منذ وصول الاسلام السياسي الشيعي  بقيادة آية الله الخميني الى حكم إيران في العام 1979، أصبح موسم الحج أحد أهدافه التي يعمل للإستفادة منها لتصدير الثورة ، وذلك من خلال دعوته الى « البراءة من المشركين » وهو شعار ألزم الخميني حجاج بيت اللّه الحرام برفعه وترديده في مواسم الحج في محال اجتماع الحجيج، رغم أنه  لم يعهد من الفقهاء بشكل عام إلى زمان الخميني التعرض لبيان حكم البراءة من المشركين، لا بما هي فعل مستقل غير مقيد بزمان ومكان وأفعال مخصوصة، وليست عملا خاصا مقترنا بفريضة الحج بالنحو الذي تناوله الإمام الخميني  بخطاباته،
ووفق دراسة حول البراءة من المشركين نشرتها دار الولاية للثقافة والإعلام فإن كتب الفقهاء الفتوائية (الرسائل العملية) والاستدلالية (كتب البحوث والدراسات) ـ سواء المختصة بالمذهب أو المقارنة له بسائر المذاهب خالية من التعرض لشيء من ذلك ، بل أن الخميني ذاته لم يطرح الموضوع من الجانب العلمي ، حيث أن كتبه الفقهية ـ فتوائية كانت أو استدلالية ـ ومنها كتب المناسك أيضاً تبدو خالية من بيان حكم البراءة من المشركين، فلم يرد لها في شيء منها ذكر. وما ورد ففي الخطابات والبيانات السياسية والتوجيهية التي لم يجر التعامل معها على أنها بيان للحكم الشرعي، ولو الحكم الشرعي السياسي إذ لبيان الحكم الشرعي قنواته الخاصة المعروفة.
لقد كان هدف نظام الملالي من إثارة الموضوع هو تصدير شعارات الثورة التي يقدمونها على أنها ثورة إسلامية عامّة ، من خلال تقديم الصراع الصراعات السياسية والإسترتيجية على أنها صرعات بين المسلمين من جهة ، والكفار وحلفائهم من المسلمين من جهة ثانية ،
وتقول الدراسة « قد يشكك في استفادة حكم من ذلك، لكنا أيمانا منا بأنّ الفقيه حين يصدر أمرا معينا، ويلزم الناس بالعمل بموجبه فإنه وان خرج عن دائرة نطاق بيان الأحكام الشرعية، ودخل في إطار الخطابات السياسية والتوجيهية لابد أن يكون مستندا إلى أساس ودليل شرعي اعتمده في استفادة ذلك الأمر »بينما يرى  باسم راشد، المحلل السياسي في المركز الإقليمي للدراسات، بالقاهرة، في دراسة له حول تسييس الحج ومقاصد إيران من ذلك، إلى أن “إعلان البراءة من المشركين” شعار ألزم المرشد الإيراني الراحل الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مناسك الحج، من خلال مسيرات أو تجمعات، ويتم فيها أيضا ترديد شعارات سياسية من قبيل “الموت لأميركا” و”الموت لإسرائيل”؛ باعتبار أن الحج، من وجهة النظر الإيرانية، يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية تقليدية، إلى فريضة دينية سياسية.
وفضلا عن أن هذه التجمعات تُعيق حركة بقية الحجيج من دول العالم الإسلامي، فإنها تهدف إلى إبعاد الحج عن مقصده الأساسي كفريضة دينية، والعمل على تسييسه من خلال تلك الشعائر، التي اعتاد الإيرانيون على تضمينها في اتفاقية البعثة الإيرانية للحج، كل سنة، وتردّ السعودية، مدعومة بمختلف المراجع والمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، بالرفض والتحذير.
بعد ثمانية أشهر  قيام الثورة الإيرانية ، وتحديدا في سبتمبر 1980  قال بيان صادر عن وزارة الداخلية السعودية إن مجموعة من الحجاج الإيرانيين تظاهروا أمام المسجد النبوي الشريف، ورددوا هتافات بعد صلاة عصر يوم 20/ذي القعدة/ 1402ه. وأن المتظاهرين رفعوا صور الخميني، وتدخلت قوات الأمن ومنعت المسيرة. وفي الأيام التالية جرت محاولات أخرى للتظاهر بالمدينة فرقتها القوات الأمنية السعودية بالحسنى.
وفي موسم الحج للعام 1403ه 1983 م قال الخميني في بيان له إلى حجاج بيت اللّه الحرام  ما نصه: «نتلو في سورة التوبة التي أمر بتلاوتها في الاجتماع العام بمكة قوله تعالى: ﴿وَأذان مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾[10]، إنّ إعلان البراءة من المشركين في موسم الحج هذا إعلان سياسي عبادي أمر به رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله)».
وتنفيذا لما ورد في كلمة الخميني ، سعت إيران لتحويل أداء فريضة الحج إلى أهداف سياسية خاصة ودعائية ، وتم ضبط أسلحة يدوية وسكاكين لدى عدد من الحجيج الإيرانيين مع كميات من المنشورات والبيانات الدعائية للخميني، وفيها مضامين التهجم الصريح على المسؤولين في المملكة، كما قام بعضهم  بالتظاهر وإطلاق الهتافات السياسية  ومحاولة دخول المسجد الحرام ببعض الأسلحة النارية الصغيرة، وقد ضبطت سلطات الأمن هذه الأسلحة عشرات المرات.
وصادف كذلك أن عثرت الأجهزة المعنية مع قرابة عشرين شخصا من إيران على منشورات دعائية وصور وشعارات وتبين أن قدومهم لم يكن بغرض الحج. وقال بيان وزارة الداخلية إنه تم اعتقال هؤلاء الأشخاص وصودر ما في حوزتهم من منشورات وصور تمهيدا لإعادتهم إلى بلادهم ، حيث تبين من خلال ذلك الحادث أن موسم الحج يشهد تجاوزات إيرانية عبر حملات ترويج لشعارت الثورة الإيرانية الإسلامية بين الحجاج، وفعاليات ما يسمى "البراءة من المشركين"، فضلاً عن محاولات إيرانية دائمة لتحويل مناسبة الحج إلى ساحة سياسية تتحدى فيها خصومها، مستغلة بعض حجاجها للصدام مع الحجاج الآخرين وقوا
و في بيان آخر له إلى الحجاج في العام (1405) الهجري المصادف لسنة (1985) الميلادية ، قال الخميني :«لقد وجدـ بحمد اللّه والمنة ـ شعب إيران وسائر الشعوب الإسلامية طريقهم، وأحاطت جموع حجاج بيت اللّه الحرام من إيران وسائر الدول الإسلامية بالمسجد الحرام مركز ثقل الإسلام ومهبط ملائكة اللّه عز وجل، ومحل هبوط الوحي بغية إحياء مراسم الحج العبادية السياسية، والعمل بواجبهم الإلهي والقرآني في إعلان البراءة من المشركين الذي نفذه الرسول الخاتم (صلى اللّه عليه وآله) في الحج الأكبر بواسطة سيدنا علي بن أبي طالب سلام اللّه عليه»
وفي العام الموالي ، وتحديدا في 3 ذي الحجة 1406هـ، الموافق أغسطس 1986 ضبطت السلطات السعودية عددا من الحقائب التي تحوي منشورات وكتبا وصورا دعائية ،وقام الحجاج الإيرانيون بالتظاهر وإطلاق الهتافات، وتم التحقيق معهم ومصادرة ما يحملونه من كتب وشعارات ومنشورات وصور ، لكن الأنكى من ذلك أن  رجال الجمارك والأمن بمطار جدة الدولي  إكتشفوا مواد شديدة الانفجار في حقائب الحجاج القادمين على طائرة إيرانية، حيث بلغ عدد تلك الحقائب نحو 95 حقيبة، كلها ذات مخازن سفلية ملبسة بمادة التفجير التي بلغ وزنها 51 كيلو جراماً، وبعد إجراء التحقيق معهم من قبل السلطات المسئولة اعترف كبير ركُاب تلك الطائرة، الحكمدار محمد حسن علي محمد دهنوي  بأنه ومجموعته كُلفوا من قِبل القيادة الإيرانية باستخدام تلك المتفجرات في الحرمين الشريفين وفي المشاعر المقدسة، التي كانت تستضيف في ذلك الوقت، نحو مليوني حاج من مختلف الأقطار الإسلامية.
وكان الخميني قد خاطب الحجيج في ذلك العام  بأنهم ملزمون « في هذا التجمع الجماهيري العام والسيل البشري العارم الجهر بأعلى أصواتهم بنداء البراءة من الظالمين» ثم وفي العام الموالي 1407 ه1987 م دعا الى «إعلان البراءة من المشركين ـالذي يعد من أركان فريضة الحج التوحيدية وواجباتها السياسية ـ ويجب أن يقام بأبهى صورة، وأعظم جلال على شكل تظاهرات ومسيرات ، وعلى الحجاج المحترمين من الإيرانيين وغيرهم المشاركة ـ وبتنسيق تام مع المسؤولين في بعثة الحج ـ في جميع المراسم المقامة، وإطلاق نداء البراءة من المشركين، وملاحدة الاستكبار العالمي، وعلى رأسهم أمريكا، قرب بيت التوحيد » وفق تعبيره
وفي 31 يوليو من ذلك العام .  نفذ الحجاج الإيرانيون أوامر الخميني وقاموا بتوزيع منشورات دعائية وتشكيل مسيرة صاخبة أشاعت الفوضى والاضطراب بين الحجاج، وقد كان من الطبيعي أن يتدخل المواطنون الذين توقفت مصالحهم والحجاج الذين تعرقلت مقاصدهم في العبادة وأداء المناسك لوقف هذه الأعمال بعد أن تعرقلت الحركة وضاقت الصدور، وجاء هذا التدخل عن طريق التفاهم السلمي مع مقدمة المسيرة، وألحوا عليهم في رجائهم بإفساح الطريق أمام النساء والأطفال المحتجزين في سياراتهم إلا أن الإيرانيين أصروا على مواصلة المسيرة وسط هتافات. وتوجه المتظاهرون إلى بيت الله الحرام وأخذوا يدفعون المواطنين بالقوة والعنف إذ حاولوا مع إخوانهم الحجاج الآخرين الحيلولة دون استمرار المسيرة، وبينما كانت قوات الأمن السعودية تراقب الموقف وتتحلى بضبط النفس وتقف على جانبي طريق المسيرة محاولة منع المواطنين وبقية الحجاج من الاصطدام بالإيرانيين المتظاهرين حرصا على سلامتهم ودرءا للشرور،  إتجه إليها المتظاهرون وهاجموها بالعصي والمدى والحجارة واعتدوا عليها، وعندها صدرت الأوامر لسلطات الأمن المختصة بالتصدي للمسيرة فورا ورفضها وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعيو إندفع المتظاهرون الإيرانيون للإشتباك  والتصادم المباشر معها  ما أسفر عن مقتل 402 شخص (275 من الحجاج الإيرانيين؛ 85 من السعوديين، و45 حاجاً من بلدان أخرى)، وإصابة 649 شخصاً (303 من الحجاج الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاج من بلدان أخرى)، بالإضافة إلى إحراق ثلاث سيارات وثلاث دراجات تابعة لرجال الأمن، وتحطيم عشرات سيارات الأمن والمواطنين والحجاج.
ونتيجة لتلك الأحداث الدامية، قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع إيران، وتم تقليل العدد المسموح به من الحجاج الإيرانيين من (150 ألف حاج) إلى (45 ألفا). أما طهران فقامت بمقاطعة الحج في المواسم الثلاثة التالية، إلى أن تجددت العلاقات بين الطرفين في عام 1991 بعد اتفاق يسمح للإيرانيين بممارسة فريضة الحج مرة أخرى، ووضع حدٍّ أقصى للحجاج الإيرانيين يبلغ (115 ألف حاج)، مع السماح لهم بالتظاهر، لكن في مكان واحد تُخصصه لهم السلطات السعودية. ورغم التزام الطرفين بهذا الاتفاق على مدار العقدين التاليين، فقد وقعت بعض الأحداث اللاحقة التي عكَّرت صفو ذلك الاتفاق.
ورغم غياب عن الحج في موسم العام 1409هـ /1989م ، فإن إرهابها لم ييغب ، حيث وعلى  في الساعة العاشرة من مساء العاشر من يوليو ، قام إرهابيون  بتنفيذ  انفجارين الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم المكي، ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة ستة عشر آخرين.، ثم القت الشرطة السعودية القبض على 20 حاجا كويتيا، اتهم منهم 16 بتدبير التفجير وعرضت "اعترافات" لهم على التلفزيون السعودي منها إرتباطهم بالنظام الإيراني ، وإستخدامهم متفجرات "تي إن تي" التي قاموا بزرعها وتفجيرها بتعليمات من قبل محمد باقر المهدي، وبالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين في السفارة الإيرانية ، ثم صدرت بشأنهم أحكام بالإعدام ، وتم تنفيذ الحكم في 21 سبتمبر 1989.
وقد استنكر المرشد العام للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي  والذي تولى المنصب بعد وفاة الخميني في الثالث من بونيو 1989 ، إعدام من وصفهم ب "الحجاج الأبرياء" متهما السعودية : بتعمد ارتكاب الجرائم في صفوف المسلمين ،وقام 150 عضوا من مجلس الشورى الإيراني بإصدار بيان يستنكرون فيه اعدام المتهمين الكويتيين وطالبوا بتسخير إمكانيات وزارة الخارجية في بلادهم لفضح هذه الجريمة على حد تعبيرهم ، كما ندد مهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الإيراني بتصريح له بإعدام المتهمين الكويتيين، واستنكر حزب الله اللبناني قتل المتهمين الكويتيين، متهما السعودية بالعمالة لأمريكا ،وتوعدت جماعة ظهرت لأول مرة أسمت نفسها "حزب الله في الكويت" في ذكرى اربعينية إعدام الحجاج بالانتقام لهم ،كما تبنت جماعة "الجهاد الإسلامي" اللبنانية محاولة اغتيال دبلوماسي سعودي يدعى عبد الرحمن الشريوي في انقرة عبر تفجير سيارته التي يستقلها أمام مبنى الملحق العسكري السعودي مما أدى إلى إندفاعه الى خارج السيارة وبتر ساقيه، وكانت الجماعة قد وصفت ذلك بأنه انتقام للمجزرة السعودية بحق المتورطين.
وفي 2 يوليو 1990 وقع تدافع كبير في نفق منى جنوب مكة إثر عطل في نظام التهوية. أسفر الأمر عن مقتل 1426 حاجا اختناقا، وكان معظم الضحايا من الماليزيين والاندونيسيين والباكستانيين، وقد تبين من التحقيقات  لاحقا أن الحادث لم يكن عرضيا ، وإنما وقف وراءه  أفراد من تنظيم يعرف بـ"حزب الله الحجاز في الكويت" قاموا بالتنسيق مع السلطات الإيرانية برش الغاز السام في نفق المعيصم
وفي 24 سبتمير 2015 ، أدى تدافع من قبل الحجاج إلى مقتل 769 شخصاً على الأقل  من بينهم 465 إيرانيا وإصابة 694 آخرين حسب الرواية الرسمية السعودية ،وقد حملت المملكة إيران مسؤولية ما أسمته بـ«حادثة التدافع المشبوهة»، التي حدثت في تقاطع شارعين فرعيين في مشعر منى ،وتحدثت  في تقرير موسع عن استغلال النظام الإيراني لموسم الحج في تحريض الحجاج الإيرانيين منذ عام 1402هـ للإضرار بالحج ، مشيرة إلى ظهور مؤشرات عن حضور عناصر من الحرس الثوري الإيراني لموسم حج 2015، من أجل زعزعة تنظيم الحج واتهام المملكة بالتقصير في أداء مهمتها في تأمين سلامة وأمن الحجيج.
لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني لوح بإمكانية اللجوء لـ"استخدام القوة" إذا دعت الحاجة فيما يتعلق بحادثة تدافع منى ، زاعما إن بلاده تعاملت مع الحادثة "بلغة الأخوة والأدب واستخدمت لغة دبلوماسية"، لكنها "سوف تلجأ إلى لغة القوة إذا دعت الحاجة" كما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن القائد العام لقوات حرس الثورة الاسلامية اللواء محمد علي جعفري جهوزية حرس الثورة الإسلامية لرد سريع وحازم على فاجعة منى، وأكد أن "قوات حرس الثورة الإسلامية وظفت جميع إمكانياتها للتحضير لرد سريع وحازم على فاجعة منى وإرغام آل سعود على تحمل مسؤولياتهم فضلا عن استيفاء حقوق الحجاج الإيرانيين، وانها تنتظر الأوامر".
وقد ردت الرياض على ذلك بأن وجهت اتهامات لإيران بـ "تسييس" الحج، ودعا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المسؤولين الإيرانيين إلى الكف عن استغلال الحادثة سياسيا، وأعرب عن اعتقاده بأنه "من الافضل للإيرانيين أن يفعلوا شيئا غير أن يستغلوا سياسيا مأساة طالت أناسا كانوا يؤدون الشعائر الدينية المقدسة".
وفي العام 2016 حملت وزارة الحج والعمرة السعودية،البعثة الإيرانية، مسؤولية عدم تمكين مواطنيها من أداء مناسك الحج لذلك العام، مؤكدة رفض المملكة القاطع لتسييس شعيرة الحج أو المتاجرة بالدين ،وفي تعليقه على إعلان طهران بأنّ مواطنيها لن يؤدوا الحج هذا العام، قال وزير الخارجية عادل الجبير أن “السعودية لا تمنع أحدا من أداء فريضة الحج”، مضيفا أنّ إيران كانت تطالب هذا العام بحق إجراء شبه مظاهرات، وأن تكون لها مزايا خارج التنظيم العادي، ممّا يتسبّب في خلق فوضى خلال فترة الحج، وهذا أمر غير مقبول، على حد قول الوزير السعودي الذي أكد حرص المملكة من جديد على أن يأتي كل مسلم ـ بمن فيهم كل إيراني إلى المملكة ـ لأداء فريضة الحج، وقد تمت تلبية معظم طلبات الإيرانيين، لكنهم رفضوا أن يوقّعوا مذكرة التفاهم للمرة الثانية.
وتابع الجير :  “إذا كانت إيران نيتها من البداية المراوغة وإيجاد حجج لعدم تمكين مواطنيها من أداء فريضة الحج، فهذا أمر سلبي جدا، وهي تتحمل المسؤولية أمام الله وأمام شعبها لعدم تمكين مواطنيها من أداء الحج هذا العام”. وفي المقابل حاول سعيد أوحدي، رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، أن يضلّل الرأي العام بقوله إن الرياض طلبت إدراج بنود جديدة في اتفاقية الحج، وقد عرض المسؤول الإيراني تلك البنود ليظهر أنها مرتبطة بالملفات الأمنية والدينية في مسار حركة الحجاج ومكان إقامتهم، معتبرا ذلك نوعا من النظرة السياسية، من طرف الجانب السعودي للحجاج الإيرانيين.
وجاءت تلك الأزمة عقب إعلان الرياض في 3 يناير 2016  قطع علاقاتها الدبلوماسية مع ايران على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة، في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، بسبب إجراءات أمنية وقضائية تقوم بها المملكة في إطار محاربتها للإرهاب ومشعلي الفتن الطائفية من الذين تحرّكهم أياد إيرانية.
لقد كان تسييس الحج إنعكاسا لموقف إيران المعادي للدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية ، وكذلك للرغبات التوسعية لنظام الملالي ،وهي رغبات تحاول أن تستفيد من التباينات الطائقية المترتبة عن الأوضاع السياسية المضطربة في عدد من دول المنطقة ،الأمر الذي أشار إليه الأمين العام الحالي للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، محمد علي الحسيني، بالقول أن نظام ولاية الفقيه لديه مشروع فكري سياسي يسعى لتطبيقه على حساب دول المنطقة من خلال مد نفوذه وهيمنته فيها تحت دعاوى مذهبية وذرائع مظلومية وحجج مختلفة كقضية فلسطين،
وفي دراسة له بمعهد واشنطن ، يرى الكاتب والباحث الإيراني مهدي خلجي أن  الانتقادات الإيرانية للحج، المتأصلة غالباً في التعصّب المناهض للعرب، خدمت أغراضاً متعددة. وهناك عبارة شائعة تقضي بأن الحج عمل جيد بالنسبة للعرب. وبحذق أكبر، في السنوات الأخيرة، قامت الدعاية المعادية للسعودية بحشد القوميين الإيرانيين المناهضين للعرب - وهي كتلة مناهظة للنظام تاريخياً - من أجل القضية. كما أن الإسلاميين المتشددين - الذين يدعمون سياسات إيران الإقليمية، وخاصة في سوريا، من منظور أيديولوجي - قد اتحدوا وراء مبدأ معارضة السعوديين. وقد رحبت هذه العناصر المجتمعية بتعليق الحج وقلقت من إعادته إلى الوضع السابق.
وفي إيران، تسيطر الحكومة على كافة تفاصيل الحج، حيث يتمّ توزيع الأدوار بين هيئتين: ممثل المرشد الأعلى لشؤون الحج والزيارة، الذي يراقب مكتبه المكونات السياسية والدينية ويعمل مباشرة تحت إشراف آية الله خامنئي، و"منظمة الحج والزيارة" المسؤولة عن الشؤون اللوجستية والخدماتية والإدارية. وبالفعل، تُعتبر هذه "المنظمة" الضخمة التابعة لـ "وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي" مسؤولة عن تنسيق عملية الحج بأكملها. وهي تضمّ 2150 فرعاً ونحو 60 ألف مدير وموظف في جميع أنحاء البلاد، وتقوم بخدمة أكثر من مليونيْ حاج إيراني سنوياً الذين لا يزورون المواقع السعودية فحسب، بل أيضاً الأماكن الشيعية المقدسة في العراق وغيرهما من الدول.
وفي المستندات التأسيسية لمكتب "ممثل المرشد الأعلى لشؤون الحج والزيارة"، تبرز لغة معينة من بين أربع عشرة مهمة رئيسية محددة:
وفي مقابلة نُشرت في سبتمبر 2016 في مجلة "مباحثات" الدورية التي تصدر في مدينة قم، أوضح محمد مهدي معراجي الذي يمثّل رجل الاتصال بين خامنئي وبعثات السلطات الدينية الأخرى، أن هذه البعثات التابعة تقدّم إرشاداً دينياً إلى المؤمنين حول فريضة الحج "من كافة أصقاع العالم الشيعي". وتابع قائلاً إن "أولئك الشيعة الذين يعجزون عن التواصل بسهولة مع إيران يمكنهم القدوم إلينا - فنحن تَجمّع ضخم لشؤون الحج - والحصول على إجابات عن الأسئلة التي يريدونها". وأسهب بالقول إنه بالمعنى الأشمل، تتبع "المراجع" (أي السلطات الدينية التي وصلت إلى مرتبة آية الله العظمى) المؤسسة الدينية الإيرانية، حتى إن لم تتوافق تماماً مع مواقفها أو أسسها الفكرية. وبالتالي، عندما أعلنت بعثة المرشد الأعلى أنها لن تشارك في الحج عام 2016، حذت السلطات الدينية الأخرى حذوها.
وعلى صعيد سعي إيران القديم العهد إلى تولي قيادة "الأمة" الإسلامية العالمية، يمثل استئناف المشاركة في مناسك الحج خطوةً منطقية تماماً. فالحل البديل كان سيعزل الجمهورية الإسلامية عن المسلمين في العالم، مما يجعل البلاد أكثر عرضةً لحملات دعائية تشنّها حكومات سنّية وكيانات سلفية.
ويشير  مجلس العلاقات الخليجية الدولية "كوغر" الى أن ما يقوم به النظام الإيراني من محاولات تسييس فريضة وشعائر الحج، وتبنيه طقوسًا تخفي وراءها أجندة سياسية وطائفية وعرقية، لا تتوافق ومبادئ وقيم 96 في المئة من المسلمين. مؤكدًا حق المملكة العربية السعودية في منع أي تسييس للحج، ومحافظتها على سلامة الحجاج من أية أعمال تضر وتهدد حياتهم ،مبرزا أن  "النظام الإيراني استهدف سلامة حجاج بيت الله الحرام منذ سنوات مضت، ويده ملطخة بالسواد في ارتكاب عمليات إرهابية، استهدفت أرواح الحجاج، وفق عقيدة طائفية لا تتوافق مع العقيدة الإسلامية المتسامحة".
ويكاد يجمع المراقبون على أن الموقف الإيراني المرتبط بنزعة عقائدية ذات واجهتين قومية عنصرية معادية للعرب وطائفية تحاول تمزيق صف الشعوب العربية بزعم تبني ما تصفه بالمظلومية التاريخية للشيعة ، لا يزال مصرّا على تسييس الحج ، وتحويله الى مناسبة للدعاية لنفسه ولتصفية حساباته مع الدول العربية المعتدلة وغير السائرة في ركابه ولترويج شعارات الفوضى والإنقلاب ، وهو ما يلتقى فيه مع عموم مشروع الإسلام السياسي بما في ذلك المشروع الإخواني ذي الصلة الفكرية والتنظيمية مع نظام الملالي في إيران ، وفي الثالث من يوليو 2019 قال الإمام الخامنئي أن الدعوة لعدم تسييس الحج هي سياسة معادية للدين ، مشددا على أنّ الحجّ عملٌ سياسي وأنّ هذا العمل يشكّل التكليف الديني بعينه.