بعد يوم واحد من كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أول من أمس، التي طالب فيها «بتكثيف التعاون لتجفيف منابع الدعم الذي يتيح استمرار جرائم الجماعات الإرهابية»، أفتت دار الإفتاء المصرية أمس، أن «الانتماء إلى التنظيمات المسلحة ودعمها بأي صورة من الصور حرام شرعا»، فيما قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «قطع ألسنة قادة التنظيمات الإرهابية وردهم إلى جحورهم، يجب أن يكون من أولويات متخذ القرار، لوأد الفتن».
وسبق أن أعلنت هيئة كبار العلماء بالأزهر (أعلى هيئة دينية في مصر)، أن وصف تنظيم «داعش» بـ«الدولة الإسلامية» دعوى كاذبة، لافتة إلى أن «داعش» خارج عن صحيح الدين وتعاليم الإسلام. وأضافت دار الإفتاء في فتوى لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها أمس، أن ما تقوم به التنظيمات الإرهابية مثل من يسمون أنفسهم كذبا بـ«الدولة الإسلامية» وغيرها من قتل للرجال والنساء وترويع للآمنين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ونهبها لا يمت للإسلام بصلة، لأن الشريعة الإسلامية حرمت في حالة الحرب مع العدو غير المسلم قتل النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين، والظلم والجور، وتخريب العمران، وقطع الأشجار، بل حرمت قتل الدواب، فما بالنا بالمسلمين، لافتة إلى أن مثل هذه التنظيمات بفكرها المتطرف قد ضللت الكثير من الشباب الذين تم التغرير بهم تحت اسم الدين والجهاد وتحت اسم الدولة الإسلامية، بينما هي في الحقيقة محاولة لتشويه الدين وتدمير البلاد وسفك دم العباد، بعد أن ضلوا في استنباط الأدلة الشرعية، وانجرفوا في فهمهم للآيات والأحاديث، فهم يلوون عنق النصوص كي يبرروا مواقفهم وأفعالهم الدموية المتطرفة، ويصدرون الفتاوى الشاذة المنكرة لصالح منهجهم التكفيري الذي يعيثون به في الأرض فسادا.
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن «دعم التنظيمات المسلحة حرام شرعا، لأنها تسعى لدمار البلاد والعباد، وتشوه صورة الإسلام بأفعالهم الوحشية». وتابعت بقولها بأن «الحرمة التي يقع فيها أولئك المتطرفون بسبب جرمهم وإيذائهم وسفكهم للدماء، تنسحب هذه الحرمة وذلك الجرم أيضا على كل من يدعم هذه الجماعات بالمال أو الإيواء أو بالكلمة؛ بل يطردون من رحمة الله»، مشيرة إلى أن الجهاد لا بد أن يكون تحت راية الدولة ويعود أمر تنظيمه إلى ولاة الأمور ومؤسسات الدولة المختصة الذين ولاهم الله تعالى أمر البلاد والعباد.
وقالت دار الإفتاء في فتواها، إنه «لا يجوز لأحد أن يبادر بالجهاد بنفسه عبر جماعات أو تنظيمات مسلحة دون مراعاة تلك الضوابط والشروط؛ وإلا عد ذلك افتئاتا على ولاة الأمور، وقد يكون ضرر خروجه أكثر من نفعه، فيبوء بإثم ما يجره فعله من المفاسد».
وحول تهجير التنظيمات المسلحة للمسيحيين وغير المسلمين وإجبارهم على الدخول في الإسلام، أكدت دار الإفتاء في فتواها، أن الإسلام دين التعايش، ومبادئه لا تعرف الإكراه، ولا تقر العنف، ولذلك لم يجبر أصحاب الديانات الأخرى على الدخول فيه؛ بل جعل ذلك باختيار الإنسان.. وهم بذلك يخالفون الإسلام وما جاء به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي نهى عن قتلهم بل أمر بإكرامهم وجعل لهم حق الجوار، وهم لم يرفعوا سلاحا ضد المسلمين بل يتعايشون مع المسلمين في سلام وأمان».
وأضافت الفتوى أنه «لما ترك الإسلام الناس على أديانهم فقد سمح لهم بممارسة شعائر أديانهم في دور عبادتهم، وضمن لهم من أجل ذلك سلامة دور العبادة، وأولى بها عناية خاصة؛ فحرم الاعتداء بكافة أشكاله عليها». موضحة أن قيام هذه الجماعات الإرهابية بهذه الأفعال البغيضة والجرائم الشنيعة قد أضر بالإسلام والمسلمين أكثر من نفعهم، حيث شوهوا صورة الإسلام الصافية النقية في الداخل والخارج وصوروه أنه دين عنف وقتل، في حين أن الإسلام دين رحمة وسلام.
في ذات السياق، قال الدكتور شومان وكيل الأزهر، إن «ما يطلق عليه إعلاميا تنظيم داعش وسائر التنظيمات الإرهابية، لا تمثل الدين بسلوكياتها وما تمارسه من قتل وقطع للرقاب وتفجير وترويع للآمنين»، لافتا أن «هؤلاء خارجون عن صحيح الدين وتعاليم الإسلام.. ووصفها بـ(الدولة الإسلامية) كما يفعل الإعلام الغربي؛ إساءة بالغة للإسلام والمسلمين، لأن سلوكياتهم شاذة خارجة على أحكام الشريعة وأخلاقها».
وأضاف وكيل الأزهر في تصريحات خاصة مع «الشرق الأوسط» أمس، أن «المتابع لما نحن عليه اليوم نجد أن كل ذلك يأتي ونحن أمام هجمة شرسة من التتار الجدد وهم ليسوا عنا ببعيد، فما يفعله مجرمو داعش في العراق حاليا لم يفعله أسلافهم، ويعلنون أن خطتهم متدرجة، وليست مصرنا خارج حدودها، ولعل هؤلاء وكلاؤهم الذين يتمنون لهم التوفيق في إزكاء الفتنة وإلهاء المصريين عامة وخاصة عن إفساد مخططات هؤلاء، لينشغل بعضهم ببعض فهذا يشكك وهذا يدفع، وهذا يشتم وذاك يرد»، لافتا إلى أن قطع ألسنة قادة الفتن وردهم إلى جحورهم يجب أن يكون من أولويات متخذ القرار، لوأد الفتن ورد الناس إلى لحمتهم الوطنية.

 

*نقلا عن الشرق الأوسط