تحتضن تونس مطلع شهر نوفمبر القادم ملتقى الحوار السياسي الليبي الموسع والشامل حسب ما أعلنته نهاية الأسبوع الماضي رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة ستيفاني وليامز.

وقالت ستيفاني وليامز, في بيان, إن ملتقى الحوار السياسي الليبي سينطلق في 26 أكتوبر الجاري باجتماعات تمهيدية عبر الاتصال المرئي, فيما تستضيف تونس الإجتماع المباشر الأول له مطلع نوفمبر 2020.

وأكدت وليامز, في تصريح إعلامي عقب لقاء عقدته مع الرئيس التونسي قيس سعيد الإثنين الماضي, أن الهدف الأسمى للملتقى السياسي الليبي الليبي بتونس هو التوصل إلى انتخابات وطنية في ليبيا تؤسس لمرحلة ديمقراطية تمكن الليبيين من اختيار ممثليهم الحقيقيين وتعطي الشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية في أقصر إطار زمني ممكن.

وأكدت وليامز أن الأمم المتحدة ملتزمة التزاما راسخا بالمشاركة الفعالة للمرأة والشباب الليبيين في الحوار السياسي المنتظر عقده بتونس.

وسيناقش ملتقى تونس الترتيبات اللازمة التي تسمح بإجراء الانتخابات في ليبيا في أقصر إطار زمني ممكن وإيجاد سلطة تنفيذية مؤهلة تعمل على تقديم الخدمات للشعب الليبي والتحضير للانتخابات.

وسيتم في هذا الإطار اختيار المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي من مختلف المكونات الرئيسية للشعب بشرط عدم توليهم أي مناصب تنفيذية لاحقا.

وتختلف الآراء والتقييمات حول مسار ومخرجات استئناف مسار الحوار الليبي الذي انطلق مؤخرا ببوزنيقة المغربية ليحط مطلع الشهر المقبل الرحال في البلد الجار تونس.

ويبقى السؤال الذي يطرحه متابعون للشأن الليبي هو الاتي: هل سيأتي حل الأزمة هذه المرة من تونس؟ شخصيات ليبية تجيب, في تصريحات خاصة ل "بوابة إفريقيا الإخبارية" في التقرير التالي:

يعتبر عضو المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية ومنسق قبائل الغرب فرج على بلق أن ملتقى الحوار السياسي الليبي الليبي في تونس هو خطوة متقدمة, بل خطوة إلى الأمام تمهيدا لحوار داخل ليبيا.

ويستدرك بلق, في حديث ل "بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الخميس, بأن حل الأزمة الليبية لا يأتي في الحقيقة إلا من داخل ليبيا, مشددا على ضرورة تفعيل الحل الليبي الليبي الذي يكون من داخل ليبيا.

وأكد بلق أن الليبيين يجب أن يلتقوا على ثوابت وطنية جامعة, موضحا أن كل الحوارات السابقة لم تكن قائمة على الثوابت الوطنية الليبية, بل هي قائمة على مصالح أفراد ومصالح دول.

وقال بلق: "نثق في تونس لأن المصلحة واحدة, فأمن تونس من أمن ليبيا واستقرارها من استقرارها والعكس صحيح, نرجو أن تكون لتونس اليد الأولى في حل الأزمة".

وأضاف: "سنشارك في ملتقى تونس في حال تمت دعوتنا ونحن لا نبحث عن سلطة أو مصالح, لا نريد سوى مصلحة ليبيا وإجراء انتخابات بلدية وبرلمانية ورئاسية تكون ليبية ليبية".
وشدد بلق على أن الشعب الليبي لا يرضى بأي تدخل أجنبي في شؤون بلاده وأن الليبيين واعون جيدا بالمؤامرة التي حيكت وتحاك ضد وطنهم.

أما د.عبد المنعم الحر, الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالجامعات الليبية, فرحب بحوار تونس من منطلق أنه لا يجب نهائيا رفض أي حوار يهدف إلى حلحلة الأزمة في بلاده, وخاصة عندما يكون هذا الحوار تحت رعاية الجارة تونس.

وأعرب الحر عن ترحيبه بنقل الحوار السياسي الليبي الليبي إلى تونس, مؤكدا أن الديبلوماسية التونسية ستعلب دورا وتأثيرا كبيرين على مخرجات هذا الحوار.

وقال الحر ل "بوابة إفريقيا الإخبارية": "نعول على نجاح حوار تونس في إنهاء الأزمة الليبية, فتونس ستسعى إلى رأب الصدع بين الليبيين.. الأزمة أثرت على تونس أمنيا وجيوسياسيا.. تونس أكثر دولة تعاني من الأزمة الليبية".

وتابع الحر بأن هناك دول شقيقة تاجرت بالملف الليبي, معربا عن أمله في أن تبتعد ديبلوماسيات هذه الدول عن هذا الملف.

وشدد على أن الملف الليبي يجب أن يترك لدول الجوار لأنها الأكثر تأثرا بالأزمة.

وفي سياق متصل, شدد عبد المنعم الحر على ضرورة تشريك البعثة الأممية للشباب والمرأة والقبائل وكافة الأطراف الليبية التي تؤمن بالتحول الديمقراطي في حلحلة الأزمة.

 كما شدد الحر على ضرورة تشريك أنصار النظام السابق في الحوار السياسي الليبي, مؤكدا أن أي حوار سياسي لا يمكن أن ينجح في حال تم إقصاء أنصار النظام السابق.

وأضاف أن أنصار القذافي هم شركاء في الوطن لذلك يجب أن يتم تشريكهم في الحوار السياسي, مردفا بأن الطرف الوحيد الذي يجب إقصائه من الحوار السياسي هو التنظيمات الإرهابية.

من جانبه,  اعتبر رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان علي مصباح أبو سبيحة أن الأمم المتحدة لا تبحث عن حلول للأزمة في بلاده بل هي تعمل على استدامتها.

وأضاف بوسبيحة, في تصريح ل "بوابة إفريقيا الإخبارية", أنه يأمل أن يأتي حل الأزمة الليبية من تونس, مؤكدا في الأثناء أنه على الليبيين أن يدركوا أن البعثة الأممية لا تبحث عن حل في بلادهم بل هي تعمل على إستدامة الأزمة.

وأضاف أن كل المتدخلين في الشأن الليبي يبحثون عن مصالح دولهم, ولذلك فإن أي إجراء تتخذه البعثة الأممية يتم إفشاله في حال هو لم يتلاءم مع مصلحة دولة من الدول المتدخلة.

ودعا أبو سبيحة الليبيين إلى تجاوز خلافاتهم والجلوس إلى طاولة الحوار بعيدا عن كل تدخلات أجنبية.

وشدد على أن ليبيا اليوم, وإضافة إلى تردي الخدمات, تتعرض إلى محاولات تقسيم قد تنتهي بها إلى الإختفاء من الخارطة.

وأوضح رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان أن مخاطر التقسيم تخيم على ليبيا, مستشهدا بمبادرة عقيلة صالح حول الأقاليم التاريخية ومؤتمر بنغازي وما يجري حاليا بإقليم فزان من محاولات تقسيم ليبيا.

وأكد بوسبيحة أن الليبيين مطالبون بإدراك هذه المسائل لأن بلادهم قد تدخل في احتراب بين الأقاليم, وبالتالي دخول مرحلة جديدة من الصراع.

من جهته, أكد الحقوقي الليبي المقيم في تونس خالد الغويل أن حل الأزمة الليبية سيأتي من تونس لأن هذا البلد الجار لبلاده يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المتصارعة.

وأضاف الغويل, في تصريح ل "بوابة إفريقيا الإخبارية", أنه يراهن على نجاح ملتقى تونس في التوصل إلى حلول تنهي الأزمة في بلاده, مشددا على ضرورة أن يتم إجراء الحوار السياسي تحت مراقبة دول الجوار والإتحاد الإفريقي.

كما شدد الغويل على محورية دور دول الجوار في مسار إنهاء الأزمة الليبية باعتبار أن أمن واستقرار هذه الدول من استقرار ليبيا.

وأكد خالد الغويل أن دور القبائل الليبية محوري ورئيسي في حل الأزمة, موضحا أنه لا بد من تفعيل حوار ليبي مجتمعي لأن الحوارات السياسية بنيت على باطل وعلى نفس الأشخاص الذين دمروا ليبيا في عام 2011, وبالتالي فهي لم تعد تجدي نفعا باعتبار أن من يقودونها يلهثون وراء المناصب.

وختم الغويل بالقول بأن الحوار الحقيقي الذي ينهي الأزمة يجب أن يقوم به الشعب الليبي.

وفي الإطار ذاته, قال رئيس مجلس رجال الأعمال التونسيين والليبيين عبد الحفيظ السكروفي ل "بوابة إفريقيا الإخبارية" إن الحل قد يأتي من تونس, مؤكدا أنه لا مناص اليوم من إيجاد حل لوقف النزيف وإنهاء الأزمة الليبية.

ولفت السكروفي إلى أن الليبيين, ومن بينهم حتى الأطراف الفاعلة على الأرض, وكذلك المجتمع الدولي, قد سئموا من تواصل الأوضاع على ماهي عليه طيلة كل هذه السنوات.

 وأضاف أن أوروبا أيضا لا يناسبها تواصل الأزمة الليبية لما لها من تأثيرات على بلدانها من ناحية تنامي الهجرة غير النظامية, إلى جانب أن مصالح الدول الأوروبية متوقفة ومهددة في ليبيا.

وأوضح السكروفي أنه بناء على المعطيات التي سبق ذكرها وغيرها, فإن الحوار السياسي الليبي قد يأتي أكله في تونس, مشددا على أن يوم حلحلة الأزمة الليبية آت لا ريب فيه رغم أنف الجميع.