تتواصل الإحتجاجات الشّعبيّة في مدينة بن قردان التّونسيّة الحدّودية مع ليبيا لليوم الثّامن على التوالي وسط حالة من الهدوء الحذر و عدوة تدريجية للحياة في المدينة التي تأثّرت بشكل كبير بتواصل غلق معبر راس جدير الحدودي الذي يعتبر الشريان الرئيسي للحياة في المدينة ،و مصدر الرزق الوحيد لألاف العائلات في الجهة.

و تستمر الإحتجاجات الشّعبية و المظاهرات في ظل غياب تام للأمن و قوّات الشّرطة التي خيّرت الإنسحاب الى ثكناتها و عدم التدخّل في مجريات الأحداث ،غير أنّه لم يُلاحظ وقوع أي أعمال عنف أو تخريب بإستثناء حرق مقر الإتحاد المحلي للشغل بالمدينة يوم الإربعاء الماضي و الذي أعلن على إثره الإتحاد الدّخول في إضراب عام مفتوح لمدّة ثلاثة أيّام بداية من الخميس وصولا الى غاية أوّل أمس السبت.

و يطالب المحتجون بضرور فتح المعبر و توفير مواطن شغل بديلة و حلول جذرية لمشكلة التنمية في المدينة ،حتّى لا تصبح حياة الألاف من الناس معلّقة على هذا المنفذ الذي يشهد منذ ثلاث سنوات حالة من عدم الإستقرار حسب تعبيرهم .

و مع العودة للعمل بمختلف المؤسسات العمومية و الخاصة اليوم الإثنين 8 إبريل/نيسان 2014 ،جدّد البعض المطالبة بإستئناف الإضراب العام ،رغم دعوة الإتّحاد المحلي للشغل لعودة العمل بمختلف المؤسسات بداية من اليوم.

و في صورة تقرّر إستئناف الإضراب العام فإنّ المدينة قد تشهد في الساعات القادمة مواجهات مع قوّات الأمن إذا ما تقرّر غلق المؤسسات بالقوّة ،فقد يتدخّل الأمن و تحدث مواجهات لا يمكن السّيطرة عليها نظرا لحالة الإحتقان الشّعبي الكبير الذي تعيشه المدينة ،و يبدو أنّ الأمن يأخذ هذا المعطى بعين الإعتبار حيث لم يدخل في أي مواجهات مع المحتجين حتّى الأن بل خيّر الإنسحاب و ترك تسيير شؤون المدينة للأهالي .

و كان الإتّحاد الجهوي للشغل بمدنين قد أصدر بيانًا مساء اليوم الأحد 6إبريل/نيسان 2014 تحصّلت "بوّابة إفريقيا الإخبارية" على نسخة منه عبّرت فيه عن "مساندتها المطلقة للحراك الشعبي السلمي دون المساس بالممتلكات العامة و الخاصة من أجل تحقيق المطالب المشروعة للجهة" كما عبّرت الإطارات النقابيّة عن "إستياءها و تنديدها بما تعرض له مقرّ الإتحاد المحلي ببن قردان من إعتداء سافر من طرف بعض الأطراف التي لا تمثل الحراك الشعبي مما تسبب في حرقه و إتلاف محتواياته" وفق نص البيان .

مطالبا "الحكومة و السلطة المعنيّة بالتحرك العاجل و إيفاد وفد رسمي على أعلى مستوى من أجل معالجة الوضع على عين المكان" و ذلك بالعمل على "فتح المعبر و ضمان الحماية للازمة للمسافرين من الجانبين الليبي و التونسي" و "تقديم بدائل حقيقيّة للتخفيف من الإعتماد على التجارة الموازية و ذلك بتفعيل المشاريع التنموية المبرمجة لفائدة الجهة" على حدّ تعبير البيان .

مضيفًا  "و من باب حرص النقابيين على إعادة العمل لمختلف المؤسسات و خاصة عودة أبناءنا التلاميذ للدراسة و تقديم الخدمات الضرورية لعموم المواطنين فإنّها على إستعداد تام للعودة للعمل بداية من يوم الإثنين 7 أفريل (إبريل/نيسان) 2014 و على الأطراف المعنيّة أن توفر الحماية الضرورية للمؤسسات و العاملين بها" وفق نص البيان .

و في هذا السياق صرّح محمّد لملوم عضو نقابة التّعليم الإبتدائي ببن قردان لــ"بوابة إفريقيا الإخباريّة" قائلاً :" على إثر الحراك الشعبي الذي شهدته منطقة بن قردان خلال الأيام الفارطة و الذي يتمثّل أساسا في مطالبة المواطنين بحقهم في التنمية و التشغيل ،هذا الحراك الإجتماعي هو على إثر غلق معبر راس جدير و الذي يمثل مصدر الرزق الوحيد لأهلي الجهة ،على إثر هذا دعت مجموعة من المواطنين و الشباب لإضراب عام بكامل معتمدية بن قردان ،و نحن كنقابة تعليم إبتدائي ببن قردان ،لما شاهدنا أن الوضع يزداد إحتقانا و أن المطالب هي مطالب مشروعة إرتأينا و لو في ساعة متأخّرة الدّخول في الإضراب العام بداية من الإثنين الفارط ،و نحن كنقابة تعليم إبتدائي ساندنا الحراك و الذي كان يوم الإضراب العام كانت مسيرة سلمية و لم يقع فيها أي إشكال ،و لكن للأسف الشّديد و بعد يومين و على إثر عدم إستجابة الطّرف الحكومي لمطالب الجهة و عدم إستماعها لأهالي المدينة إزداد الوضع إحتقانا ،و نحن نعلم جيّدا أن هناك بعض الأطراف التي لها حقد دفين على منظّمة الشغالين التي هي منظمة كل الشغالين في تونس و ليس منظمة أشخاص بعينهم ،و أنّ بعض الأشخاص و ليس كل الحراك الشعبي هم من إنفردوا بطريقتهم الخاصة و قاموا بالإعتداء على مقر المكتب المحلي للشغل بالمدينة ".

و في سياق و في إطار المباحثات المتواصلة بين الحكومتين التونسية والليبية بخصوص أزمة معبر رأس جدير الحدودي، تم الاتفاق خلال مكالمة هاتفية بين وزير الداخلية لطفي بن جدو ونظيره الليبي صالح مازق على أنّ يحل هذا الأخير بتونس يوم الثلاثاء القادم مرفوقا بوفد أمني ليبي لاتخاذ الحلول الكفيلة بإعادة فتح المعبر وتجاوز كل الإشكالات، حسب ما أفاد به المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي حسب ما ذكرت مصادر إعلاميّة .