بعد إسدال الستار على مؤتمر باليرمو حيث تشير كل المعطيات أنه فشل في تحقيق أهدافه يتجدد الجدل السياسي والقانوني في ليبيا، بخصوص مستقبل الدستور الجديد، الذي مازال إصداره مطلبا صعب التحقيق في ليبيا في ظل تواصل الانقسامات وغياب التوافق بين الفرقاء.

لكن رغم هذا المشهد المظلم يبرز هذه الأيام بصيص أمل للمضي قدما نحو الإستقرار عبر البوابة الداخلية هذه المرة.

فالخطوة الأولى تتعلق بالاستفتاء على الدستور مطلع العام 2019 حسب إعلان المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، إلا أن عدم التوافق النهائي بين مجلسي النواب والأعلى للدولة قد يحول دون ذلك، خاصة أن البرلمان يقول إنه أتم ما عليه، فيما يعترض الأعلى للدولة على بعض المواد في الإعلان الدستوري.

فيما شدد رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، الثلاثاء، على ضرورة تجنيب القوانين الخاصة بعملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والتشريعية، أي مشاكل قانونية توقف تنفيذ الاستحقاقات الهامة.

وأضاف السراج أثناء لقائه رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، ونائبة المبعوث الأممي للشؤون السياسية  ستيفاني ويليامز أنه لا بد أن تتوافق هذه الاستحقاقات مع أسس الاتفاق السياسي، واعدًا بتوفير الميزانية الكاملة لدعم المفوضية من خلال الترتيبات المالية، وكل ما يلزم لإنجاح هذه العملية الديمقراطية.

وبحث المجتمعون استعداد المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية فور انتهاء استيفاء الشروط الدستورية والقانونية والفنية؛ لتؤدي المفوضية عملها على أكمل وجه.

إلا أنه تبرز بعض الخلافات التي يمكن أن تحول دون التوصل إلى حل نهائي للأزمة حيث قال فتحي المريمي مستشار رئيس البرلمان الليبي، إن كافة الأطراف السياسية تسعى إلى إجراء الانتخابات وتدعو لذلك، إلا أن الأزمة تتعلق بأن كل طرف لديه أهداف وطموحات ورؤى متباينة مع الطرف الآخر، وكل يسعى لإجراء الانتخابات بما يتوافق مع مصالحه.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" أن مجلس النواب أوفى بالالتزامات المنوط بها، فيما يتعلق بالتشريعات والقوانين، وأن الأمر الآن في يد المفوضية العليا للانتخابات.

وفي الجانب المقابل،قال محمد امعزب عضو المجلس الأعلى لدولة، إن الجماعات الإرهابية والمسلحة لا يمكن أن تعيق عملية إجراء الانتخابات، إلا أن الاختلاف الحالي بين الأحزاب والتكتلات السياسية، خاصة فيما يتعلق بمواد تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم وحتمية موافقة 50%+1 من كل إقليم على الدستور وهو ما قد يخلق إشكالية كبيرة، وكذلك المواد المتعلقة بتوزيع الثروة وأصحاب الجنسية المزدوجة، والظروف الأمنية.

وتابع أن توافر الجانب الأمني بات هاما، خاصة بعد إعلان المفوضية أنها ستشرع في عملية الاستفتاء مع بداية العام الجديد 2019.

في سياق متصل أعرب مختلف المؤسسات الدولية الموجودة عن نية التعاون لإنجاح هذا الإستحقاق،التقى رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح صباح اليوم الأربعاء مع نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ماريا ريبيرو، وذلك في إطار استعدادات المفوضية لتنفيذ الاستحقاق الوطني القادم.

إذ استعرض الاجتماع تحضيرات المفوضية لإجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور وسبل دعم الأمم المتحدة لهذه العملية، وآلية التنسيق بين المنظمات التابعة للأمم المتحدة ومن بينها، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمنظمة الدولية للهجرة، وذلك لتفعيل برامج الشراكة في عملية الاستفتاء.

هذا واستقبل السايح سفير الاتحاد الأوربي لدى ليبيا آلان بوجيه وبحث الطرفان سبل دعم المفوضية في تنفيذ هذا الاستحقاق، وفق أفضل المعايير الدولية المعمول بها في العالم الديمقراطي.

يشير مراقبون أن إنجاح هذا الاستحقاق المصيري رهين توفّر أرضية توافق داخلية صلبة على أساس خارطة طريق واضحة الملامح لانقاذ البلاد من المستنقع الذي تسبح أما عمليات المخاتلة السياسية و ربح النقاط فلن تزيدا إلا الوضع تعقيدا