حوّلت المليشيات المسلحة والمرتزقة والعناصر الارهابية الموالية لتركيا،الألغام والعمليات الانتحارية إلى سلاح أخير لتحقيق أهداف عسكرية عجزت عن تحقيقها في الميدان، خلال المعارك التي تخوضها ضد القوات المسلحة الليبية،التي نجحت خلال الفترة الأخيرة في ترتيب صفوفها بعد التراجعات التكتيكية وتوجيه ضربات قوية للمليشيات والمرتزقة في عدة محاور في العاصمة الليبية.

إلى ذلك،أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة أن التشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس تقوم بزرع الألغام في المدينة.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة إن "المليشيات والدواعش يعودون لاستخدام حيلهم القديمة التي استخدمت في بنغازي ودرنة والآن يستخدمونها في طرابلس" مؤكدا أن هذه الحيل تتمثل في استخدام الألغام.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا،أعربت عن قلقها البالغ حيال تقارير تفيد بمقتل أو إصابة ساكني منطقتي عين زارة وصلاح الدين في طرابلس جراء انفجار عبوات ناسفة مبتكرة، وضعت في منازلهم أو بالقرب منها.وأشارت البعثة، في بيان، إلى أن هذا التفجير استهداف متعمد للمدنيين الأبرياء، موضحا أن هذا التفجير يعد تحولا بشعا وتدهورا في النزاع.


وأدانت البعثة بشدة هذه الأعمال التي لا تخدم أي هدف عسكري وتثير الخوف الشديد بين السكان وتنتهك حقوق المدنيين الأبرياء الذين يجب حمايتهم بموجب القانون الدولي الإنساني.ودعت البعثة جميع الأفراد إلى التماس المعلومات والاستماع إلى إرشادات الجهات الأمنية بالابتعاد عن المناطق التي لم تعلن السلطات المختصة بأنها آمنة وعدم الاقتراب من أية أجسام مجهولة يحتمل أن تكون عبوات ناسفة.

وأوضحت أن إبلاغ السلطات بمثل هذه المعلومات أمر أساسي للمساعدة في التخفيف من المخاطر، مشيدة بأعمال البحث والتطهير التي تقوم بها الشرطة الليبية والمهندسون العسكريون الذين تم تدريب العديد منهم من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.وكررت تأكيدها دعمها المستمر للشركاء والمجتمعات المحلية والأطراف الليبية المعنية ممن يعملون بلا كلل لتخليص ليبيا من تهديد المواد المتفجرة ومخلفات الحروب.

وتتزايد مخاوف الليبيين من عودة التنظيمات المتطرفة والإرهابيين التابعين لكل من تنظيمي القاعدة وداعش مع التزايد المستمر لأعداد المرتزقة القادمين من سوريا عبر تركيا، وإنتماءاتهم لتنظيمات مصنفة إرهابية دولية بينها داعش والنصرة.وقال المرصد لحقوق الإنسان،أمس، إنه علم من مصادر موثوقة، بأن كتيبة تضم نحو 50 عنصرًا يترأسها أمني سابق في تنظيم "داعش" من ريف حمص الشرقي، ذهبت للقتال في ليبيا بجانب المرتزقة الموالين لتركيا.

وكان الجيش الليبي اعتقل قبل الأيام أحد أبرز قيادات داعش في سوريا الذين جلبتهم تركيا حديثا إلى ليبيا، محمد البويضاني المكنى أبوبكر الرويضاني، برفقة 26 آخرين من مجموعته، غالبيتهم من أبناء محافظة حمص.وعقب ذلك تبنى تنظيم داعش الإرهابي تفجيرا بعبوة ناسفة استهدف سيارة مسلحة تابعة للجيش الوطني جنوبي البلاد في مدينة تراغن،انقاما لعملية القبض على الرويضاني.

وحاولت حكومة الوفاق الصاق تهمة زرع الألغام بالجيش الليبي،وحذرت عملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة السراج، المدنيين، من العودة إلى منازلهم بعد قبل أن تمشطها "سرايا وفرق الهندسة العسكرية"، وتتأكد من خلوها من أي ألغام أو متفجرات، وزعمت أن قوات الجيش الوطني زرعت بها عشرات الألغام قبل أن تغادر المكان.

لكن الجيش الوطني نفى تماماً أنه "قد يقدم على مثل هذه الأفعال التي تضر بالمواطنين"، ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصدر عسكري مسؤول يعمل الآن في مدينة درنة، إن الجيش له "عقيدة قتالية تختلف عن بقية الميليشيات المسلحة و(المرتزقة)، وتمنعه عن إلحاق الأذى بالمواطنين، وهذا ما منعه من (تحرير) طرابلس الآن، خوفاً على السكان من المدنيين".


وسبق أن اتهمت قوات الوفاق في يونيو/حزيران الماضي، الجيش بزرع ألغام حول مطار طرابلس العالمي؛ لكن المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة" نفى هذه الاتهامات في حينها، وقال إن "ادعاءات تنظيم (الإخوان) وعصاباتهم هذه جاءت نظراً لحجم الخسائر التي تكبدوها، ولما وصلوا إليه من إنهاك وإعياء".وشدد المركز على أن القوات المسلحة "تحترم المواثيق والأعراف الدولية، وملتزمة بالقانون الدولي الإنساني لحقوق الإنسان، ولم تقم باستخدام الألغام بكل أنواعها في أي مواجهة سابقة أو حالية مع العصابات الإرهابية".

ويبدو اللجوء إلي زرع الألغام والمتفجرات، مؤشرا علي تصاعد الخسائر قي صفوف المليشيات والمرتزقة،آخرها كان الجمعة حين تمكن الجيش الليبي من تنفيذ كمين محكم للمليشيات بمحور الكازيرما قتل فيه العشرات من المليشيات والمرتزقة، كما تم القبض على 17 آخرين ومصادرة 6 سيارات مسلحة ومدرعة تركية، بحسب تصريحات المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الليبي.

وقبل ذلك تمكنت قوات الجيش الليبي من تنفيذ كمين محكم للمليشيات بمعسكر اليرموك أسفر عن مقتل العشرات من المليشيات والمرتزقة السوريين.وخلال "ضربة اليرموك" نجحت قوات الجيش الليبي في القبض على 12 من المرتزقة السوريين والتحفظ على جثث 25 قتيلا.كما نجح الجيش الليبي في القضاء على عدد كبير من القيادات البارزة في صفوف المليشيات والمرتزقة ناهيك عن اسقاطه للعديد من الطائرات التركية المسيرة. 

خسائر دفعت النظام التركي ومن ورائه مرتزقته والمليشيات المسلحة الى أسلوب ارهابي حيث أقدمت أنقرة على إدخال طائرات مسيّرة انتحارية.ومساء الأربعاء الماضي، قال اللواء فوزي المنصوري آمر محور عين زارة وقوة عمليات أجدابيا، إن قوات الوفاق استخدمت طائرات مسيّرة جديدة من طراز (ألباغو) ذات الجناح الثابت المعروفة باسم "الكاميكاز"، موضحا أنها طائرات انتحارية بدون طيار، سبق وأن تم استخدامها من قبل ميليشيات الحوثي في اليمن.

وأضاف في مقطع فيديو عرض خلاله بقايا إحدى الطائرات التي تم إسقاطها من قبل الدفاعات الجوية للجيش، أن هذه الطائرة تعمل على تفجير نفسها حال اقترابها من الهدف، ومصنعة من قبل شركة (إس تي إم) التركية للصناعات الدفاعية، مشيرا إلى أن قوات الوفاق شاركت بحوالي 10 طائرات انتحارية في الهجوم على محوري كاريزما وعين زارة، ورغم ذلك تمكن الجيش من صدهم وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والآليات والذخائر.


وسبق أن اعتمدت التنظيمات الإرهابية سلاح الألغام والهجمات الإنتحارية في مدينتي بنغازي ودرنة،بعد خسائرها ميدانيا.وحققت قوات الجيش الليبي النصر في المدينتين بعد معارك مطولة ضد هذه التنظيمات التي ظلت تحاول زعزعة الأمن فيهما عبر الهجمات الفردية والتفجيرات،في محاولة منها لتحقيق مكاسب تمكنها من العودة من جديد بعد سقوط معاقلها هناك.

ويظل التخلص من مخلفات الصراعات المسلحة،ملفًا ذو أولوية على أمن واستقرار ليبيا، لا سيما في ظل تعقيدات متعددة تتعلق بإعادة إعمار المناطق المحررة من سيطرة التنظيمات الإرهابية والميلشيات المسلحة بعد تمشيطها وتنظيفها من مخلفات الحرب، وتفكيك الألغام الأرضية التي تمت زراعتها، إلى جانب ضعف الوعى المجتمعي بمخاطر تلك المخلفات، وخاصة من قبل الأطفال.

ويجمع مراقبون على أن تكلفة الحرب كبيرة، ولا تتوقف مأساتها على ما يدور في ميدانها، حيث تستمر تلك المأساة لعقود يسقط خلالها الكثير من ضحايا مخلفات الحروب.ويبقي الأمل في ليبيا مرتبطا بمدى قدرة الفرقاء على تحقيق التوافق والوصول إلى تسوية شاملة تتوج بإرساء دولة ذات مؤسسات قوية وقادرة على إخراج البلاد من العنف والفوضى إلى الأمن والإستقرار.