تتالت العمليات الإستباقية التي قامت بها الوحدات الأمنية في الآونة الاخيرة وتوفقت في الكشف عن العديد من الخلايا الإرهابية التي كانت تخطط للقيام بعمليات ارهابية نوعية بتونس.. خليّة المكناسي بسيدي بوزيد من بين الخلايا التي كانت وزارة الداخلية كشفت عنها النقاب في احدى ندواتها الصحفية وذكرت فيها ان الوحدات المختصة في مجابهة الإرهاب للأمن الوطني تمكّنت من إيقاف عدد من عناصر تلك الخلية بينهم قياديون وحجز طن من مادة الأمونيتر وشاحنة رباعية الدفع وسيارتين ومجموعة أجهزة إعلامية محمولة ووحدة مركزية لحاسوب وهواتف جوالة وبندقية صيد خراطيش عيار 16 مم ودارات كهربائية وجمازتين عسكريتين ومنظارين وفرن كهربائي ومفتاحي أنترنيت وكمية من الضمادات الطبية ومحرار وكمية من القطن وبدلة رياضية خاصة بالرياضات الدفاعية.
امير خلية
الارهابي علاء الدين الطاهري صنّفته وزارة الداخلية بأنه أمير خلية المكناسي، وهو من مواليد 1988 اصيل جهة المكناسي، تبنّى الفكر السلفي الجهادي سنة 2006، تخرّج سنة 2012 تقني سامي في الهندسة المدنيّة وفي نفس الفترة انتهى من حفظ القرآن الكريم ونصب إماما خطيبا لأحد المساجد بمدينة المكناسي بعد انزال الإمام القديم، وبحكم عمله واحتكاكه الدائم بالمصلّين وجلهم من المتشددين فقد طلب منهم البحث عن شخص كفء دينيا ليعلّم الأطفال الصغار حفظ القرآن فاقترحوا عليه أحد الأشخاص وهو المدعو حلمي الطاهري.
تكفير وطاغوت
اتصل الارهابي علاء بذلك الشخص واقترح عليه تحفيظ الأطفال الصغار القرآن الكريم فوافق على المقترح ثم بعد فترة وجيزة لاحظ عليه ميله الى ما يعرف بتنظيم أنصار الشريعة المحظور إذ أنه كان يدعو العديد من الشباب والأطفال الصغار الى اتّباع أنصار الشريعة الشيء الذي دفع علاء الدين الطاهري الى التحدّث معه ليكتشف أنهما يتعارضان في الأفكار اذ ان المدعو حلمي الطاهري يعتبر أعوان الأمن طواغيت وتونس دولة كافرة ويحل فيها الجهاد في سبيل الله.
«الجهاد»
ووفق المعطيات المتوفرة فان المدعو حلمي الطاهري اتصل في أوائل سنة 2013 بعلاء الدين الطاهري وطلب منه التحول معه الى جهة السوق الجديد بولاية سيدي بوزيد لرقية أحد الأشخاص من معارفه فوافقه الأمر وتحول معه الى المكان المذكور حيث التقيا بشخص أمام محل للأنترنيت تبين انه يدعى مروان المحمدي وأنه لا يشكو من أي مرض حتى تتم مداواته بالرقية الشرعية وكل ما في الأمر أن المدعو مروان كان يريد لقاء علاء ليطلب منه التنسيق مع الشباب أصيلي المكناسي الراغبين في السفر الى سوريا أو مالي بنيّة «الجهاد في سبيل الله» باعتبار أن علاء الدين امام خطيب ويقصده العديد من الشبان في مثل تلك المسائل.
البداية.. تجميع الامونيتر
وأخبر مروان المحمدي علاء الدين أنه بإمكانه مساعدة الشبّان الراغبين في «الجهاد « في سوريا أو مالي والتوسط لهم في ذلك فأبدى علاء الدين الموافقة على طلب مروان ثم عاد الى المكناسي رفقة حلمي الطاهري، وبعد فترة اتصل به شبان من مدينة المكناسي وهم (ياسين الغابري ومهدي زويدي ورياض مصباحي ومحمود عليبي ومحمّد صالح قاسمي) وطلبوا منه مساعدتهم على السفر الى سوريا فوافق على طلبهم ثم اتصل بحلمي الطاهري الذي اتصل بدوره بمروان المحمدي ليساعد هؤلاء الشبان على السفر الى سوريا بدعوى»الجهاد» فأبدى مروان المحمدي رغبته في مساعدتهم شريطة أن يوفروا له كمّيات من مادّة الأمونيتر، وللغرض سلّم لحلمي الطاهري مبلغا ماليا قدره 2200 دينار سلم منه بدوره لعلاء الدين 800 دينار وسلم بقية المبلغ للشباب الذين سيوفّرون له مادة الأمونيتر.
وحسب معطيات إضافية تحصلنا عليها من مصادر مختلفة فان الشبان اقتنوا فعلا مادّة الأمونيتر على مراحل وتجميعها في قطعة أرض تابعة للمتهم ياسين الغابري.
لقمان أبو صخر يتجوّل بالمكناسي
بعد نجاح تلك المهمة التقى علاء الدين الطّاهري بحلمي الطّاهري فطلب منه هذا الأخير التحوّل الى سوق الجديد للقاء مروان المحمدي لأمر عاجل وأكيد فتحول الى المكان المحدد، وأثناء لقائه به طلب منه التحوّل الى الطريق الرئيسي لمنطقة سوق الجديد للقاء شخص يرغب في التحدّث اليه فاستجاب علاء لطلب مروان، وتوجّه فعلا الى الطريق الرئيسي لمنطقة سوق الجديد فوجد شخصا على حافّة الطريق أشار عليه بيديه بالتوقّف بسيارته بالقرب منه ثم صعد معه السّيارة ليتبين له من خلال لهجته أنه جزائري الجنسية.
اثناء اللقاء استفسره ذلك الشخص عن أحوال الدعوة بجهة المكناسي وسأله أيضا عن تصوّره لمستقبل البلاد التونسيّة ثم قال له حرفيا «برا قابل مروان تو تعرف» ثم طلب منه أن يقلّه بعيدا عن منطقة السوق الجديد ولم يدر بخلد علاء الدين الطاهري أن ذلك الشخص الذي التقاه على حافة الطريق هو الإرهابي الخطير الجزائري المرابط بجبل الشعانبي وقائد كتيبة عقبة ابن نافع لقمان أبو صخر وقد علم بذلك فيما بعد عن طريق مروان المحمدي الذي أخبره أن لقمان أبو صخر تابع لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأن برنامجه يتمثّل في القيام بعمليات نوعية بالبلاد وإرباك الدولة لتطبيق الشريعة الإسلامية بتونس، وأنه يرغب في انضمامه الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي ينشط في تونس تحت لواء كتيبة «عقبة بن نافع».
حينها طلب علاء من مروان المحمدي منحه فرصة للتفكير ثم اتصل بابن عمه عبد الجواد الطاهري الذي لم يرفض الأمر، وبعد تفكير طويل رفض علاء الدين الطاهري الإنضمام الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي وأخبر مروان المحمدي بذلك عبر الفايس بوك لكن مروان كان مصراّ على أن انضمامه الى التنظيم وظل يتّصل به دائما حتى يقنعه بالامر خاصة وأن علاء لديه سلطة أدبيّة على العديد من الشباب السلفي بجهة المكناسي.
فرار ونشاط فايسبوكي
في الأثناء أصدرت المصالح الامنية منشور تفتيش في حق مروان المحمدي على خلفية تورّطه في قضيّة إدخال السلاح من ليبيا الى تونس فتوارى عن الأنظار، ولكن علاقته بعلاء لم تنقطع اذ ظل يتّصل به عبر الفايس بوك وكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن المسائل الفقهية وينسّقان للمجموعة الراغبة في السفر الى سوريا.
البيعة
بعد مدّة طلب علاء الدين وفق المعطيات المتوفّرة لدينا من عدد من الشباب المتشدد وهم ياسين الغابري، مهدي زويدي، رياض مصباحي، محمود عليبي، ومحمد صالح القاسمي) عدم التواصل مع المدعو مروان محمدي لانه كان يخطط للقيام بعمليات نوعيّة في تونس، الا أنهم رفضوا باعتبارهم كانوا من المساندين لفكرة العمل المسلح بتونس واقامة دولة الخلافة ولما يسمّونه الجهاد في سوريا، وقد حاول كل من رياض مصباحي وياسين غابري في وقت سابق السفر الى سوريا لكنهما فشلا وألقي القبض عليهما من قبل الوحدات الأمنية وأودع رياض السجن واطلق سراح ياسين فاستغل الأخير فرصة اطلاق سراحه ليكوّن خلية جهادية تنشط بجهة المكناسي وتتكون من (مهدي زويدي ومحمود عليبي ومحمد صالح قاسمي ومجدي طاهري وسيف الدين الطاهري كما انضم اليهم المدعو عبد الجواد الطاهري (أحد أبناء عم علاء الدين الطاهري) الذي كان يلعب دور المدرّب بحكم أنه يتحوّز على قرص مضغوط يحتوي على حقيبة المجاهد( 4000 كتاب في الأسلحة والمتفجّرات والتدريبات والعقيدة).
تدريبات.. تفجير واغتيالات
أفراد خليّة المكناسي الارهابية وفق ما توفّر لدينا من معطيات أدّت البيعة الى المتهم ياسين غابري ثم انطلق أفرادها في التدرّب على صنع المتفجّرات ورصد العديد من الأهداف والتخطيط للعديد من العمليات الارهابية النوعية بالجهة على غرار تفجير معمل الجبس الذي يملكه شخص ألماني الجنسية وشركة فلاحية واقعة بمنطقة الفنادق ومدرسة رقباء الجيش الوطني وميدان الرماية التابع للجيش الوطني بالمكناسي.بالإضاف الى استهداف دوريات الحرس الوطني واغتيال امنيين.
وفق المعطيات المتوفّرة لدينا فقد اتصل أحد الأشخاص بعلاء الدين واخبره أن مروان محمدي يبلغه السلام كما يبلغ سلامه لكل من مهدي زويدي ومحمود عليبي ومحمد الصالح قاسمي ومجدي طاهري وسيف الدين الطاهري وياسين غابري وعبد الجواد الطّاهري وقال له «قول للجماعة رانا حاسين بيكم ورانا مناش ناسينكم» ثم مكنه من رقم هاتف جوال شخص موجود ببنقردان وطلب منه تسليم الرقم لياسين غابري ليتصل هذا الأخير بصاحب ذلك الرقم ويتسلم منه مبالغ مالية كبيرة، كما طلب ذلك الشخص من علاء اقتطاع مبلغ 5 آلاف دينار من كامل المبالغ التي سيتسلمها ياسين غابري من ذلك الشخص (أصيل مدينة بنقردان).
تولى علاء الدين الطاهري ايصال رقم الهاتف الجوال الذي تسلمه من ذلك الشخص الذي يجهل هويته وسلمه الى ياسين غابري واخبره بفحوى اللقاء، ولكن بعد أيام القي القبض عليهما من قبل الوحدات الأمنية كما ألقي القبض في وقت سابق على كل من مهدي زويدي ومحمود عليبي ومحمد صالح قاسمي ومجدي طاهري حينها شعر علاء الدين الطاهري بالخوف وتأكد أن لا مفر له من قبضة أعوان الأمن حتى أنه من شدة خوفه أصبح ينام فوق سطح منزله.
في تلك الفترة التي كان يشعر فيها بالخوف اتصل به أحد الأشخاص وطلب منه ايواء كل من معز غبر المكنى قصي وصابر الطاهري وهما من معارف مروان محمدي لكنه رفض، وبعد أيام معدودة واثر مداهمة الوحدات الأمنية لمنزله تحصن بالفرار عبر الأسطح وأقام بسطح أحد جيرانه.
تهريب الاسلحة الى الشعانبي
وفي صباح اليوم الموالي عاد الى منزله وحلق لحيته وشعره ثم تحصن بالفرار داخل منزل ثان لعائلته بالريف بجهة العيون بالمكناسي، وبعد فترة اتصل به ابن عمه عبد الجواّد الطاهري فأخبره عن مكان تواجده، فالتحق به برفقة المدعو بديع القاسمي والمدعو معز غبر المكنى قصي وصابر الطاهري لأنهم كانوا يبحثون بدورهم عن مكان يختبؤون فيه عن أعين الأمن فطلب منهم علاء مغادرة المكان وايجاد مكان آخر يختبؤون فيه فاتصل معز غبر بمروان محمدي واتفق معه على اللقاء به في اليوم الموالي بجبل قولاب وبالفعل توجه عدد منهم الى جبل قولاب ليسلّموا أسلحة حربية الى مروان محمدي ليتكفل بنقلها الى جبل الشعانبي ولم لا اصطحابهم الى الجبل.
بعد أن اتصل معز غبر بمروان محمدي هاتفيا حل هذا الأخير بالفعل بجبل قولاب على متن شاحنة نوع «ديماكس» رفقة شخص آخر ثم نزل مروان محمدي من الشاحنة وكان يحمل سلاحا من نوع «كالاشينكوف» ومنظارا ليليا وحقيبة ثم شرع في الحديث معهم في خصوص تسلم كل منهم سلاحه الحربي كما أخبرهم أنهم سيتوجهون معه الى جبل الشعانبي فعبّر له احدهم عن عدم رغبته في التحول معه الى جبل الشعانبي ولكن معز غبر المكنى قصي وبديع القاسمي وصابر الطاهري لم يمانعوا في الصعود الى جبل الشعانبي، ثم استقل جميعهم الشاحنة.
ولما اقتربوا من جبل قولاب توقفت الشاحنة ونزل جميعهم منها ثم أنزل مروان كيسا يحتوي على 5 أسلحة من نوع كالاشينكوف وسلاح ناري نوع5/5 ملم و 5 رمّانات وحزام ناسف وكيسا صغيرا يحتوي على كمّية من الذخيرة وطلب مروان المحمدي من معز غبر وصابر وبديع ايصال الأسلحة الى مكان غير بعيد عن الجبل وإخفائها ثم الإلتحاق به على مستوى الطريق الرئيسي لإنتظار حلول سيارة تنقلهم الى جبل الشعانبي.
نحو الشعانبي
وبالفعل تحوّل بعد ذلك الجميع الى سفح جبل الشعانبي وحملوا معهم الأسلحة والذخيرة على متن دراجة نارية تابعة لأحدهم في اتجاه الطريق الرئيسي الا أن تواجد مدرّعات تابعة للجيش الوطني أعاقت تقدّمهم فتركوا الدراجة ملقاة بأحد المزارع وتوغلوا قليلا بين اشجار الزيتون فشاهدوا أعوان الجيش وهم يعثرون على الدراجة النارية وبعض الأغراض التابعة لهم ولكن أعوان الجيش لم يتفطنوا الى وجودهم بين الأشجار.
إخفاء اسلحة في ضيعة
في صباح اليوم الموالي أجرى مروان محمدي اتصالات هاتفية ثم اتّجه نحو الطّريق الرئيسي لينتظر شخصا ما يقوم بنقله الى منطقة سوق الجديد تاركا بحوزة رفاقه سلاح كالاشينكوف ورمانة يدوية وطلب منهم نقلهما الى جبل قولاب وتسليمهما لكل من صابر وبديع ومعز الا أنهم حفروا حفرة بالقرب من منزل والدي علاء الدين الطاهري الواقع بريف المكناسي وأخفوا سلاح الكلاشينكوف والرّمانة اليدوية.
بعد 20 يوما على إقامتهم في الرّيف تحت أشجار الزيتون قرّرت المجموعة الفرار الى ليبيا وللغرض توجه عبد الجواد الى منزله وجلب دراجة نارية تحوّلوا على متنها الى جهة قابس بنية التحوّل الى بنقردان مشيا على الأقدام ولكن علاء الدين شعر بصعوبة الأمر فقرر تسليم نفسه الى الوحدات الأمنية وترك ابن عمه عبد الجواد الطاهري ولكن قوات الحرس الوطني نجحت في القبض عليهما.

عن « الصباح نيوز » التونسية