قرار الحكومة الإيفوارية تفعيل قانون منع النفايات البلاستيكية "بصرامة" للحدّ من الأكياس البلاستيكية التي تملأ شوارع المدن والقرى، والبالغ عددها "3 ملايين يوميا"، من شأنه أن ينقذ البيئة الإيفوارية من موت بطيء، غير أنّه، في المقابل، قد يحكم بالإعدام على صناعة التدوير أو الرسكلة الناشئة.

في "بواكيه" الواقعة شمالي كوت ديفوار، توقّفت وحدة رسكلة النفايات البلاستيكية عن العمل، فيما جلس عمّالها الـ 38 القرفصاء وهم يفكّون وثاق كومة نفايات صغيرة الحجم ملقاة بغير انتظام في سقيفة المصنع الصغير الذي دخل لتوّه حيّز النشاط (منذ أقلّ من شهرين).

وبنظرات محبطة ونبرة اختزلت يأس صاحبها، قال أحد العمّال "نحن بالكاد بدأنا العمل، ولازلنا بصدد تعلّم كيفية التخلّص من النفايات البلاستيكية.. نودّ معرفة إلى أين نمضي بهذه الطريقة؟".

وبحماس، قاطعه زميله الجالس على مقربة منه، قائلا، في تصريح للأناضول "الأكياس البلاستيكية يمكن أن تتحوّل إلى ذهب"، و"معظم العاملين في هذا القطاع (رسكلة النفايات البلاستيكية) كانوا محاربين سابقين جاؤوا إلى هنا بمقتضى برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، والذي تمّ وضعه عقب أزمة ما بعد انتخابات 2010 وتمرّد سبتمبر/ أيلول 2002. وهذه الفئة من الناس تضمّ حوالي 30 ألف شخص، أدمج معظمهم في صناعة التدوير".

تنتج كوت ديفوار ما لا يقلّ عن 200 ألف طن من الأكياس البلاستيكية، 140 ألف منها موجّه للتصدير، فيما تستخدم الكمية المتبقّية (60 ألف) في الاستهلاك المحلّي. ووفقا للتقديرات الرسمية، فإنّ 3 ملايين كيس يلقى به يوميا في الطبيعة، وأنّ صناعة التدوير التي لا تزال في مراحلها الأولى، أو هي في طور جنيني، عاجزة عن رسكلتها.

كميات ضخمة من النفايات البلاستيكية الناجمة عن الأكياس البلاستيكية، وهو ما يشي بكارثة بيئية واسعة الأرجاء في البلاد، غير أنّ التصدّي للتلوث البيئي بتفعيل قرار منع النفايات البلاستيكية من شأنه أن يجهض مشاريع صغرى وقطاعا مستحدثا في البلاد لا يزال يتحسّس خطواته الأولى في مجال الرسكلة. فهذا القرار يعني تقليص كمية النفايات البلاستيكية الملقاة، وهو ما سينعكس سلبا على وحدات التدوير الناشئة، والتي ستفقد المادة الأولية لنشاطها، ويقودها، تبعا لذلك، نحو موت محقّق.

"سيلا أداما" الرئيس المدير العام لوحدات تدوير بمنطقة "بواكيه" تحمل اسم "تابا سيكو إيمان"، قال إنّ كلّ وحدة تحتاج يوميا نقل كمية نفايات لا تقلّ عن الـ 10 أطنان إلى وحدة التدوير الرئيسية بأبيدجان، فـ "الوحدة تطرح في السوق منتجات شبه مصنّعة ولكن أيضا منتجات أخرى تعتمد بالأساس على النفايات البلاستيكية، لذا، فإنّ إلغاء المواد الأولية يعني بالنسبة إلينا الانجراف نحو الهاوية".

وأضاف "أداما" مستبقا ما يمكن أن يحدث تبعا لهذا القرار قائلا بأنّه "لن يفصل العمال في شركته، لكنّي على يقين بأنّ الشركات الأخرى ستفعل. "أنا لست ضدّ القرار، إلاّ أنّه يتعيّن على النظام الاقتصادي لما بعد الأزمة أن يقود نحو تنظيم جميع القطاعات لتمكين الإيفواري من إعادة التموقع على المستوى الاقتصادي، لأنّه من غير الممكن، بأي حال، محو 10 سنوات من الحرب في أربع سنوات.. هناك دائما ارتدادات لكلّ أزمة".

أمّا من جانب الحكومة الإيفوارية، فلم يتسنّ لمراسل الأناضول الحصول على تعقيب حول المسألة من طرف المتحدّث باسمها "برونو كوني"، فيما أكّد المكلّف بالاتصالات بوزارة البيئة الإيفوارية "سيمون ندا"، في تصريح للأناضول، أنّ أوضاع المحاربين القدامى ستكون دائما بخير، موضّحا أنّ "صناعة البلاستيك المندرجة ضمن مشروع إعادة إدماج المحاربين القدامى ستحتفظ بقدرتها التشغيلية، ولم يتمّ منع جميع الأكياس، لذا، فإنّ المادة الأولية ستكون متوفّرة على الدوام".