أسفر هجوم بالأسلحة النارية سبقه تفجير انتحاري على مجمع حكومي في كابول استمر ساعات إلى مقتل 43 شخصاً، وفق ما أفادت به وزارة الصحة، اليوم الثلاثاء، ما يجعله أحد أكثر الهجمات دموية في العاصمة الأفغانية هذا العام.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها بعد عن هجوم أمس الإثنين الذي يعزز الطابع الدامي لـ 2018 التي بلغ فيها عدد الضحايا المدنيين والعسكريين فيها مستوى قياسياً.

وقال المتحدث باسم الوزارة وحيد مجروح إن "10 أشخاص آخرين جرحوا في الهجوم الذي استهدف مجمعاً يضم مكاتب وزارة الأشغال العامة، والشؤون الاجتماعية، والشهداء، والمقعدين".

ومعظم القتلى والجرحى من المدنيين الذين يتحملون وزر الحرب المستمرة منذ 17 عاماً.

وهاجم مسلحون المجمع منتصف نهار الإثنين بعد تفجير سيارة مفخخة عند مدخله، فسارع الموظفون إلى الهرب للنجاة بحياتهم، وقفز بعضهم من نوافذ الطوابق العليا.

واحتجز المئات داخل المباني مع انتشار القوى الأمنية في المكان وخوضها مواجهات عنيفة مع المهاجمين سمع خلالها دوي العديد من الانفجارات، قبل تأمين المكان وخروج أكثر من 350 شخصاً سالمين.

وقتل على الأقل 4 مهاجمين بينهم الانتحاري.

وسبق للمسلحين أن هاجموا الوزارات والإدارات الحكومية لأن تحصيناتها قابلة للاختراق ويعدونها أهدافاً سهلة.

وهذا هو الهجوم الأقسى الذي تتعرض له كابول منذ أن فجر انتحاري نفسه وسط تجمع ديني في الشهر الماضي ما أسفر عن مقتل 55 شخصاً.

تصريحات

وقال الرئيس أشرف غني الذي تعرضت حكومته لانتقادات لاذعة لإخفاقاتها الأمنية، إن "الإرهابيين يهاجمون الأهداف المدنية للتستر على هزيمتهم في ساحة المعركة".

وقال عبد الله عبد الله الذي يعد بمثابة رئيس وزراء أفغانستان بلهجة تنم عن تحدٍ، لائماً طالبان: "كل هجوم يشنونه ضد شعبنا يقوي عزمنا للقضاء عليهم".

ولكن تصريحاتهما تخفي الحقيقة القاتمة في ساحة المعركة حيث لطالبان الغلبة بعد أن حققت أكبر جماعة مسلحة في أفغانستان مكاسب كبيرة هذا العام، بعد أن وجه مقاتلوها ضربات أوقعت عدداً قياسياً من الضحايا في صفوف القوات الحكومية.

وجاء الهجوم بعد أيام شهدت بلبلةً في أفغانستان، إذ فوجئ المسؤولون إثر إعلان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خفض عدد القوات التي يخشى كثيرون من إضرارها بجهود إنهاء النزاع مع طالبان.

ويأتي ذلك أيضاً بعد تعديل أمني كبير في كابول، عُين بمقتضاه محاربون قدامى، من المناهضين لطالبان وباكستان على رأس الشرطة والجيش.

ورغم أنه لم يُعلن رسمياً، إلا أن مجرد اقتراح الولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري أحدث خضة في العاصمة الأفغانية، وربما قوض جهود السلام.

وقال قائد القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي ناتو، في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر، أمس الأول الأحد، إنه "لم يتلق أي أوامر لسحب قوات من البلاد".

ويبدو أن قرار ترامب طُرح الثلاثاء الماضي في حين التقى مبعوث السلام الأمريكي زلماي خليل زاد مع حركة طالبان في إطار جهود لإحضار الحركة إلى طاولة المفاوضات مع كابول.

ويشعر العديد من الأفغان بالقلق من انهيار حكومة الوحدة الوطنية الهشة التي يديرها أشرف غاني، إذا انسحبت القوات الأمريكية الأمر الذي سيمكن طالبان من العودة إلى السلطة، مع احتمال إشعال حرب أهلية دموية أخرى.