إلى غاية نهاية سنة 2016، لم تسجل لروسيا حضورا ملحوظا في الساحة  الليبية سواء في الحقل العسكري أو السياسي، لكن منذ أوائل عام 2017 ، شهد الدور الروسي تناميا ملحوظا على الأراضي الليبية وبات مرشحاً لتكون روسيا فاعلا رئيسيا في المرحلة القادمة التي ستكون الأخطر والأصعب.

تكشف الزيارات الرسمية للمسؤولين الليبيين لروسيا أنه ثمة اهتماماً روسياً بالغاً بالوضع في ليبيا، ما يشير إلى أن توجهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشهد تحولاً جديداً نحو ليبيا، وأنها هذه المرة تهدف إلى تعزيز صداقته مع قائد عسكري قوي في ليبيا هو المشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على مساحة واسعة من الأراضي تفوق ما تسيطر عليه الفصائل الأخرى في ليبيا.

حيث تسعى موسكو للعب دور مهم في عملية المصالحة الليبية و عقد إتفاق يقضي إلى استقرار المشهد السياسي من ذلك،قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن بلادها تبذل جهود وساطة لتنظيم حوار ليبي شامل، مضيفة أن إعادة بناء الدولة الليبية لا يمكن أن يتم بغير ذلك.

وأكدت المتحدثة الروسية في تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك إن بلادها تُجري الاتصالات مع الأطراف الليبية بشكل سليم للعمل على إحداث تناغم وتوافق ينتهي باتفاق لإعادة الاستقرار للبلاد.

يُشار إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ناقش قبل نحو أسبوعين خلال زيارته إلى مصر، الملف الليبي، مع نظيره المصري سامح شكري.

وقال بيان أصدرته الخارجية المصرية بذلك الوقت إن الطرفين ناقشا خلال الاجتماع مُستجدات الأزمة الليبية وتطورات عدة قضايا أخرى مؤثرة في المنطقة.

في نفس السياق، بحث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بمقر الوزارة في موسكو مع القائم بأعمال السفارة الليبية في روسيا مصطفى أبوسعيدة؛ بحث سبل تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية بين البلدين.

وذكر المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية الليبية أن الجانب الروسي أعرب عن استعداده لتقديم المشورة والمساهمة في الدفع لإنجاح العملية السياسية من خلال تسوية شاملة بين جميع الأطراف.

كما ناقش الطرفان استئناف التعاون التجاري بين ليبيا وروسيا من خلال تفعيل الاتفاقيات المبرمة في المجالين الاقتصادي والتقني.

يريد بوتين أن يُنظر إليه في الداخل والخارج أكثر من مجرد فاعل عسكري، بل يسعى إلى تدعيم مؤهلاته الدبلوماسية. فبعد البرهنة على قوته العسكرية في سوريا، ينجذب بوتين إلى لعب دور صانع سلام في ليبيا.

وزيادة على ذلك بإمكان نجاح دبلوماسي بزعامة روسية أن يمكن بوتين من تقديم نفسه على أنه يقوم بإصلاح ما عجز عن تحقيقه الغرب.

في نفس الإطار،أعربت روسيا عن اهتمامها بالصراع الليبي، وأبدت رغبتها في إيجاد حل يشارك فيه المجتمع الدولي، وقامت باستثمار مواردها المالية والعسكرية. ومن المرجح أن تجد بعض الدعم لجهودها لصنع السلام، بما أن سياستها تتفق مع سياسات مصر والإمارات العربية المتحدة. كما أن الاتحاد الأوروبي حريص أيضًا على التوصل إلى اتفاق سلام، لأنه يحتاج إلى الحد من تدفق اللاجئين من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط.

ويرى مراقبون ان الصراع القديم المتجدد بين أمريكا وفرنسا حول إفريقيا وخلاف بريطانيا مع فرنسا حول الملف الليبي لم يوفرا أرضية مشتركة للتدخل العسكري في ليبيا، كان دافعا لظهور الدور الروسي المعلن تارة والخفي تارة مما دفع بعض الاطراف الى قبول دور روسي مرتقب في ليبيا خاصة بعد نجاح موسكو في سوريا.