الشريف الكواشي (33 سنة)، أحد المشاركين في الهجوم، كان على علاقة مؤكدة مع بوبكر الحكيم الإرهابي التونسي المتهم باغتيال كل من شكري بلعيد القيادي اليساري ومحمد البراهمي النائب البرلماني. وأكدت وجودهما خلال الفترة نفسها في فرنسا، وأنهما كانا يسكنان في الحي نفسه، وقد تأثرا بالأفكار المتشددة نفسها.
في غضون ذلك، عبرت عائلتا بلعيد والبراهمي عن اهتمامهما الشديد بهذه المعطيات الجديدة التي قد تكون مؤثرة على سير التحقيقات القضائية والأمنية. وقال عبد المجيد بلعيد شقيق شكري بلعيد الذي تعرض للاغتيال في السادس من فبراير (شباط) 2013 لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر مثل «مفاجأة مذهلة بالنسبة للعائلة».. خاصة إذا ما اتضح أن منفذي الهجوم على الصحيفة الفرنسية قد ترددوا على تونس بدورهم. وأضاف أن هيئة الدفاع عن قضية شكري بلعيد تابعت الموضوع باهتمام، وهي ستعرض هذا الأمر في أول اجتماع تعقده.
على صعيد متصل، قضت المحكمة الابتدائية بتونس في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية بإيداع أحد الكوادر الأمنية رفيعة المستوى السجن، بعد ثبوت ارتباطه بالإرهابي التونسي بوبكر الحكيم المتهم الأول بالتخطيط وارتكاب جريمتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وكان لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية قد أقال رئيس فريق أمني بعد اتهامه بالانتماء إلى ما سمي «الأمن الموازي». ووجهت المحكمة إلى رئيس «فرقة حماية الطائرات» السابق تهمة تقديم تسهيلات إلى الإرهابي بوبكر الحكيم والتستر على جريمته وتمكينه من إحدى سيارات الفرقة الأمنية التي يشرف عليها قبل تنفيذ عملية اغتيال محمد البراهمي.

*نقلا عن الشرق الأوسط