بعد ثلاث سنوات من الفوضى و الحرب في ليبيا،وصلت النخب الغربية إلى نتيجة مفادها الفشل الذريع للسياسة الأمريكية في المنطقة مقارنة بالوعود الى أطلقتها حين اندلعت ما تسمى بثورات الربيع العربي شتاء العام 2011،فلا حرية و لا ديمقراطية بل إن أبسط الحقوق و أثمنها ،حق الحياة لم يعد مكفولا في ليبيا،ففرق الموت تجوب البلاد شرقا و غربا و الاغتيالات تحولت الى حدث يومي.في مقال نشره على موقع " ناسيونال انترست" يعدد الكاتب الفرنسي و الباحث في الشرق الأوسط، لمعهد جيمس إيه بيكر الثالث للسياسة العامة في جامعة رايس.،أندرو جيه. بوين،الفشل التام لسياسة الرئيس باراك أوباما.و يرى بوين أن تدخل أوباما في ليبيا كان بضغط فرنسي و بريطاني و قد أوقعه في ثلاثة مزالق حرجة عند متابعته هذا التدخل متعدد الأطراف :

أولًا، فشل أوباما في التعبير عن قضية واضحة ومقنعة للحرب أمام الرأي العام الأميركي تبرر لماذا كان هذا العمل العسكري أمرًا ضروريًا ويهدف إلى المصلحة الوطنية. فرغم أن معمر القذافي لم يكن بأي حال من الأحوال حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة، فهو قد اتخذ خطوات في السنوات الثماني السابقة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بما في ذلك وقف برنامجه النووي وتسوية أموره مع عائلات لوكربي. ونتيجة لذلك، رغم أن عدد وافر من الأميركيين قد دعموا الحملة ضد ليبيا في البداية في مارس 2011، فمع يونيو، تحول الرأي العام ليصبح سلبيا. وعلى الرغم من حملة أوباما الرئاسية التي انصبت على إنهاء المشاركة الأمريكية في "الحروب المختارة،" فقد دخل أوباما على مضض في واحدة من تلك الحروب، إلى جانب حلفائه الأوروبيين الذين لم يكونوا قادرين على تنفيذ ذلك التدخل العسكري منفردين.

ثانيا، غير أوباما وحلفائه الأوروبيين أهداف الحرب التي أقرتها الأمم المتحدة من منطقة حظر جوي وحماية المدنيين إلى تغيير صريح للنظام. ونتيجة لذلك، حيدت الولايات المتحدة موسكو وبكين اللتان كانتا قد حجبتا حق الفيتو الخاص بهما ضد إجازة استخدام القوة على أساس افتراض أن الحملة المقترحة كانت لها أهداف ونوايا محدودة. وبالسعي لتغيير النظام دون الحصول على الدعم الكامل من مجلس أمن الأمم المتحدة، خان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ثقة موسكو وبكين وخسر مشاركتهما في أي جهد يبذل بعد الحرب لإعادة بناء الدولة. أصبحت العملية المقبولة دوليًا تسوق على أنها مشروع امريكي اوروبي. منذ ذلك الحين، أثارت موسكو مرارا هذا الموقف لكونه سببًا لعدم ثقتها في التزام الرئيس أوباما بالتعددية. ومن السيء كذلك رفضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون تسوية تفاوضية اقترحها الاتحاد الأفريقي والقذافي نفسه، والتي كان يمكنها أن تمنع حدوث انهيار كامل للدولة.

ثالثًا، فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بعد سقوط طرابلس في وضع إستراتيجية ما بعد الحرب لإعادة بناء وتأمين ليبيا، والأهم، أنه فشل في تخصيص موارد كبيرة للمساعدة في نزع سلاح المتمردين وانتقال ليبيا إلى حالة مستقرة. إلا أن القول المأثور القديم لكولن باول ، وهو نفس الشعار الذي تستخدمه متاجر الأثاث لسياسة الاسترجاع الخاصة بها: "إذا كسرتها، تتحمل مسئوليتها،" قد بدا بعيدا كل البعد عن أفكار أوباما، وكاميرون، وساركوزي، حيث غادر التحالف ليبيا تماما بعد سقوط طرابلس. بدلا من ذلك، اعتمدت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا على وساطة الأمم المتحدة، وانضموا إلى آخرين في عقد مؤتمرات "أصدقاء ليبيا" (التي عقدت آخر مؤتمراتها في مارس 2014) لمناقشة السبل التي يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم ليبيا من خلالها. في أغلب الأحيان، كانت تلك المؤتمرات رمزية أكثر منها جوهرية. وقد أكد مقتل السفير كريستوفر ستيفنز في سبتمبر عام 2012 في بنغازي الوضع الأمني الخطير في ليبيا ما بعد القذافي وتكاليف الانخراط في التدخلات العسكرية الخارجية.