قدم المتحدث باسم النظام السابق موسى إبراهيم قراءة تحليلية للمشهد الذي تعيشه ليبيا في هذه المرحلة بعد أيام من الاضطرابات في العاصمة.

وقال إبراهيم في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "الفكر النظيف والمقاومة الملطخة" "بلغة واثقة، وتحليل صائب، يقدم بعض كتابنا الممتازين رؤية سياسية وفكرية ناقدة للواقع الليبي، على صفحات أنصار الفاتح في مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك مضيفا "ويفضح هؤلاء الكتاب المبدعون الدور الخبيث للغرب في العالم، ويكشفون عن عمالة فبراير في شرق البلاد وغربها، ويبرهنون بالأدلة الفكرية والتاريخية على ارتباط الجميع بالمؤامرة على ليبيا".

وأضاف إبراهيم "كل هذا ممتاز، ويساهم في بناء الوعي الجماعي، ويحافظ على البوصلة" "ولكنهم في زحمة التحليل السياسي، والانشغال الفكري، وكشف خيوط المؤامرة العالمية، قد ينسون بعض الأشياء الهامة منها "أن العدو هو العدو: يخطط ضدك ويعمل لتدميرك وبالتالي فإن التأكيد على وجود مؤامراته بشكل يومي يصبح تحصيل حاصل ومجهوداً فكرياً متضخماً في بعض الأحيان".

وأردف إبراهيم "إن العدو الغربي الدولي مهما بلغت قوته فهو ليس كامل القدرة، ولا يتحكم في كل خيوط اللعبة، لأنه عدو بشري مادي وليس عدواً غيبياً متعالياً، أي أنه يخفق ويفشل ويرضى بأنصاف الانتصارات ويتحمل وقع الهزيمة، ويتعامل مع الواقع ببراجماتية ومرونة وتغيير مواقف".

وتابع إبراهيم "إن هذه الظروف الواقعية والانتصارات الجزئية للعدو، والاخفاقات التي يصاب بها، وزيادة الوعي عند المظلومين، هي كلها توفر فرصاً عملية للعمل المقاوم، وللإنجاز الوطني، ضمن نطاق الواقع المرير الذي يسيطر عليه العدو الدولي سيطرة جزئية".

وتابع إبراهيم أن "الإنسان الفاعل والعامل والحركي قادر على تجاوز الظروف الاستعمارية المعادية لحريته مهما بلغت قوتها عن طريق الارادة والابداع والروح المثابرة والتنظيم الجماعي" مضيفا "هذا الإنسان الفاعل يستطيع أن يستخدم نفس الأدوات التي قهرته، والوسائل التي غالبته، لتدميرها من الداخل، بل واستخدام مراكز قوة العدو ضد العدو ذاته، مثل استخدام الجيش لعمل انقلاب ثوري ضد حكم ظالم، أو التعليم القهري لتحرير العقل بمعلمين ثوريين، أو استخدام المنظومة الدينية نفسها لقلب المعادلة ضد الرجعية الدينية والقيود التشريعية".

وشدد إبراهم على أن "هذا المنهج العملي له محاذيره طبعا، وقد يخفق وتنتج عنه آثار سلبية جديدة، ولكن الإنسان الفاعل والمقاوم يجب أن يتحمل على عاتقه مخاطرة الحرية الكبرى".

وقال إبراهيم إن "الانتصارات لا تأتي بالمجان، ولا تتحقق بالفكر فقط، بل تطلب العرق والدم والتضحيات اليومية التي تتشوه معها روح الإنسان، وتتلطخ مشاعره، ويتلوث جزء من كيانه. إنك لا تستطيع أن تقاتل ضد الظلم دون أن ينوشك غباره وقذارته وأوساخه" مردفا "انتصارات المقاومة لا تكون أبداً كاملة. هناك دائماً حقول من الألغام يجب المرور عبرها، وتنازلات ( غير أساسية) يجب تقديمها، ومفاوضات يجب خوضها، ومقاربات جزئية، واستيعاب للظروف، واحتواء لآثار الظلم في قلوب الناس وعلى أرض الواقع".

وتابع إبراهيم أنه "في الصراعات الوطنية الداخلية بالذات لا تستطيع أن تلغي عدوك أو تنهيه تماماً: الصحيح أن تستوعبه وتحتويه بمشروعك الوطني بعد أن تتغلب عليه بقوتك وفكرك وتنظيمك. هذه الغلبة تستلهمها من الناس أنفسهم ومن قدرتك الروحية، وليس من السلاح وحده"

وأردف إبراهيم "هذه النقاط الأساسية هي ما يغيب عنGPSبعض من كتابنا ومثقفينا المبدعين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يؤثر هذا الغياب على قوة رسالتهم الفكرية وتأثيرها في الحياة اليومية للناس، بل وقد يحبط من عزيمة بعض المقاومين الذين يقرؤون مقالات هؤلاء الكتاب الصادقين فلا يجدون إلا الحديث عن مؤامرات العدو المستمرة، وأن كل شيء بيد الغرب، وأن الواقع الناتج عن فبراير كله تلوث وهزيمة ولا يمكن العمل من خلاله لتغيير حال الوطن وهزيمة المؤامرة".

وأضاف إبراهيم هل تعلمون ماهي مناسبة هذا الكلام؟ مردفا "ضابط شاب مقاتل على أبواب طرابلس قال لي إنه يحب كتابنا المبدعين على الفيسبوك (وسماهم بالاسم) وأنه يتابعهم من سنوات طويلة، ولكنه توقف عن قراءتهم منذ بدء المعارك لتحرير طرابلس، لأنه أحس أن كتاباتهم تجعل من يده التي على الزناد مرتعشة، وعزيمته خائرة، وثقته في القضاء على العدو الفبرايري الأشرس في طرابلس مهزوزة. هؤلاء الكتاب، قال لي، يريدون مقاومة نظيفة مائة بالمائة، ونضالاً طاهراً من شوائب الواقع، وحرباً جميلة ومرتبة حسب الأيديولوجيا الثورية الصلبة".