كشف فريق بحثي من قسم الآثار - كلية الآداب بجامعة النيلين بالسودان عن آثار مبكرة لإنسان العصور الحجرية في الصحراء الشرقية لأسفل نهر "عطبرة"، وهي عبارة عن بقايا مجموعات ومعسكرات صيادين قطنوا المنطقة منذ 500 ألف سنة حتى 5 آلاف سنة مضت، وتطوروا من مجموعات صيد بسيطة حتى وصلوا مرحلة القرى الزراعية المبكرة، حيث ساعدهم على ذلك وجود بحيرة نهر عطبرة القديمة التي تبعد حوالي 60 كلم شرق مجرى نهر عطبرة الحالي، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط.

وقال رئيس الفريق الدكتور أحمد حامد نصر الأستاذ المساعد بقسم الآثار بجامعة النيلين ومدير مشروع آثار العصور الحجرية في الصحراء الشرقية لأسفل نهر "عطبرة" - في تصريحات صحفية اليوم السبت-: "إن الفريق يتكون من مجموعة من الباحثين من جامعات النيلين وشندي بالسودان وفروسواف ببولندا، وبتمويل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السودانية".

وأوضح أن الموسم الأول البحثي، الذي بدأ في شهر ديسمبر الماضي، كشف عن 133 موقعا أثريا لحقب زمنية مختلفة وجدت معظمها حول شاطئ نهر عطبرة وحول بحيرة نهر عطبرة القديمة في الصحراء.

وأضاف أنه أجريت على تلك الآثار مسوحات علمية وحفريات، وجمعت منها عينات تمت دراستها في جامعة النيلين وجامعة فروسواف ببولندا، وكشفت المجاميع الأثرية عن العمق الثقافي للمنطقة وللسودان ودورهم الرائد في السجل الأفريقي الأقدم عالميا، مضيفا أن المشروع تطور لحفريات متعمقة بالاشتراك مع الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية بالتعاون مع منظمة العلوم البولندية للكشف عن هجرة الإنسان الأول، وخروجه من جنوب شرق أفريقيا إلى شمالها، ومن ثم إلى أوروبا وآسيا عبر نهر عطبرة.

وكشف عن أن الموسم الأول للمسح الآثاري في الصحراء الشرقية لأسفل نهر عطبرة، أثمر عن إضافة قطاع جديد للسودان من قطاعات العصور الحجرية في المنطقة ما بين وادي الهودي شمالا وحتى أردعما جنوبا، وبطول ما بين 60 - 80 كيلومترا شرقا في الصحراء، مما كشف عن 133 موقعا أثريا توزعت ما بين ضفة النهر الشرقية، وفي الصحراء على حواف الأودية الكبيرة وعلى أطراف بحيرة نهر عطبرة القديمة، ومثلت مواقع العصور الحجرية 70% من جملة المواقع المكتشفة، وتوزعت على قطاعات المنطقة حيث وجدت معظمها بعيدا عن النهر واختلفت فيما بينها زمنيا وثقافيا ما بين مواقع العصر الحجري القديم ومواقع العصر الحجري الحديث.

وأشار إلى أن ما أسفرت عنه عمليات المسح الآثاري للموسم الأول في الصحراء الشرقية لأسفل نهر عطبرة كشف عن آفاق ثقافية متطورة وفريدة من نوعها للعصور الحجرية شغلت المنطقة منذ نهايات عصر البلايستوسين وحتى نهايات الهولوسين، أي الفترة المؤرخ لها عالميا منذ 700 ألف سنة وحتى 3 آلاف سنة قبل الميلاد، موضحا أنها تمثلت في معسكرات صيادين خلال العصر الحجري القديم الأسفل والأوسط والأعلى، وأنها تطورت إلى معسكرات صيادين ورعاة ومن ثم مزارعين خلال المراحل الثلاث للعصر الحجري الحديث المبكر والمتوسط والمتأخر.

وناشد رئيس الفريق الأثري السوداني، مجتمع المنطقة بضرورة الحفاظ على هذا الموروث المهم عالميا، لأن المنطقة تمثل الجسر الجغرافي القديم الرابط للسودان بإفريقيا، مؤكدا أن الأعمال الأثرية ستكشف فيها عن عمق ثقافي يبرز أهمية السودان العالمية ويفتح مجالا واسعا للسياحة والدراسات البيئية والأنثروبولوجية والجيولوجية في الصحراء، وهو ما سينهض بالمنطقة والبلاد، منوها بأن عمليات التنقيب العشوائي عن الذهب في المنطقة تمثل أكبر عائق ومدمر لهذا الموروث.