أشار تقرير نشره مركز ستراتفور الأمريكي للدراسات الإستراتيجية الى تعاظم النفوذ الإيراني و الاسرائليلي في دولة إريتريا بالقرن الإفريقي على سواحل البحر الأحمر.و أشار التقرير إلى أن إيران تبحث لها عن موطئ قدم في المنطقة من خلال رصد تمويلات كبيرة و ضخها في الاقتصاد الاريتري و كذلك هو الشأن بالنسبة لإسرائيل التي تحتفظ بوجود عسكري على أراضي الدولة الصغيرة. وقد أبدت إريتريا إستعدادا لأن تصبح قاعدة لتأيد القوة الشرق أوسطية التي تريد أن تمارس تأثيرا أقوى في القرن الأفريقي ربما في مقابل كميات متواضعة من الأموال والأسلحة. كنتيجة أصبحت إريتريا ومياهها في خليج عدن منفذا أخر للمنافسة الإيرانية الإسرائيلية. إن إشتباك إسرائيل وإيران مع إريتريا هو إمتداد لمنافستهم حول البحر الأحمر والتي قيل إنها أدت إلى قصف مصنع اليرموك للأسلحة في السودان.

 

دولة إريتريا شديدة الصغر إتسعت لعدوان شرق أوسطيان كي تواجه تحدياها الجيوسياسية- بشكل أساسي خوفها من غزو إثيوبي. تريد إيران أن تتوسع في إريتريا ودول أخرى في شرق أفريقيا كي تحصل على نفوذ على البحر الأحمر وهو طريق مهم للتجارة الدولية عبر البحار. في نفس الوقت فإن إسرائيل تريد أن تراقب الأنشطة الإيرانية في المنطقة. بالسماح للعمليات الأمنية الأجنبية بالتواجد على أراضيها تكون إريتريا قد أصبحت منفذ أخر للصراع المستمر بين إسرائيل وإيران.تعمل إثيوبيا تحت قيدان جيوسياسيان: المشاغل الأمنية المتعددة وإقتصاد ضعيف يسببه صغر حجم البلد والتعداد الضعيف للسكان (5.2 مليون نسمة في 2011 نقلا عن الأمم المتحدة) وإنعدام الموارد الطبيعية. الدولة التي تمزقها الحرب لديها إختيارات قليلة لتلبية إحتياجاتها الإقتصادية.منذ أن نالت إستقلالها عن إثيوبيا عام 1991 خاضت إرتيتريا حروبا ضد اليمن ودجيبوتي وإثيوبيا. وقد أشعل الصراع على أراضي جزر حنيش الكبرى في البحر الأحمر الحرب مع اليمن. وفي صراعها مع دجيبوتي إدعت إريتريا ملكية جبال راس دميرة على الساحل.لقد واجهت إريتريا تهديدا أمنية وجوديا منذ الإستقلال: الغزو من إيثيوبيا. وقد نمى هذا القلق بعد تحالف الولايات المتحدة مع إيثيوبيا وتجميد العراك الدبلوماسي للعلاقات بين واشنطون وأسمارا في 2001. الخوف الطاغي أن أيثيوبيا ستغزو لتستعيد الأراضي التي فقدتها أدى إلى معدلات تجنيد عالية في الجيش الإيريتري. ويخدم في الوقت الحالي أكثر من 10 بالمئة من سكان البلاد بما في ذلك كبار السن في القوات المسلحة الإيريترية أو في قوات الإحتياط. إمكانية الغزو الإثيوبي المستمرة وضعت إريتريا في ما يبدو أنه حالة طوارئ لا نهاية لها.

تهديدات محددة من إثيوبيا

بالنسبة لإريتريا فإن القلق الأمني الأكثر الأكبر صلة بالموضوع هو إهتمام إثيبوبيا الإستراتيجي بإستعادة ميناء على البحر الأحمر. بعد الإستقلال إحتفظت إريتريا بمواني  عصب ومصوع بينما أصبحت إثيوبيا، الدولة التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 90 مليون بلا منفذ على البحر. وتقع عصب في أقصى جنوب إريتريا على بعد حوالي 161 كيلومتر (100 ميل) من الحدود الإثيوبية وبالقرب من موطن عدد من قبائل عفار (في الحقيقة فإن أغلب قبائل عفار تعيش في الشمال الشرقي من أثيوبيا). ويشكل متمردي عفار الذين تساندهم إثيوبيا مجموعة المعارضة المسلحة الأساسية في إريتريا وهي تطالب بالإستقلال. إن حدف إستعادة عصب هو هدف له شعبية بين الصفوة السياسية الإثيوبية وموضوع شائع في الخطاب السياسي للبلاد.بالإضافة إلى ذلك فإن إريتريا وإثيوبيا خاضا حربا دموية من 1998 إلى 2000 وتبقى حدودهم متوترة.  خسرت إريتريا الحر التي قتل فيها 70000 شخص ولكنها طردت الإثيوبيين وحافظت على إستقلالها من إديس أبابا. تملك الدولتان قوات على الحدود وقد شنت إثيوبيا ثلاثة هجمات على جنوب إريتريا في مارس الماضي.

في 2008 عقدت طهران صفقة مع أسمرة للحفاظ على تواجد عسكري في عصب- رسميا لحماية مصافة تكرير نفط من العهد السوفيتي، مجددة ومملوكة للدولة. في المقابل تلقت أسمرة أموالا ودعما عسكريا من طهران عبر قنوات رسمية وغير رسمية. في عام 2009 قام بنك تنمية الصادرات الإيراني بتحويل 35 مليون دولار لمساعدة الإقتصاد الإيراني وذلك في نفس العام الذي دعمت فيه إريتريا البرنامج النووي الإيراني بشكل علني.إن عمليات إيران في إريتريا ذا أهمية بالنسبة لهدف إيران الأكبر وهو السيطرة مضيق باب المندب والطريق المائي إلى قناة السويس. بالإضافة إلى ذلك فإن السفن الحربية من إثنى عشر دولة غربية ودول أخرى متمركزة على بعد بضعة أميال من عصب لمحاربة القرصنة في المحيط الهندي وعمليات أمنية أخرى في المنطقة. لدى الولايات المتحدة وفرنسا قواعد ضخمة في دجيبوتي بالقرب من عصب. وبالتالي فإن وجود إيران في إريتريا يمكن أن يكون أكثر أهمية فيما يخص جمع المعلومات الإستخبارتية عنه في مجال الدفاع التكتيكي.

تعمل إسرائيل داخل إريتريا أيضا. حسبما قالت مصادر دبلوماسية وإعلامية لستراتفور إن إسرائيل لديها فرق بحرية صغيرة في أرخبيل دهلك ومصوع ومحطة إستماع في جبل سويرا. وجود إسرائيل في إيرتريا مركز ومحدد جدا ويتضمن جمع معلومات إستخبارتية في البحر الأحمر ومراقبة أنشطة إيران. قالت عدد من مصادر ستراتفور الدبلوماسية أن تواجد إسرائيل في إيرتريا صغير ولكن مهم.تريد أسمرة علاقات ودودة مع إسرائيل لعدد من الأسباب الأمنية والسياسية. تريد إيرتريا أن تستخدم إسرائيل للتأثير على الولايات المتحدة – وهي حليف لكل من إسرائيل وإثيوبيا- في القرارات الخاصة بإرتريا على الساحة الدولية. تريد البلد أيضا أن تحصل على قدرات دفاعية جوية أفضل للحماية من هجمة إثيوبيا. بالإضافة إلى ذلك فإن التعاون مع إسرائيل هو طريقة كي توازن أسمرة علاقتها الجدلية مع طهران. لم يكن قرار إيرتريا بإحتواء إسرائيل وإيران خيارا إستراتيجيا. بل إنه طريقة توفي بها دولة صغيرة وغير أمنة إحتياجاتها الإقتصادية والأمنية.