يلقي الصراع الليبي بتأثيراته الخطيرة على دول الجوار،أمنيا و اقتصاديا و سياسيا.خاصة بعلاقة بالمواقف الرسمية في دول الجوار بأطراف النزاع،بين حكومة طبرق المعترف بها دوليا و حكومة طرابلس المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته.و تعد تونس من بين أكثر الدول تأثرا بالصراع خاصة على المستوى الأمني و الاقتصادي.فمن بين هذه التأثيرات :
- مخاطر أمنية تتعلق بانتشار السلاح في البلاد و القادم أساسا من ليبيا.ففي الأسبوع الماضي كشفت الأجهزة الأمنية التونسية مخزنين للأسلحة الثقيلة و المتوسطة في منطقة بنقردان المتاخمة للحدود الليبية. ويرى مراقبون أن الشريط الحدودي مع ليبيا يشكل المصدر الرئيس لأغلب كميات الأسلحة المحجوزة داخل التراب التونسي، كما أشار إلى ذلك تقرير للأمم المتحدة.وجاء في التقرير، الذي أعدته مجموعة الخبراء في مجلس الأمن الدولي التي تراقب حظراً على الأسلحة، أن السلطات التونسية قد خصصت موارد إضافية لمراقبة الحدود مع ليبيا وقامت مرات عديدة بمصادرة شحنات الأسلحة والذخيرة القادمة من ليبياوحذر خبراء الأمم المتحدة في ختام تقريرهم إلى أن "تونس تواجه تحديات أمنية داخلية هامة. فبعض الأعتدة القادمة من ليبيا تبقى في تونس ما يؤدي إلى تفاقم هذه المشاكل. وقد عثرت السلطات على عدة مخابئ للأسلحة خلال السنة الماضية، بعضها على الحدود مع الجزائر وربما ظلت هناك في انتظار نقلها لاحقاً إلى الجزائر"..إلى جانب انتشار الأسلحة الليبية في تونس،تتعرض البلاد إلى تحدي ثاني خطير ،هو انتقال الشباب التونسي إلى ليبيا للانضمام إلى الجماعات الجهادية المسلحة،و خاصة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".ففي الآونة الأخيرة كشف التنظيم عن عديد العمليات الانتحارية التي نفذها تونسيون في ليبيا ضد أهداف تابعة للجيش الليبي في بنغازي و طرابلس.

- مخاطر اقتصادية تتعلق بقضية التهريب و التجارة الموازية التي أرهقت الاقتصاد التونسي المنهك أصلا من تأثيرات ثورة 14 يناير.فقد حذرت الجهات الرسمية في أكثر من مناسبة من خطورة النزيف الاقتصادي التي تخلفه عمليات تهريب المواد الأساسية المدعمة إلى ليبيا ،خاصة و أن صندوق الدعم في تونس يعتبر من أكثر الملفات المنهكة للاقتصاد المحلي.و قد بيّنت دراسة نشرها البنك الدولي في وقت سابق أن التهريب يمثل أكثر من نصف المعاملات التجارية للبلاد مع ليبيا. وكشفت الدراسة أن بعض البضائع المهربة بين تونس وليبيا كالأدوية والتبغ والكحول تتم عبر الحدود في الاتجاهين من خلال الطريق الصحراوية التونسية الليبية. ويقول التقرير إنه إلى جانب كميات الوقود، والسلع الإلكترونية تقوم عديد الشاحنات الصغيرة بتهريب الفواكه مثل التفاح والموز، وأنّ قيمة المبالغ الخاصة بعمليات التهريب من ليبيا عبر رأس جدير تبلغ قرابة 600 مليون دينار وهذا ما يكشف أن الأرباح الصافية للتجار المتورطين في هذه الأعمال عبر الحدود تبلغ 120 مليون دينار سنويا.فمن مصلحة تونس تسوية الصراع في ليبيا من أجل الاستفادة منها اقتصاديا عبر التبادل التجاري الرسمي و القانوني بعيدا عن المسالك الموازية المضرة بالجانبين.

- مخاطر سياسية تتعلق بالانقسام الداخلي في الساحة السياسية التونسية بين دعم الحكومة الليبية الشرعية في طبرق و بين دعم حكومة "فجر ليبيا" .و قد تجلى ذلك في المواقف المرتبكة الأخيرة التي عبر عنها وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش حين صرح بأن تونس تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف في اعتراف ضمني بحكومة الحاسي و قد ترجم ذلك بفتح قنصلية تونسية معتمدة لدى طرابلس و قنصلية أخرى معتمدة لدى طبرق.كما تنقسم الأحزاب التونسية بين الطرفين،اذ تقف الأحزاب الإسلامية و حزب الرئيس المرزوقي بشدة إلى جانب فجر ليبيا و الميلشيات الإسلامية في طرابلس في المقابل تدعم الأحزاب اليسارية و الليبرالية حكومة طبرق و مجلس النواب الليبي المنتخب.