منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، سعت تركيا جاهدة لإعادة التموضع في الساحة الليبية، بما يضمن استمرار نفوذها في البلاد بهدف الحفاظ على مصالحها في السوق الليبية والمشاركة في رسم مستقبل المنطقة بصفة عامة.ومثل تيار الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة "الاخوان" والملييات الموالية لها ذراع أنقرة التخريبية في ليبيا ووسيلتها لنهب ثروات البلاد وتدعيم مصالحها فيها.

وعلى وقع المعارك المحتدمة على نخوم العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والمليشيات المسلحة،سارعت تركيا للظهور على سطح الأحداث بحثا عن موقع لها فى ليبيا من خلال خطوة تعكس محاكاة الاستراتيجية التركية فى سوريا بدعم مجموعات محددة فى صراع محلى بغية جنى ثمارها على الصعيدين الدولى والإقليمى.

وتصاعد الدعم التركي للمليشيات خلال الفترة الماضية حيث واصلت تركيا ارسال شحنات السلاح الى ليبيا والتي كا آخرها أواخر مايو الماضي حين وصلت سفينة قادمة من ميناء "سامسون" التركي، محمّلة بأسلحة وذخائر متنوعة وآليات عسكرية إلى ميناء العاصمة طرابلس، حسبما وثقته صور ومقاطع فيديو التقطت على متنها، أظهرت كذلك لحظة تسلّم الشحنة من طرف كتيبة "لواء الصمود" التي يقودها المعاقب دوليّا صلاح بادي.

ولم تكتفي أنقرة بارسال سفن السلاح بل دفعت بعناصرها الى ساحة المعركة حيث نشرت "شعبة الإعلام الحربي" التابعة للجيش الوطني الليبي، على حسابها في موقع "فيسبوك"،مطلع يونيو الجاري، شريطًا مصورًا يظهر ضابطًا تركيًّا يدرب المسلحين على قيادة مدرعات تركية وصلت أخيرًا إلى العاصمة الليبية، مشيرة إلى أنّ الفيديو عثر عليه في هاتف أحد المقبوض عليهم.

ودفع هذا الخطر التركي المتنامي في ليبيا، الجيش الوطني الليبي للإعلان عن اتخاذه حزمة إجراءات رادعة ضد التدخل القطري والتركي في طرابلس.حيث قرر استهداف السفن التركية في المياه الليبية، إضافة إلى عمل قواته على منع الرحلات التجارية الجوية من ليبيا إلى تركيا.

وقال المتحدث باسم قوات الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري،إن قواته ستحظر أي رحلات جوية تجارية من ليبيا إلى تركيا وستكون السفن التركية في المياه الليبية هدفًا مشروعًا لنيران الجيش الليبي.واتهم المسماري كلًا من قطر وتركيا بالتدخل المباشر بمعركة طرابلس، مشيرًا إلى الغطاء الجوي الذي وفرته تركيا بوساطة طائرات مسيرة لدعم اقتحام المليشيات لمدينة غريان واحتلالها.

وأشار المسماري خلال مؤتمر صحفي من بنغازي،منذ أسابيع ، إلى أن الشركات والممتلكات التركية في ليبيا، أصبحت حاليًّا أهدافًا معادية، إذ إن تركيا تتدخل في المعارك بشكل مباشر، وتستخدم طائراتها لاستهداف قوات الجيش، موضحًا أن المشير حفتر أصدر قرارًا بوقف جميع الرحلات الجوية من المطارات الليبية إلى تركيا والعكس.

وأوضح أن الجيش الوطني سيواجه التدخل القطري في البلاد بنفس الإجراءات التي اتخذتها ضد تركيا، متهمًا أنقرة بدعم قوات حكومة الوفاق الإخوانية بقيادة فايز السراج في استعادة الهيمنة على مدينة غريان، وكشف أن القوات الجوية الليبية دمرت رتلًا لمسلحي الوفاق مكونًا من 22 آلية حاول التقدم لمنطقة السبيعة جنوب طرابلس، داعيًا المدنيين للابتعاد عن تمركزات الجماعات التابعة لحكومة الوفاق.

وكانت قوات الجيش الوطني الليبي قد تمكنت في أبريل الماضي من القاء القبض على مقاتلين تركيَين اثنين يقاتلان في صفوف الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق في معارك طرابلس ضد الجيش الليبي.ونشرت "بوابة إفريقيا الإخبارية" جوازات سفر كانت بحوزتهم أثناء إلقاء القبض عليهم.وهو ما كشف بشكل واضح التدخل التركي السافر في الشأن الليبي بما يخدم مصالحعا على حساب الليبيين.

وليس غريبا على نظام أردوغان محاولاته التدخل لمنع تحرير العاصمة الليبية التي تمثل الملاذ الأخير للمليشيات الموالية لتركيا.حيث تسعى انقرة إلى تكريس حالة الفوضى، وإنتاج المزيد من عدم الاستقرار في المشهد الليبي وذلك من خلال دعم الجماعات الموالية لها بهدف مد أذرعها والسيطرة على البلاد خدمة لمصالحها وأطماعها في هذا البلد الغني،خاصة في ظل الأزمة التي تعصف بالاقتصاد التركي.

ويوما بعد يوم يتكشف الدور التركي المشبوه في ليبيا،والذي يمثل خطرا كبيرا يتهدد ليبيا والمنطقة ككل وهو ما أكدته مجلة "ناشونال إنترست"،في يناير الماضي،حيث أكدت أن تركيا تلعب دورًا مزعزعًا للاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا، مستغلة ليبيا، كبوابة لها، تتمكن خلالها من النفاذ إلى دول الجوار، بعدما أمدت الجماعات المتطرفة داخلها بالسلاح والمال.

وقالت المجلة أنه في ظل إدارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان لمدة خمسة عشر عامًا، أصبحت أنقرة دولة بوليسية. وأكدت أن أردوغان هو من أراد أن تدفق الأسلحة إلى ليبيا، لكن لا يمكن تحديد إلى أي جهة.وذكرت "ناشونال إنترست"، أن قطر ممول مالي للإخوان المسلمين وجماعاتها المتشددة الأكثر انتشارًا في العالم، بينما تركيا هي الداعم بالسلاح.

ويرى مراقبون أن تركيا تسعى لدعم المليشيات المسلحة لضمان مصالحها،ومثل تقدم الجيش الوطني الليبي نحو العاصمة الليبية طرابلس تهديدا كبيرا لهذه المصالح التركية وهو ما دفعها للتحرك لمنع تحرير المدينة التي اشتهرت خلال السنوات السبع الماضية، بأنها الحاضنة الأولى للميليشيات المسلحة الموالية لتركيا وقطر، والتي تعيث في ليبيا فسادًا.

لكن مراهنة أنقرة على المليشيات المسلحة لتدعيم مصالحها في ليبيا ستفشل حيث يصر الليبيون على اجتثاث هذه المجموعات التخريبية من البلاد. وفي يناير الماضي تعهد العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشيير خليفة حفتر، بأنّ القوات المسلحة لبلاده ستسحق أتباع تركيا داعمي الإرهاب في ليبيا. وقال المسماري: "تركيا تدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا، والجيش سيسحق أتباعهم  في الجنوب وكل المدن الليبية".