) اشتهرت ترهونة في العام 1996 بقضية ماعرف بمصنع الرابطة أو مصنع ترهونة ، حيث اتهمت الولايات المتحدة وقتها ليبيا بانشاء مصنع ضخم تحت الأرض للأسلحة الكيماوية لصناعة غاز الأعصاب أو غاز الخردل السام، وهو مانفته ليبيا لاحقا مؤكدة أن الإنشاءات خاصة بمصنع للأدوية.

وكان الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغن ، أعلن في عام 1988 أن ليبيا تمتلك مصنعاً لصناعة الأسلحة الكيميائية في مدينة الرابطة، مؤكداً عزم واشنطن على تدميره. بعدها، تداولت صحف غربية معلومات تفيد بأن القذافي نقل مصنعه إلى مرتفعات ترهونة المتاخمة لطرابلس شرقاً. ووفق مصادر إستخباراتية أمريكية ، نشرت في كتاب « ليبيا دولة مارقة » تأليف أليكسندر النجار فإن الزعيم الراحل معمر القذافي بدأ  اعتبارا من عام 1997 يستقبل  صناديق طرد مركزي أرسلتها له شبكة عبد القادر خان الباكستانية كما اشترى من ماليزيا, ومن تركيا, ومن كوريا الجنوبية, ومن سويسرا, ما يُمَكنه من تجهيز بنية تحتية نووية مدنية ، وبنى من أجل إنتاج العوامل الكيميائية, مُجَمع الرابطة المعروف باسم "فارما 2000", بمساعدة شركات أجنبية, وبخاصة الألمانية إمهوسنشيمي إيه جي وكذلك مُجمَّع ترهونة. لقد كان الأول هدفا لحريق متعمَّد, اتَّهمت به السلطات الليبية الولاياتِ المتحدةَ, وإسرائيلَ, اللتين قامتا بهذا التخريب, عن طريق "شخص قادم من تونس". وقد وجه برتراند دولانوي الذي سيصبح عمدة باريس والذي كان يشعر بالقلق إزاء هذا الوضع, سؤالا مكتوبا إلى مجلس الشيوخ الفرنسي بهذا الشأن  : "يوجه السيد برتراند دولانوي عناية السيد وزير الدفاع إلى الأخبار التي تناقلتها الصحف , والمتعلقة ببناء مصنع كبير تحت الأرض في ليبيا, يرجَّح أن يكون لصناعة مكونات أسلحة كيميائية.  يعتبر هذا المصنع, الواقع في مدينة ترهونة, بحسب السيد جون دوتش مدير وكالة المخابرات الأمريكية, "أكبر مصنع للأسلحة الكيميائية تحت الأرض". سيكون موقع ترهونة هذاجاهزا في نهاية العقد. ويبدو أن هناك أجهزة مخابرات غربية, كمخابرات ألمانيا الاتحادية, تعرف بهذا المشروع؛ فقد أخبرتنا صحيفة نيويورك تايمز, في عام 1993, بأن شركات تايلاندية كانت تشغل بعض المباني هناك. وهي معلومات كررتها صحيفة اللوموند بتاريخ 28 أكتوبر 1993.

2) تقع أهم المنشآت الكيماوية الليبية في منطقة «الرابطة» التي تبعد 70 كيلومترا الى الجنوب الغربي من طرابلس الغرب، حيث تتبع بدورها لمنطقة غريان، ويقال ان فيها شبكة مصانع مترابطة لتصنيع الدواء «لكن خبراء أجانب زاروا المنطقة في أواخر الثمانينات ولاحظوا نشاطا فيها يتعدى التصنيع المدني الكيماوي، فبدأت الأوساط الدولية تتحدث عن منشآت «الرابطة» مما حمل الحكومة الليبية على اختيار منطقة أخرى لتأسيس منشآت تصنيع كيماوي، فتم اختيار منطقة ترهونة، حيث بنت ليبيا منشآت معظمها تحت الأرض هناك» وفق الوارد في تقرير ملخص استمدت جمعية العلماء الأميركيين بعض ما فيه من تقرير «سي. آي. ايه»  الذي تم على الكونغرس الأميركي في 2003

وفي التقرير ان منشآت «الرابطة» انتجت في الثمانينات أكثر من 100 طن من غاز يسمونه في ليبيا «الغاز المنفط» اضافة الى غاز الخردل وآخر للأعصاب «وتم تخزين هذه الكميات في مواقع سرية، ويمكن اعتبارها أكبر كمية موجودة في العالم الثالث» بحسب التقرير.

3) قالت التقارير الأمريكية أن منشآت «الرابطة» ناشطة في انتاج قنابل ذات «حشوة» كيماوية، لكن المراقبة الدولية عليها حملت ليبيا على اقفال تلك المنشآت عام 1990 ثم أعلنت الحكومة الليبية عن اعادة افتتاحها خلال احتفالات الفاتح من سبتمبر  1995 كمنشآت للتصنيع الكيماوي المدني، فاشتهرت بين الليبيين بأنها موقع لأكبر مصنع أدوية في المنطقة العربية «لكن قدرتها على انتاج سلاح كيماوي بقيت كما هي ولم تتغير» لذلك قامت أقمار تجسس أميركية بالتقاط عشرات الصور منذ 1996 لمنشآت «الرابطة» وضمتها وكالة المخابرات الأميركية الى تقريرها الذي رفعته للكونغرس، مع صور أخرى عن مجمعات منطقة ترهونة، لتثبت بها اتهاماتها بأن ليبيا مصرة على امتلاك سلاح التدمير الشامل باعتمادها في أوائل 1993 على تطوير سري لمنشآت منطقة ترهونة الزراعية، البعيدة 80 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من طرابلس الغرب، عبر تعاون مع قطاعات حكومية وخاصة أجنبية، ومنها تايلند ودول أخرى،

4) بنت لليبيا منشآت راقية ومموهة تحت الأرض أسفل منطقة جبلية في ترهونة، حيث كان النشاط متواصلا لانتاج غاز الخردل وغاز الأعصاب وحشوات «الغاز المنفط» للقنابل. لكن الحكومة التايلندية سببت مشكلة لليبيا في أواخر 1993 حين منعت تقنييها وشركاتها من الاستمرار في التعاون الكيماوي مع الحكومة الليبية «وهي خطوة رحبت بها الحكومة الأميركية الى حد كبير» وفق التعبير الوارد في تقرير جمعية العلماء الأميركيين.

5) تضمن تقرير «سي. آي. ايه» المرفوع للكونغرس القليل عن  مركز للأبحاث النووية في منطقة «تاجوراء» البعيدة 18 كيلومترا الى الشرق من طرابلس الغرب، حيث تم بناؤه عام 1979 بتعاون مع الاتحاد السوفياتي السابق، حتى اصبح يضم  750 خبيرا ليبيا وأجنبيا بالشؤون النووية، منهم أكثر من 200 ليبي كانوا قد تخرجوا من جامعات غربية بالثمانينات، خصوصا منذ 1983 حين بدأت الولايات المتحدة برنامجا تعاونيا مع ليبيا  لتدريب كوادرها وطلابها المتخرجين على كيفية الافادة من الطاقة النووية في الأغراض السلمية.

6) في 2002  فتحت النيابة العامة الألمانية ملف قضية "مصنع الرابطة" الليبي للتحقيق مع ألمانيين اثنين، يعملان في شركة متخصصة بالمجال الكيميائي، بتهمة المشاركة ببناء مرشحات ماء تستخدم في الصناعة الكيميائية في منطقة الرابطة. وقامت النيابة الألمانية بتفتيش مقر شركة ألمانية يعمل فيها الرجلان، وعثرت على وثائق هامة كشفت عن تصدير الشركة مرشحات إلى ليبيا بقيمة 510 آلاف مارك ألماني. 7) نقل موقع « العربي الجديد » الممول من قطر نقلا عن مسؤول ليبي لم يسمه  أن القذافي لم يكن جاداً في وقف أنشطته المرتبطة بحيازة أسلحة غير تقليدية، عندما وقّع على عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن عام 2004. وقد سلم مواد ومعدّات دقيقة ووثائق تتعلق بالبرامج المؤدية إلى امتلاك سلاح نووي وكيميائي، لكن كان يوجد غيرها في الجنوب الليبي. وهو ما تم العثور عليه عندما زارت لجان أممية تلك المنطقة، نهاية عام 2011، لتكتشف وجود موقع لتخزين مادة اليورانيوم، يحوي على 6400 برميل من مادة الكعكة الصفراء على هيئة مسحوق. وقد تم نقلها مع مواد كيميائية أخرى، أهمها الخردل، إلى قاعدة الجفرة في مقرات مغلقة ومحمية بشكل جيد من قبل قوات أجنبية، وفق المسؤول الذي أكد أنها محظورة على المسلحين الليبيين بكافة انتماءاتهم. 8) في 2002 اعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي جون بولتون المختص بسياسات الأمن العالمي  في الكلمة التي ألقاها في مركز للأبحاث السياسية بواشنطن (هريتيدج فونديشن) أن طرابلس "أنتجت 100 طن على الأقل من أنواع مختلفة من الأسلحة الكيميائية قبل أن يقفل مصنعها في الرابطة وأعيد فتحه عام 1995 على أساس مصنع للأدوية".

وأضاف الدبلوماسي المكلف مراقبة الأسلحة والأمن الداخلي "في أعقاب تعليق عقوبات الأمم المتحدة عام 1999 أعادت ليبيا اتصالاتها مع مصادر أجنبية غير شرعية من الخبراء وقطع التجهيزات وعناصر رائدة في مجال الكيمياء في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا الغربية". وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تعتقد أن ليبيا تواصل برنامجها في مجال الأسلحة البيولوجية".

وأضاف ، على الرغم من أنها لا تزال في مرحلة البحث والتطوير فإن ليبيا قد تكون قادرة على إنتاج كميات صغيرة من المواد البيولوجية، مشيرا إلى جهود ليبية أخرى تبذل من أجل إنتاج القنبلة الذرية وصواريخ متوسطة المدى، وقال إنه "ما من شك في أن ليبيا مستمرة منذ زمن بعيد في السعي لامتلاك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية وصواريخ بعيدة المدى".

9 ) أعلن  الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في ديسمبر عام 2003 عن امتلاكه أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية وتعهد بالتخلي عنها ، وقد سبقت ذلك وساطة قام بها الزعيم نيلسون مانديلا في 2001 وكذلك الأمير بندر بن عبد العزيز 

10) في 2014 أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أنه تم تدمير ما تبقى لدى ليبيا من أسلحة كيميائية بالكامل. وقال وزير الخارجية الليبي آنذاك محمد عبد العزيز للمنظمة إن آخر ما تملكه ليبيا من قنابل وقذائف مدفعية مملوءة بغاز الخردل قد تم تدميره في السادس والعشرين  من يناير ، وأكد الوزير بهذه المناسبة أن "هذا الإنجاز من شأنه الإسهام في تهيئة أسباب الأمن والسلم على المستوى الإقليمي والدولي، منوها بأن ذلك "ما كان ليتحقق لولا تضافر الجهود في إطار الشراكة العالمية والدعم اللوجستي والمساندة الفنية التي قدمتها كل من أمريكا وكندا وألمانيا" ، ما أتاح الفرصة لاستخدام تقنية متطورة حققت درجات عالية من السلامة والأمن والثقة. وشدد عبد العزيز على أن سلامة الناس والاعتبارات البيئية من أولويات البرنامج الوطني الشامل للتخلص من الأسلحة الكيماوية والتي تم إيلاؤها القدر المطلوب من الحرص والعناية.