وحدها،من بين كل دول العالم،تحذر فرنسا و منذ مطلع العام الماضي من تمدد الإرهاب و الجماعات الإرهابية في الجنوب الليبي،و لا ينسى وزير دفاعها التذكير بمضامين التحذير في كل مناسبة،يزور فيها بلدا إفريقيا أو عربيا،أو يلتقي فيها مسؤولا عربيا في باريس.و كأن الجنوب الليبي وحده من يتمدد فيه الإرهاب و الإرهابيون،و كأن بقية نواحي و مناطق الخارطة الليبية الكبيرة تعيش في أمن و أمان،فدرنة التي تحولت إلى إمارة داعشية و غيرها من المدن التي أصبحت مراكز هامة للجماعات الجهادية المسلحة،لم تكن في حسابات التحذير الفرنسي.فما هي دواعي هذا الهوس الفرنسي بالإرهاب في الجنوب الليبي؟؟

في 19 ديسمبر في نواكشوط، دعت خمس دول في منطقة الساحل (تشاد، مالي، النيجر، موريتانيا، بوركينا فاسو) خلال اجتماعها إلى تدخل دولي فوري في ليبيا. و كانت فرنسا الدولة الوحيدة التي التقطت هذه الدعوة لتجدد التعبير عن "شهوتها" في التدخل العسكري جنوب ليبيا تحت ذرائع انتشار الإرهاب- طبعا لا أحد ينكر انتشار الجماعات المسلحة الجهادية في هذه المنطقة و لكن أليس من المنطق العودة إلى الوراء قليلا و البحث عن كيفية تعاظم هذه الجماعات في الجنوب الليبي،أليس التدخل الاستعماري الأطلسي في العام 2011 و تفكيك سلطة الدولة الليبية المركزية تحت ذريعة نشر الديمقراطية هو الذي حول البلد إلى أكبر مصدر و منتج للإرهاب و السلاح في المنطقة.

و بوضوح تام يعبر وزير الدفاع الفرنسي ، جون إيف لودريان،عن القرار الفرنسي بالتدخل العسكري في المنطقة بالقول :" لا يجب القبول بوجود "معقل إرهابي" بليبيا، داعيا المجتمع الدولي إلى حشد جهوده للتعامل مع هذا الأمر.وقال لودريان، في كلمة له أمام القوات الفرنسية المتمركزة في العاصمة التشادية نجامينا بمناسبة ليلة رأس السنة، إن ما يحدث في ليبيا قد يحولها إلى ملاذ إرهابي إثر الفوضى السياسية والأمنية في هذا البلد."طبعا،لا يريد السيد لودريان أن يحدثنا عن الذي كان سببا في هذه " الفوضى السياسية والأمنية" و لا يريد أن يسترسل في الحديث عن السياسة الفرنسية الخرقاء التي أنتجت هذه الفوضى،و طائرات الحلف الأطلسي التي دمرت الدولة الليبية و حولتها إلى "دولة فاشلة" ،و جعلتها نهبا لقوى الاستعمار و الجماعات الدينية المتطرفة.

وتأتي تصريحات لودريان في الوقت الذي تطالب فيه دول عديدة في المنطقة بينها تشاد بتدخل عسكري دولي عاجل "بهدف التصدي للمجموعات المسلحة" في ليبيا ومنع تمددها باتجاه الجنوب.وتنشر فرنسا ثلاثة آلاف رجل في منطقة الساحل والصحراء في إطار عملية برخان، يتصدون لتحركات ميليشيات مسلحة عبر الحدود وخصوصا تلك القادمة من ليبيا والتي تحاول إنشاء معاقل متشددة دائمة في الساحل،حسب النوايا العلنية الفرنسية.فالمنطقة تزخر بالثروات الطبيعية كالنفط و الغاز الصخري و اليورانيوم وأكبر حوض للمياه الجوفية على سطح اليابسة.

الخبير الاستراتيجي الفرنسي ،ميشال غلاي، كان قد أكد في تصريحات صحافية نشرت ،أمس الأربعاء،على أن التدخل العسكري في ليبيا بات وشيكا نظرا إلى تدهور الأوضاع وانفلات الأمن بسبب تصاعد نفوذ التنظيمات المسلحة المتشددة.وأضاف، أن “عملية عسكرية فرنسية باتت وشيكة في الجنوب الليبي”، رغم مرور أيام قليلة على استبعاد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند فكرة القيام بتدخل عسكري في ليبيا في مقابلة مع محطة “فرانس انتير” الإذاعية.ويرى غلاي أن حادثة شارلي إيبدو أفضل تحضير للرأي العام الفرنسي لعملية عسكرية بهذا الحجم، مما يجعل “الجنوب الليبي في مرمى الأهداف العسكرية الفرنسية أكثر من أي وقت مضى”.