تشهد العاصمة طرابلس منذ أواخر أغسطس/آب الماضي، اشتباكات عنيفة بين اللواء السابع من جهة وكتيبة ثوار طرابلس والدعم المركزي بوسليم، "كتيبة غنيوة" من جهة ثانية، مخلفة عشرات القتلى ومئات الجرحى، كما تشهد العاصمة حالة انفلات أمني غير مسبوق ما دفع بحكومة الوفاق لإعلان حالة الطوارئ في المدينة.

ورغم إعلان البعثة الأممية التوصل إلى وقف لإطلاق النار،فإن  شبح الحرب مازال يخيم على العاصمة الليبية طرابلس مع تواصل إنتشار الجماعات المسلحة وإعادة تمركزها في المدينة.وتتصاعد المخاوف من الانجرار إلى حرب أهلية يطول أمدها،في وقت تتعمق فيه الأزمة الإنسانية مع تردي الأوضاع المعيشية ونقص الخدمات.


** أزمة الوقود

تشهد العاصمة الليبية طرابلس أزمة وقود، حيث باتت الطوابير تمتد لمسافات طويلة أمام محطات التزود، فيما أغلقت بعضها، لنفاد الكميات لديها وعدم وصول الإمدادات لها، بسبب الاشتباكات العنيفة التي تشهدها مختلف المناطق، لاسيما بالقرب من مستودع شركة البريقة لتسويق النفط الحكومية.

وفي المقابل، سارعت كل من المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط، للتأكيد على توفر المحروقات بالرغم من الأحداث التي تشهدها منطقة جنوب طرابلس، وقالتا في بيان مشترك،أنه تم وضع خطط بديلة لتوزيع المنتجات في حال استمرار القتال.ولفت البيان إلى أنه تم عقد اجتماع بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لوضع خطة طورائ لاستمرار تزويد المحطات بالوقود.

وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، إن المؤسسة ستقوم بتقديم كل الدعم لشركة البريقة لتسويق النفط لضمان استقرار الإمدادات لجميع المواقع والمحطات في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها العاصمة.كما تم في الاجتماع تقييم الأضرار الناجمة عن الاشتباكات بالقرب من مستودع شركة البريقة في طرابلس، والتطرق لكل الحلول الممكنة في حال استمرار الاشتباكات.


** إعتداء وسرقة

على صعيد آخر،أعلنت شركة البريقة لتسويق النفط عن تعرضها، صباح الأربعاء 05 سبتمبر 2018، عن تدخل مجموعة مسلحة تابعة لمليشا باب تاجوراء التابعة لوزارة الداخلية بما تسمى حكومة الوفاق المنصبة من الغرب، في عمل دوارة الغاز بالمستودع، واصفة هذا التدخل الجديد في أعمالها بـ"الخطير".

وأوضحت الشركة في بيان عاجل لها، اليوم الاربعاء، أن هذا المستودع هو المصدر الوحيد لغاز الطهي حالياِ، حيث يتم توزيع اسطوانات الغاز من خلاله إلى المستودعات والأهالي بشكل عملي ومنظم.

وأكد البيان قيام هذه المجموعة المسلحة بتهديد مستخدمي المستودع بقوة السلاح وبالدخول إلى المستودع، والاستيلاء عنوة على ما يقدر بحوالي 840 اسطوانة غاز على الأقل، مما أجبر الشركة على قفل المستودع.

واعربت شركة البريقة عن قلقها من نشوب أزمة في نقص أسطوانات الغاز، محملة هذه المجوعة المسؤلية عن ذلك.

واعتبرت السركة هذا التدخل أمر خطير جدا وإجرامي بحق الدولة والمواطنين، مؤكدة أنه يشكل خطر على حياة موظفيها.

وطالبت البريقة لتسويق النفط والغاز الجهات المختصة بالتدخل فورا وملاحقة الأفراد الذين قاموا بهذا العمل المشين المخالف للقانون وللأخلاق، لافتة إلى أنهم بتصرفهم هذا ضاربوا بعرض الحائط توجيهات وتحذيرات الأمم المتحدة التي نبهت المليشيات من التدخل في شؤون المؤسسات الليبية.


** أزمة الكهرباء

وألقت أحداث العنف بظلالها على قطاع الكهرباء الذي مازال يحاول التعافي،وقالت الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات في بيان إن انعدام الأمن أسفر عن انقطاعات للكهرباء وإن مهندسي الصيانة لا يستطيعون الوصول إلى بعض المحطات التي توقفت عن العمل نتيجة لانقطاع الكهرباء.

وكانت الشركة العامة للكهرباء،حذرت في بيان نهاية أغسطس/آب الماضي، من حدوث انقطاع تام للتيار الكهربائي في طرابلس بسبب الاشتباكات الدائرة جنوب العاصمة، وإصابة إحدى الدوائر، ما أضعف أداء الشبكة وقلص المرونة التشغيلية. وأضافت أنه في حالة إصابة الدوائر الكهربائية قد ينتج عن ذلك خروج لمحطات التوليد، مشيرة إلى أن الاشتباكات تقع بالأساس في منطقة عبور لخطوط النقل الرئيسية التي تربط بين محطات التوليد ومحطات التحويل.

وتواجه ليبيا حالياً أزمة في توفير الطاقة الكهربائية للمواطنين، بالتزامن مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة بلغ مستويات قياسية في جنوب البلاد.

ويلجأ بعض السكان، في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء، إلى المولدات التي تعمل بالبنزين، وترتفع كلفة المولد الواحد إلى ما يقارب 500 دولار، بسبب الطلب المتزايد عليها.

ومنذ سنوات وأزمة الكهرباء لازالت مستمرة،ويعود انقطاع الكهرباء وفق المسؤولين الى الظروف الأمنية المتردية، وانعدام الأمان والحماية لفرق الصيانة، وسرقة بعض المحطات الكهربائية وتعرضها للتخريب، فضلاً عن أزمة الوقود التي تعاني منها ليبيا البلد الغني بالنفط في ظل استنزاف ثروات البلاد على يد الميليشيات المسلحة.


** نزوح وأزمة

وتسببت المعارك الدائرة في العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها بنزوح الآلاف من السكان، وأدت الاشتباكات التي اندلعت في 17 أغسطس بين ميليشيات مسلحة في طرابلس إلى مقتل 50 شخصا وجرح 138 معظمهم من المدنيين.وأجبر اشتداد القتال في الضواحي الجنوبية لطرابلس 1825 عائلة على النزوح إلى بلدات مجاورة، أو البحث عن مناطق آمنة داخل العاصمة.

وتحدثت مصادر أن كثيرين لا يزالون عالقين داخل منازلهم، والبعض الآخر يرفضون المغادرة خشية تعرض ممتلكاتهم للنهب.وأشارت إلى أن هذه العائلات بحاجة ماسة للمواد الغذائية، مضيفة أن فرق الإغاثة التي حاولت تقديم المساعدة لهم تعرضت لاعتداء من مسلحين قاموا بسرقة سيارة الإسعاف.بحسب ما نقلت سكاي نيوز.

وأثر الصراعسلبا في ما يخص الخدمات والاحتياجات الأساسية. فهناك نقص وأحياناً غياب للوازم الأساسية الصحية والطبية والخدمات العامة الأساسية، مثل خدمات السفر والتنقل وخدمات توفير السلع الضرورية للسكان، مثل غاز الطهو والبنزين، إضافة إلى ارتفاع أسعار الخبز مؤخراً.

وقالت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، منسقة الشؤون الإنسانية، ماريا ريبيرو، في بيان صحافي إن "العائلات في طرابلس تعيش في حالة من الخوف بسبب القصف العشوائي"، لافتة إلى أن أعمال العنف تجبر العائلات على الفرار من منازلهم، فيما تسبب العنف في إلحاق الضرر بأحد المرافق الطبية.

وفي الوقت الذي يتقاتل فيه أمراء الحرب وقادة الميلشيات للسيطرة على العاصمة طرابلس،يواجه المواطن الليبي الفقر والعوز وفقدان السيولة وانهيار منظومة الخدمات.ويرى مراقبون،أن خروج المواطن الليبي من دائرة المعاناة التي يعيش داخلها منذ سنوات،يبقى رهين تجاوز الإنقسامات السياسية وإرساء سلطة موحدة وإنهاء سيطرة الميليشيات المسلحة،بما يحققالأمن والإستقرار في البلاد.