دفعت الاشتباكات المندلعة في طرابلس، منذ أيام، آلاف العائلات الليبية إلى ترك منازلهم و الاتجاه إلى تونس بحثا عن مأوى آمن بعيدا عن دائرة الاقتتال الذي يصدر عنه أحيانا قذائف "طائشة" تصيب مدنيين و حسب وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي، يدخل الأراضي التونسية ما بين 5 و 6 آلاف شخص يوميا، منذ تصاعد وتيرة المواجهات بين "الدروع" و الجيش الليبي.

و تقول تقارير غير رسمية ان أكثر من 30 ألف ليبي نزح إلى تونس و ترجّح ذات التقارير ارتفاع هذا الرقم في الأيام القليلة القادمة، فيما أعلنت السلطات التونسية أنها لا تستطيع استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الليبيين، وأنها قد تغلق الحدود البرية مع ليبيا إن "اقتضت المصلحة الوطنية ذلك".

وقال وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي: "الوضع الاقتصادي في بلادنا هشّ ولا يمكن أن نتحمّل مئات الآلاف من اللاجئين. اقتصادنا لا يمكن أن يتحمل أكثر من هذا". لافتا إلى أن تونس هي دولة الجوار "الوحيدة" مع ليبيا التي لا تزال تفتح حدودها مع هذا البلد.

وذكر خبراء اقتصاديون تونسيون أن الأزمة الاقتصادية ستصبح خانقة، وأنها قد تتجاوز كل الخطوط الحمراء، مع توافد آلاف العائلات الليبية على تونس إضافة إلى أكثر من مليوني ليبي استقروا منذ سنة 2011 في البلاد و هو ما سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية للتونسيين وعلى مجمل مناحي الحياة على غرار المساكن وأسعار العقارات ومختلف مؤشرات الأسعار في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية لتوجيه الدعم لمستحقيه.

و يؤكد أنور التريكي، رئيس الاتحاد الجهوي للتجارة والصناعات التقليدية، أن سعر كراء المنازل أرتفع بنسبة 250  بالمائة جراء الضغط الذي تعرفه المدن التونسية خاصة الساحلية منها (سوسة، المنستير، جربة، الحمامات، العاصمة تونس، بنزرت) حيث بلغ سعر كراء الشقق المفروشة 70 دولار لليلة الواحدة أي حوالي ( 150 دينار تونسي).

و في ذات السياق يؤكد "لسعد المازري" و هو صاحب "وكالة عقارية للسكنى" بمدينة المنستير الساحل التونسي، في حديثه إلى بوابة إفريقيا الإخبارية، عدم وجود شقق شاغرة و أن العائلات الليبية تتدفق بصفة متواصلة على هذه المدينة الساحلية، مشيرا إلى وجود حركية كبيرة في قطاع "كراء الشقق".

هذا و لمح خبراء إلى تنامي خلل ميزان المحروقات خلال الفترة المقبلة، وذلك نتيجة ارتفاع الاستهلاك وانتفاع الآلاف من العائلات الليبية بالمحروقات التونسية المدعومة من الدولة. وأضافوا أن السيارات الليبية الفارهة معروفة بارتفاع استهلاكها للمحروقات من النوع الرفيع، وهو ما سيعجل بظهور أزمة محروقات تونسية.

و يشير أحد العاملين في محطة للمحروقات بتونس أن الإقبال على المحروقات أرتفع بصفة ملحوظة في الأيام الأخيرة خشية ظهور أزمة في الوقود. وتساءل إن كان من حق السياح واللاجئين من مختلف الجنسيات التمتع بالمنتجات المدعومة في تونس خاصة أن ليبيا على سبيل المثال من البلدان المنتجة للنفط خلافا لتونس.

هذا و قال الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية نضال الورفلي أنّ نسق تدفق الليبيين على تونس يمكن أن يتسبب في ارتفاع قيمة الدعم بـ 10 بالمائة، مشيرا إلى أنّ الوضع الاقتصادي الحالي في تونس لا يتحمل تدفق هذه الأعداد من اللاجئين.

و يقترح بعض الخبراء في المجال الاقتصادي، في تصريحات إلى صحيفة الشرق الأوسط، فرض إتاوة على الليبيين المقيمين في تونس لتعديل نفقات صندوق الدعم، وقدروها بما بين 20 و30 دولار أميركيا في الشهر حتى تتمكن تونس من تجنب الارتفاع المشط في أسعار المواد الغذائية الأساسية وكذلك أسعار المحروقات، وتفادي أزمة اقتصادية فادحة.