كعادته في كلّ المناسبات التي يظهر فيها، لا يركز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه على مضمون المناسبة فقط، لكنه يستغل مثل هذه الفرص للحديث في أمور أخرى سياسية واقتصادية.

ورغم أن السيسي تحدث كثيرا عن الإعلام والدور الذي ينتظره منه، وكذلك خطر الإرهاب، وما تحتاجه مصر من أموال لإنقاذها من عثرتها الاقتصادية، إلا أن حديثه اليوم في محافظة الإسماعيلية (شمال شرق) خلال تدشين مشروع "القناة الثانية" الموازية لقناة السويس بدا مختلفا، لأنه انتقل إلى "التفاصيل"، كما أنه أضاف إلى خطابه بعدا آخر وهو الرغبة الواضحة في تحقيق الإنجاز.

وفيما يلي الهموم الأربعة للسيسي التي رصدتها الأناضول والتي تطرق خطابه في ذكر تفاصيل عنها:

 

*الإعلام :

 

خلال لقاءه أثناء حملته الانتخابية مع قناة "الحياة "(الخاصة)، قال السيسي: إن للإعلام دورًا كبيرًا في المرحلة المقبلة من حيث التعبئة الفكرية وتكوين الظهير الفكري عند المصريين، لافتًا إلى أن دور الإعلام خطير في المرحلة المقبلة حتى يشكلوا وعيًا حقيقيّا بالتحدي وكيفية مواجهته.

وفي حواره مع القنوات الخاصة "المحور"، و"صدى البلد"، و"التحرير"، و"القاهرة والناس" خلال حملته الانتخابية قال السيسي إن "الإعلام لديه مشكلة حقيقية في التركيز على الأفق السياسي وتجاهل عدة قضايا أخرى مثل (أولاد الشوارع)".

وطالب الإعلام بوضع الأحداث في حجمها الحقيقي ومراعاة الله في القضايا التي يتم تداولها.

وخلال توليه المنصب التقى السيسي في 6 يوليو / تموز الماضي  رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة ليؤكد خلال اللقاء على نفس الأفكار، التي لخصها اليوم في حفل افتتاح القناة الثانية الموازية لقناة السويس بالحديث عن نمط الإعلام الذي يريده، وهو " إعلام الحقبة الناصرية".

وقال: " الزعيم الراحل عبد الناصر كان محظوظ لأنه كان يتكلم والاعلام معه في منهج واستراتيجية والهدف صف الشعب المصري".

وتابع: "الاعلام عليه واجب وأنا أشهد المصريين علي المسئولية الكبيرة للصحافة والتلفزيون.. المهم تساعدونا في المعركة الكبيرة جدا".

وأضاف مستنكرا طريقة تناول الإعلام لعدد من الموضوعات " لم يسمها " : " انا مش عايز اجيب (لا أريد أن أحضر) موضوعات واقول ماذا وراء طرحها بهذه الطريقة".

وخاطب الإعلاميين قائلا: "  على مهلك (تريث) هذه بلد وظروفها صعبة".

 

* المال 

 

البعد الإقتصادي المتأزم لمصر، وتركيز السيسي علي قدرة المصريين والدول الخليجية في تخفيف حدته، بدأ مبكرا لديه أثناء حملته الإنتخابية، وعبر وسائل إعلام مصرية تحدث السيسي بوضوح عن أهمية الدعم المالي العربي والمصري لتجاوز الأزمة الاقتصادية.

وبعبارة " لازم (لابد) تضحيات حقيقة من كل مصري ومصرية "فأجا السيسي المصريين أثناء خطاب رئاسي في 24 يونيو/ حزيران الماضي بتنازله عن نصف راتبه وممتلكاته لأجل مصر، داعيا المصريين للتبرع فيما عرف بعد بصندوق تحت إشراف السيسي باسم "تحيا مصر". 

ورغم الأرقام التي تعلنها بين وقت آخر صحف مصرية عن تبرعات المصريين ورجال الأعمال وهيئات ومؤسسات دعما للإقتصاد المصري إلا أنها لم تصل تقديراتها الأولية إلي 100 مليار جنيه (14 مليار دولار) المستهدف بحسب السيسي.

 وهمّ تجميع 100 مليار جنيه دفع السيسي في خطابه اليوم إلى أن يركز بصورة كبيرة علي تبرع المصريين بقوله "هاتدفعوا هاتدفعوا"، مضيفا "انتو (أنتم) تحرجونى (تعرضوني للحرج) يا مصريين مش لازم  (لابد) كل مرة أقولكم اتبرعوا لازم تساعدوا مصر". 

وكشف السيسي مزيدا من التفاصيل عن أوجه صرف أموال الصندوق منها دعم محافظات مصر خاصة في الدلتا (شمال) والصعيد (جنوب) بجانب توفير سيولة مالية أثناء التفاوض علي سد النهضة الأثيوبي لإيجاد بدائل لأضراره منها انشاء نظم رى حديثة تتكلف 160 مليار جنيه (22 مليار دولار)، و5 مليارات دولار أخري لتنقية  مياه الصرف. 

 

* الإرهاب 

 

من قبل أن يتولي السيسي حكم مصر في يونيو/ حزيران الماضي، طالب المصريين قبل عام  في يوليو/ تموز 2013 وقت توليه وزارة الدفاع بتفويضه لمحاربة "الإرهاب المحتمل"، وتجاوز السيسي في خطاباته الواقع المصري للحديث عن الإرهاب في المنطقة.

وباتت كلمة "الإرهاب" جزء لا تتجزأ من خطابات السيسي ولقاءاته ففي مايو/ آيار الماضي توعد السيسي خلال لقاء تلفزيوني من يحاولون استهداف بلاده بقوله: "لن نسمح للبلاد بالسقوط بالتظاهر والفوضى والإرهاب".

واقترب السيسي في خطابه اليوم من محاولة تقليل الفزاعة من الإرهاب لدي المصريين في الداخل والخارج، بقوله " أنا شايف (أرى) المصريين قلقيين شويه (قليلا) لما أقولهم بصوا حوالينا (أنظروا حولنا) ممكن صحيح محتاجيين نكون قلقين ولكن محتاجين نكون حاذرين وحريصيين".

وبصورة واضحة، أعلن السيسي عن وجود "مخطط لهدم المنطقة" قائلا "في حد (أحد) ماسك (ممسك) المنطقة ده بيهد (يهدم) فيها وهذا أمر مقلق صحيح" مضيفا " ماحدش (ليس هناك) يقدر يغلب شعب، اقرأوا  التاريخ الشعوب التي وقفت أمام أي مخطط".

وأرسل السيسي في خطابه رسالة هي الأولي من نوعها منذ توليه الحكم تتضمن قبوله بالمختلف معه من المصريين شريطة ألا يؤذي البلد أو يدمر مرافقها، موجها النصيحة لهم بأن "البلاد التي لا تهد لا ترجع تاني (مرة أخري) وستبقي تتناحر سنيين طويلة". 

 

 * الإنجاز 

ومنذ انتخاب السيسي رئيسا لمصر في يونيو/ حزيران الماضي، والمراقبون يتحدثون عن سعي النظام المصري للبحث عن "شرعية الانجاز" التي يعتبرونها أقوي من شرعية الصندوق والانتخابات لما تحققه من طموحات المصريين . 

وبدا السيسي ملحا علي الإنجاز في تقديم الخدمة للمصريين داعيا إلي استيقاظ المسؤولين من الساعة السابعة صباحا لأداء مهامهم. 

ولم يتبعد السيسي في خطابه اليوم عن الحث علي سرعة الإنجاز قائلا : " احنا متأخرين أوى ( نحن متأخرين جدا) ومش (لن) بنضحك ولا هنبيع (نبيع) وهم للناس احنا عايزين (نحن نريد) نبنى بلدنا".

وخاطب المقاولين المسئولون عن تنفيذ المشروع ، قائلا "هنشتغل (سنعمل) بغض النظر عن الفلوس (النقود) وفلوسك عند مصر وعندى"، مضيفا "يجب أن ينتهى المشروع فى سنة، وهنشيل  (نرفع) بلدنا على كتافنا (أكتافنا)، ومش هنسيبها ولا هنضيعها".

وعلي الهواء مباشرة أصدر السيسي في خطابه تكليفات للمسؤولين قائلا لرئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازى "أنت مسئول قدام (أمام) كل المصريين إنك متمشيش (لا تتحرك) من هنا إلا لما نيجى (نأتي ) السنة الجاية (القادمة) لو كان لينا (لنا) عُمر نكون حفرنا".

وكرر أن " حب الوطن مش (ليس )كلام والله لازم (لابد) كل اللي (الذي) احنا قلناه للنعملوه (ننجزه)".

وفي نهاية خطابه السيسي قال " لازم (يجب) أنجز لازم (لابد) أخلص".