في تحقيق مثير رصد صحيفة"الشروق اونلاين" قصص مؤلمة وأخرى غريبة انتهت بمأساة، أبطالها أزواج اكتشفوا بعد سنوات طويلة من الإنجاب وتربية الأطفال والأحفاد أنهم "إخوة" من الرضاعة أو الدم أو النسب.. فتفرق مصيرهم بين الانتحار والجنون ..

وحسب المختصين فإن اتنشار ظاهرة اختلاط الأنساب وزواج المحارم في المجتمع الجزائري سببها تفشي الخيانة الزوجية على نطاق واسع "300 حالة سنويا في المحاكم" وتعدد المرضعات وارتفاع نسبة الأطفال مجهولي النسب "4000" حالة سنويا، ما أدى الى زيادة الطلب على "التبني" حيث يجرد الأطفال من هويتهم الحقيقية ويكونون عرضة لزواج المحارم عند الكبر...

بسبب الخيانة الزوجية وتعدد المرضعات

بعد 30 سنة زواج يكتشفون أنهم إخوة.. قصص تنتهي بمأساة

قصص مأساوية من عمق المجتمع، لعشرات بل مئات الأزواج الذين اكتشفوا بعد سنوات طويلة من الزواج أنهم "إخوة" فتفرق مصيرهم بين الانتحار .. الجنون والانتقام، والضحايا في غالب الأحيان هم الأطفال الذين يكتشفون أن أولياءهم من "المحارم" فيصبح الزواج عنوانا لعلاقة محرمة امتدت لسنوات طولية تحت غطاء واحد، لتظهر الحقيقة بعد ظهور الشيب فيكتشف الزوج أنه متزوج بأخته أو خالته وحتى عمته..

كانت تظنه ابن خالتها فاكتشف أنه أخوها

هي قصة وقعت لـ"سهام. ف" من ولاية الجلفة، هربت من منزل المرأة التي تبنتها وجاءت للعاصمة أين تشردت ثم احتضنتها سنة 2010 عائلة في باش جراح، حيث اكتشفت سرا حول حياتها إلى جحيم، وذلك بعد أن تعلقت بشاب قرأ الفاتحة عليها وقرر الزواج بها، حيث قالت أنها ربطت معه علاقة غرامية لمدة سنة ونصف فتبين فيما بعد أنه أخوها..

بدأت سهام تتعلق بابن خالتها "أخيها" عندما كان يزورهم في البيت والذي كان يكبرها بـ6سنوات، حيث كانت تعتقد أنها البنت الشرعية للمرأة التي تبنتها، وأنه ابن خالتها ولكن عندما خطبها تظاهرت متبنيتها بالموافقة ووصل الأمر لقراءة الفاتحة، لكن تقول سهام وصل الأمر إلى اعتراف تلك المرأة التي تبنتها بالحقيقة أنها خالتها وأن والدتها الحقيقية هي شقيقتها وهي ابنة غير شرعية أنجبتها من شخص لا تعرف عنه الكثير سوى أنه يقطن في ولاية باتنة.

واكتشف سهام أن خطيبها هو شقيقها، وكانت والدتها متزوجة من فلاح وأنجبته رفقة بنتين تزوجتا فيما بعد وبقيت تعيش معه، بعد وفاة الزوج ربطت علاقة غير شرعية مع ذلك الشخص لتنجبها فتسترت عليها شقيقتها التي لم يكن لديها أطفال وتظاهرت أمام زوجها أنها جاءت بها من مركز الطفولة المسعفة.

يكتشف أنها أخته عندما استفسر عن سبب رفض خطبتها

لم تجد (صورية . ح) 30سنة إلا الانتقام من الرجل الغني الذي تباناها ووفر لها كل متطلبات الحياة في فيلا بحيدرة، حيث تعمدت ربط علاقات غرامية مع عدد من الشباب ،فكانت تعطيهم المال الطي تسرقه من خزانة زوجها، حتى وصلت قضيتها لمحكمة بئر مراد رايس العام الماضي، بتهمة السرقة، حيث اعترفت أن الرجل الذي تبناها أوهمها أنها ابنته فعاشت في خدعة كل هذه السنوات، وأصيبت بصدمة نفسية عندما جاء شاب لخطبتها وكان رفقة والدته، فبكت هذه الأخيرة وعانقتها دون أن تخبرها بشيء، وعندما انصرفت مع ابنها، لاحظت تغير تصرفات الرجل الذي تبناها.

واستغربت من سكوته حول موضوع خطبتها، ليعترف فيما بعد لها أن تلك المرأة والدتها، وأخطأت مع مغترب فتركها حاملا بها وأن شقيقته كانت تعمل ممرضة في مستشفى بالبليدة، فاتفقت معها أن تمنح ابنتها الرضيعة لشقيقها ليتبناها.

أنجبا أطفالا معوقين فاكتشفا أنهما أخوان في الرضاعة

تعيش في منطقة قصر الماء بعين النعجة سيدة متقدمة في السن مع أبنائها الثلاثة وهم معوقون ذهنيا، منهم طفلة معوقة حركيا، حيث يعطف عليها الناس بعد وفاة زوجها، رفضت والدتهم أن يتم تصويرها ونشر قصتها من طرف وسائل الإعلام فيما يخص زواجها بأخيها في الرضاعة رغم أن الجميع في المنطقة يعلم بهذه الحقيقة، وأكدت السيدات اللواتي يحسن عليها ويتصدقن عليها بالألبسة والمواد الغذائية، أنها اعترفت لهم في الكثير من المرات بأنها اكتشفت بعد سنوات طويلة أن زوجها أخوها من الرضاعة، ولم تكن تعلم بذلك، وهو ما تسبب بفي إصابة أبنائها بإعاقة ذهنية وحركية.

وفي هذا الإطار كشفت لنا المحامية زهية مختاري عن قصة لعائلة "عبد الهادي" 50سنة يعيش مع زوجته "نصيرة" في منطقة حمادي ببومرداس، لديهم 4 أطفال، اثنين معوقين ذهنيا وحركيا والثالث معوق من الأرجل، بعد التحقيق عن سبب إنجابهما لأطفال في هذه الحالة، اعترفت جدة إحداهما أنهما أخوان في الرضاعة، ورغم ذلك استمرت علاقتهما الزوجية حيث كانا يقطنان في الحراش ثم غيرا الإقامة.

طالب بإنشاء بنك معلومات رقمية حول الأطفال غير الشرعيين

خياطي: 40 بالمائة من الخيانات الزوجية تتسبب في اختلاط الأنساب

أكد مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث أن 40 بالمائة من الخيانات الزوجية تأتي بأطفال غير شرعيين، لكن لا يصرح بهم، وتبقى حقيقتهم غير معروفة، وهو ما قد يؤدي مستقبلا لاختلاط الأنساب، مشيرا لأمر آخر يتعلق بالرضاعة من طرف غير الأم البيولوجية التي مازالت منتشرة في الصحراء والمناطق النائية والمداشر، إضافة لخروج الزوجة إلى العمل وترك رضيعها عند مرضعة دون اتخاذ بعين الاعتبار الاحتياطات المستقبلية.

وأشار خياطي إلى ضرورة التعجيل بإنشاء بنك معلومات حول الأطفال غير الشرعيين ورقمنتها لتصبح في متناول جهات التحقيق ومؤسسات الدولة، مطالبا بإدراج "الحمض النووي آ دي آن" في قائمة المعلومات الرقمية حول الجزائريين.

وقال المتحدث إن تسهيل أدوات الكفالة حل آخر لتفادي سرقة وإخفاء أصل الأطفال غير الشرعيين، وأطفال شرعيين لعائلات أخرى، فيما يخص اختلاط الإخوة في الرضاعة وزواج بعضهم من دون علم بأخوتهم في الرضاعة، وكشف عن دراسة ميدانية طبية أثبتت وجود جينات يحملها حليب المرضعة وبروتينات تدخل في بناء الشخصية وتقارب في التكوين الجسمي لهؤلاء، وهو ما قد يفسر حسب خياطي تحريم الشريعة لزواج الإخوة في الرضاعة، وارتبط ذلك بشروط تتعلق بكمية الحليب ومدة الرضاعة.

رئيسة لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس الأمة

يجب كسر الطابوهات وسنطرح ظاهرة اختلاط الأنساب أمام البرلمان

اقترحت لويزة شاشوة، رئيسة لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني بمجلس الأمة اشتراك كل المختصين من قانونين وأئمة وأطباء وباحثين لإعداد تقرير مفصل حول ظاهرة الأطفال غير الشرعيين وتزايد حالات الاختلاط في النسب في الجزائر في ظل تفاقم العلاقات غيرالشرعية والخيانات الزوجية والتكتم على نسب بعض الأطفال من خلال التبني.

وكشفت للشروق عن التحضير لطرح مخطط صحي واجتماعي مفصل حول الظاهرة أمام مجلس الأمة يتطلب وضع الخطوط العريضة بعد التحقيق والتمحيص في العينات والحالات الموجودة في المجتمع الجزائري.

وقالت أن عملها في المستشفيات الجزائرية كشف لها حقيقة مرة وهي التزايد المذهل للأطفال غير الشرعيين حتى من طرف نساء متزوجات، وهذا حسبها أمر خطير يهدد كيان الأسرة والمجتمع مستقبلا، خاصة في ظل الغموض والتكتم تقول المتحدثة، "حان الوقت لكسر بعض الطابوهات في المجتمع الجزائري ونقاش ذلك أمام البرلمان بغرفتيه"، وتضيف إن زواج الإخوة من الرضاعة والنسب وارد ويمكن ان يتزايد حدوث ذلك مع الوقت، خاصة وأن الأمور لا تناقش بشفافية، مشيرة إلى ضرورة إعادة النظر في قانون الأسرة وتفعيل كفالة الأطفال اليتامى وغير الشرعيين في إطار قانوني للحفاظ على نسبهم من خلال بنك المعلومات الجينية والتي يستفيد منها حتى القضاء في قضايا إثبات النسب.

المحامية مراح زهية مختاري:

طليقات يخفين أجنتهن من الطليق وينسبنه إلى الزوج الثاني

كشفت المحامية زهية مختاري، في تصريح للشروق عن تسجيل عدة قضايا في المحاكم ضد نساء تزوجن مرة ثانية قبل انقضاء فترة "العدة"، حيث قالت إن حالات كثيرة لمطلقات تزوجن مرة أخرى وهن حاملات من الزوج الأول، ولا يعترفن بنسب الجنين للطليق انتقاما منه من دون الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب عن ذلك. وقالت مختاري إنها تأسست في قضية لتاجر رفع شكوى ضد طليقته يطالب فيها الاعتراف بنسب ابنها منه والذي سجلته على زوجها الثاني، ودعا المحكمة لإجراء تحليل الحمض النووي بعد شهادة أدلت بها إحدى قريباته التي علمت بخبر زواج طليقته وهي حامل منه.

وأكدت المحامية لدى مجلس قضاء الجزائر، زهية مختاري، أن الخيانات الزوجية التي أصبحت تعتبرها بعض السيدات موضة باستغلال شبكة التواصل الاجتماعي، تسببت في إنجاب أطفال غير شرعيين تحت غطاء الزواج، مستغربة سماعها في إطار قضايا الطلاق لقصص غريبة حول الخيانة الزوجية بدت تتجسد على أرض الواقع في المجتمع الجزائري بعد أن "كنا نراها في مسلسلات تركية وبرازيلية" تقول وهي تتعلق بتعمد بعض الزوجات الخائنات إنجاب أطفال من العشيق بدل الزوج.

حقوقيون يطالبون بإعادة النظر في المادة 40 من قانون الأسرة

طالب حقوقيون بينهم المحامية زهية مختاري وفاطمة الزهراء بن براهم تحريك الدعوى العمومية مباشرة بعد اكتشاف الزواج بين الإخوة في الرضاعة أو النسب، وفسخ عقد الزواج على انه مخالف لشرع الله، وتولي ممثل الحق العام تحريك الدعوى.

وقالت بن براهم في حالة الإخوة بالنسب، أن المشرع الجزائري ملزم اليوم بمراجعة المادة 40 من قانون الأسرة المتعلقة بمسألة إثبات النسب عن طريق تحاليل الحمض النووي، والذي ترى انه لا يسهل للدفاع كسب القضية، لأنه يتعلق بتعويض كلمة "يجوز للقاضي" الذي يرفض غالبا القيام بالتحاليل لإثبات النسب بكلمة "يجب" حتى يتقيد القضاة بتطبيقها. وأوضحت الحقوقية بن براهم أن المهم أمام القضاء ثبوت النسب بعد نتائج التحاليل للطفل وليس بالضرورة حصوله على الأبوة، مضيفة أن الجزائر مهددة باختلاط الأنساب. وركزت بن براهم على انتشار الدعارة واستغلال بعض الأجانب من الصينيين والعرب للفتيات الجزائريات الفقيرات.

بالرغم من وجود أطفال

سليم محمدي: إذا اكتشف الزوجان أنهما إخوان عليهما الطلاق

أكد الإمام سليم محمدي مفتش بوزارة الشؤون الدينية، أن استمرار علاقة زوجية بعد اكتشاف الطرفين أنهما إخوان في الرضاعة أو في النسب حتى ولو كان لديهما أطفال يعتبر من المحرمات "المغلظة" أي عقابها كبير عند الله سبحانه وتعالى، ويجب فسخها بمجرد العلم، ويبقى للقاضي فيما بعد توثيقها بحكم نهائي.

وقال الشيخ سليم محمدي، أن الطلاق يكون طوعيا بين زوجين يكتشفان بعد فترة من زواجهما أنهما إخوان سواء في الرضاعة أو النسب، ولا يحسب عليهما في حالة جهلهما لذلك من قبل، "كان عليهما أن يتحرى قبل الزواج لأن شروط الزواج الصحيح خلو المحل، ولا يجوز أن يرتبط اثنان قبل التحري في النسب، واعتبر كل علاقة زوجية مستمرة بين إخوين في الرضاعة أو النسب و تعمد الطرفين ذلك من الكبائر وعقابها عند الله أكثر من زنا المحارم لأنها من المحرمات"المغلظة"

-الشروق اونلاين