تراوحت مواقف المسؤولين الإتراك من إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية عن نيته الاستقالة ، بين محاولات التفنيد والتشكيك وصولا الى التعبير عن الأسف عن فقدان حليف مهم

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان،  أمس الجمعة، أن أنقرة منزعجة من قرار فايز السراج، التنحي عن منصبه ، وهو ما فسّره مراقبون بأن تركيا لم تكن على بقرار الاستقالة ، وأن السراج لم يتشاور حوله مع مسؤوليها ، وإنما تم فرضه عليه من جهات أخرى

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أشار أول أمس الخميس الى ان السراج لن يقدم على هذه الخطوة إلا بعد التوصل لاتفاق هدنة ، وفق تعبيره ،

وقال : “التقيت بنائب السراج. وأوضح أن السراج سيقوم بعمل فدائي والتقدم باستقالته في حالة التوافق بين طرفي الصراع في ليبيا. ولا حديث عن استقالة في الوقت الحالي”.

ويرى المراقبون أن النظام التركي فوجئ بما ورد في كلمة السراج الأربعاء الماضي ، بينما كان ينتظر منه زيارة أنقرة أمس الجمعة للاجتماع مع أردوغان ، مشيرين الى إن الأتراك أدركوا أن طرقا قويا تدخل للدفع بالسراج الى إعلان استقالته من أجل التمهيد للحل السياسي وفق مخرجات مؤتمر بربين وإعلان القاهرة ، واجتماعات مونترو السويسرية وبوزنيفة المغربية ، والتي تجمع على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية

ويضيفون أن قرار السراج  بالاستقالة جاء بضغط مباشر من الإدارة الأمريكية التي عادت بقوة الى الساحة الليبية ، وطرحت جملة من المقترحات لتحقيق الحل من بينها تثبيت وقف إطلاق النار وتشكيل سلطات جديدة على أن تباشر عملها من مدينة سرت التي ستتحول الى عاصمة مؤقتة منزوعة السلاح وفتح المنشئات النفطية وضخ الإنتاج الى الأسواق الدولية على أن يتم جمع إيراداته في حساب لن يتم التصرف فيه إلا من خلال حكومة وحدة وطنية يوافق عليها الليبيون

وتأكيدا على دور بلادها المستجد ، أكدت السفارة الأمريكية لدى ليبيا، دعمها لرسالة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وتقدّيرها لما وصفته بـ “الشجاعة السياسية” التي تحلى بها السراج في الإشارة إلى استعداده لترك المصالح الشخصية جانباً لصالح الشعب الليبي.

وقالت السفارة في تغريدة نشرتها أمس عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، :”آن الأوان لجميع القادة الليبيين للعمل من خلال العملية التي تيسّرها الأمم المتحدة لاستعادة سيادة بلادهم”.

وأضافت :”في الوقت الذي تسعى فيه عناصر مختلفة إلى خدمة مصالحها الضيقة، يجب أن يكون الحوار الليبي-الليبي الشفاف والشامل هو المبدأ التوجيهي حيث يتولّى الليبيون مسؤولية مستقبلهم السياسي وزمام مواردهم الوطنية”.

وبدورها ،أشادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا، ستيفاني وليامز، بإعلان السراج، عن نيته تسليم السلطة إلى سلطة تنفيذية جديدة بحلول نهاية شهر أكتوبر المقبل.

ووصفت وليامز، في بيان، القرار بـ “الشجاع”، مشيرة إلى أن إعلان السراج جاء عند محطة حاسمة في الأزمة الليبية التي طال أمدها وفي وقت أصبح من الجلي أنه لم يعد بالإمكان إبقاء الوضع على ما هو عليه.

وقالت وليامز، إن المسؤولية تقع الآن على الأطراف الليبية المعنية لتحمل مسؤولياتها بالكامل أمام الشعب الليبي واتخاذ قرارات تاريخية والقبول بتقديم تنازلات متبادلة من أجل وطنهم.

وأضافت، أنه بالبناء على البيانين اللذين أصدرهما كل من السراج ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في أغسطس 2020، والاجتماعات التي انعقدت مؤخراً بين الأطراف الليبية الرئيسية في مونترو بسويسرا والمغرب ومصر، ثمة فرصة لاستئناف الحوار السياسي الليبي-الليبي الشامل للجميع، والذي تعتزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المضي قدماً فيه في أقرب فرصة.

وقالت، “إن من الأهمية بمكان خلال هذه الفترة، أن يفي المجتمع الدولي بمسؤولياته أيضاً واحترام السيادة الليبية ووقف التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا والتقيد التام بقرار حظر التسليح الذي تفرضه الأمم المتحدة”.

وأعلن مسؤولون ليبيون أن الأيام القادمة ستشهد إطلاق جولة جديدة من حوار جينيف للإتفاق على المجلس الرئاسي الجديد،

وأبرز عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن هناك مساعٍ كبيرة تبذل في اتجاه عقد اجتماع للجنة الحوار ربما في جنيف، مع نهاية هذا الشهر أو بداية أكتوبر القادم ،لافتا الى الجهود تصب حاليًا في اتجاه التوافق على تشكيل الرئاسي المصغر من رئيس ونائبين، وتسمية رئيس للحكومة ، ومعتبرا أن رئيس المجلس الرئاسي السراج أراد استباق الأمر وإفساح الطريق لتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة، وهذه بادرة جيدة تساهم في حلحلة الأوضاع التي زاد تأزمها.

وينظر المحللون بإهتمام الى التماهي الواضح بين ما جاء في موقفي السفارة الأمريكية والبعثة الأممية ، ما يؤكد أن الطرفين يقفان معا وراء التحولات الجارية في المشهد الليبي ، والتي سيكون من أبرز نتائجها الإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس ونائيبن قبل نهاية أكتوبر الجاري ، وهو أقصى أجل حدده السراج لمغادرة منصبه ليكون عشية الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.