كان لابد من إنكشاف دورهم التخريبي وتوجهاتهم الإرهابية وإرتباطاتهم المشبوهة ببؤرة التأمر في قطر ، بهذه الكلمات وصف رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني إدراج عدد من الأسماء الليبية في قائمة الإرهاب الصادرة مؤخرا عن عدد من دول الخليج العربي ومصر ، ويرى المراقبون أن صدور تلك القائمة يمثّل منعطفا حاسما في فهم طبيعة الأزمة الليبية ، والإتجاه نحو إيجاد الحل المناسب لها ، بعد أن يتم إستبعاد العناصر الإرهابية التي تم فرضها من قبل قطر وحلفائها على مسارات الحوار السياسي في البلاد
 ويضيف المراقبون أن سبعة أعوام من المأساة الليبية ،كانت نتيجة موضوعية لتدخل قطري مباشر من أجل تحويل ليبيا الى أول بلد يصل فيه إرهابيون من تنظيم القاعدة الى الحكم ، ووضع مؤسسات البلاد تحت سيطرة ميلشيات متشددة ، يتقاسم إمرتها تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان ، من خلال قيادات مؤثرة مرتبطة مباشرة بالدوحة ، وتم تصديرها للغرب على أنها نموذج للتحول من كهوف تورا بورا  الى سدة الزعامة  على ضفاف المتوسط ،
وبحسب المتحدث بإسم القوات المسلحة الليبية أحمد المسماري ، فإن هدف قطر من تمكين الإرهابيين من الحكم في ليبيا هو تقديم نموذج تسعى الى تعميمه في المنطقة بدعوى أن وصول الجماعات الإرهابية الى الساطة سيفرض عليها الانتقال من ساحات القتال الى الفضاء السياسي العام ، غير أن هدفها الحقيقي هو وضع اليد على دول شمال افريقيا  من خلال بسط النفوذ على ليبيا ، الدولة ذات المساحة الشاسعة والإمكانيات والثروات الكبرى والموقع الاستراتيجي المهم ، والتي يمكن إعتبارها بواربة افريقيا ونقطة الوصل بين شرق الوطن العربي ومغربه
ويضيف المسماري أن قطر ، دعمت الإرهاب والارهابيين في ليبيا ، قبل الإطاحة بالنظام السابق ، فقد كان لها تواصل مع العناصر الإرهابية للإعداد لخطة الإطاحة بالدولة ومؤسساتها من آجل الانفراد بها ،وهو ما تم فعلا ، ولكن المؤامرة لم تنطل على الشعب الليبي الذي قاد مقاومة سرشة ضد الجماعات الإرهابية لا تزال مستمرة الى اليوم
وإعتمدت قطر في سعيها للهيمنة المطلقة على ليبيا على عدد من الجماعات الإرهابية المنطلقة أساسا من جلباب الإخوان ، ومنها الجماعة الاسلامية المقاتلة المرتبطة بتنظيم القاعدة ،والتي تم تأسيسها في افغانستان سنة 1992 من قبل عدد من « الجهاديين » على رأسهم عبد الحكيم بالحاج المكنى ب« عبد الله الصادق » و الذي كان قد سافر الى افغانستان في العام 1988 للقتال هناك ، ثم أتجه إلى عدة دول خصوصا 4 شملت جل إقامته هي السودان وباكستان وتركيا وقطر، قبل أن يعود إلى ليبيا عام 1994 حيث بدأ  وتدريبها فى مناطق الجبل الأخضر الجبلية للتجهيز للجهاد ضد نظام الليبي السابق ، إلا أن السلطات الليبية استبقت الخطة التي وضعها بالحاج ومساعدوه ، وقامت  بضرب مراكز التدريب عام 1995 وقتل أميرها في مناطق الجبل الأخضر فى ذلك الوقت عبد الرحمن حطاب واستطاع عبد الحكيم بلحاج مغادرة ليبيا والعودة إلى أفغانستان.
وفي العام 2004 تم إعتقال بالحاج في ماليزيا وقامت المخابرات الأمريكية بترحيله الى بنكوك للتحقيق معه قبل أن تقوم بتسليمه للسلطات الليبية التي وجهت له اتهامات عدة تتعلق بالإرهاب ، وقد صدر في حقه حكم بالإعدام ، عملت قطر على تأجيل تنفيذه بعد تدخل شخصي من الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة لدى العقيد الراحل معمر القذافي ، ثم على إلغائه بعد أن وضعت الدوحة كل ثقلها لإقناع النظام الليبي من خلال سيف الاسلام القذافي لفتح باب المراجعات الفكرية أمام عشرات الإرهابيين ،وهو ما تم فعلا تحت إشراف علي الصلابي ، الذي كان اندفع بكل قوة للتقرب من النجل الكبر للقذافي في إطار ما سمي أنذاك بمشروع ليبيا الغد ، وفي مارس 2010 تم الافراج عن عبد الحكيم بالحاج وعدد من قيادات الجماعة المقاتلة ، ومكنتهم الدولة من مساكن ومساعدات مالية مهمة مقابل الإندماج في المجتمع والتخلي عن الإرهاب
وفي آغسطس 2011 ظهر بالحاج محاطا بعدد من العسكريين القطريين في قلب طرابلس ليعلن عن تسميته رئيسا للمجلس العسكري للعاصمة ، ولتنطلق من هناك رحلة « صناعة الزعيم » في وسائل الاعلام القطرية ، يقول الكاتب والمحلل السياسي الليبي جبريل العبيدي، أنه و في  سقوط طرابلس أظهرت بلحاج القيادي  على أنه قائد عمليات تحرير طرابلس، في حين الواقع أن طرابلس سقطت لانسحاب الكتائب الأمنية التابعة للقذافي، ونظرا لخروج القذافي من طرابلس وذهابه إلى سرت، قبل سقوط طرابلس بعدة أشهر، ولكن التضليل الإعلامي القطري اجتزأ الصورة، وأظهر بلحاج على أنه «محرر» طرابلس، في بدلة عسكرية جديدة لم تلمسها ذرة تراب واحدة؛ لأن صاحبها كان في استوديوهات الدوحة، وليس في أرض المعركة التي كانت مجرد نيران صديقة بين الميليشيات التي هاجمت مقر باب العزيزية وهي تقاتل نفسها”.
بعد سيطرته المزعومة على طرابلس وضع بالحاج يده على عدد من المصارف الحكومية ، وكذلك على مبالغ مالية ضخمة كانت موجودة في مقر القذافي بباب العزيزية ،ما جعله يتحول الى صاحب مليارات من الدولارات ، ومن سجين سابق الى صاحب شركة طيران وعشرات من المؤسسات الاقتصادية والعقارات وخاصة في تركيا وإسبانيا وإيطاليا ،وقد استفاد في ذلك من علاقات ساعدته قطر على ربطها مع وزير الخارجية ازمريكية أنذاك هيلاري كلينتون
ورغم فشله في نيل ثقة الناخبين الليبين في انتخابات 2012 و2014 ، استطاع بالحاج أن يسيطر على مفاصل العاصمة طرابلس وبعض المدن الأخرى عن طريق الميلشيات المدعوة قطر ومنها تنظيم أنصار الشريعة
الصلابي : وسيلة الدوحة لاختراق نظام القذافي
إستطاعت قطر أن تخدع القذافي عن طريق علي الصلابي الذي كان قد عاش فترة طويلة بالدوحة ، وعرف بصلته القوية بالإرهابي يوسف القرضاوي ، وكذلك بحمد بن جاسم الذي راهن عليه ، وأقنع العقيد الراحل بأنه يمكن الاعتماد عليه في تطويق مخاطر الجماعات الإرهابية ، وفي عام 2009 أشرف الصلابي على قيام  الجماعة الليبية المقاتلة بآصدار ما سمي ب«الدراسات التصحيحية » وعندما  خرج مع قادة الجماعة في مؤتمر صحافي رفقة المفتي المعزول الصادق الغرياني أعلن أن العقيد معمر القذافي ولي أمر شرعي لا يجوز الخروج عليه ،وأن الخروج على ولاة الامر بالسلاح أمر محرم شرعا.
ولكن في بدايات 2011 كان الصلابي من أول من تنكروا لتلك الفتوى ، بعد أن تلقى تعليمات مباشرة من قطر  تشير الى أن نظام القذافي إنتهى وأنه لابد من تجييش كل الجماعات المتشددة للإنطلاق نحو السيطرة على مفاصل الدولة بقوة السلاح ، وكان شقيقه إسماعيل الصلابي قد أعلن رسميا منذ فبراير 2011 عن تأسيس إمارة إسلامية في مدينة درنة ترفع رايات تنظيم القاعدة
وقاد إسماعيل الصلابي، ميليشيا تعرف باسم "راف الله السحاتي"، التي كانت  تنشط شرقي ليبيا،وتمتلك ترسانة أسلحة ضخمة وسجونا  خارج النظام القضائي الرسمي الليبي، وقد نقل تجاربه السابقة في افغانستان الى ليبيا ،و»تفاد في التخطيط لمشروعه الإرهابي من علاقاته بعدد من أبرز قيادات جماعة ارخوان المصرية كثروت شحاتة الذي سعى لتشكيل ما يسمى بالجيش المصري الحر داخل الأراضي الليبية
وفي مارس 2011 ، كانت قطر قد أعلنت الحرب على نظام القذافي ، وبعد أيام قليلة دفعت بعدد من الدبابات والمدرعات لوضعها تحت إمرة اسماعيل الصلابي ، كما كلفت مدير مخابراتها  غانم الكبيسي بأن يكون على تواصل دائم مع الصلابي بأعتباره رجلها في شرق ليبيا
وفي طرابلس ، برز الصادق الغرياني نموذجا للتطرف والإرهاب حيث كان من أول من أفتى بقتل العسكريين والأمنيين وكل من يساند النظام السابق ، وقد استطاع الفرار من ليبيا أبان الإحداث الدامية في ربيع 2011 ليتجه نحو قطر التي كلفته بوظيفة مفتي الثوار ، ثم وبعد الإطاحة بنظام القذافي ، عاد الى طرابلس ليعلن عن تكليفه بإدراة دار الافتاء ، ومن هناك بدأ في إصدار فتاوى القتل والخراب ، فدفع نحو  إقرار قانون العزل السياسي المثير للجدل وحصار المقرات الوزارية عام 2013، ومن بين فتاويه الشاذة قال إن "البرلمان والجيش الليبي من البغاة الواجب قتالهم" كما أفتى بالهجوم المسلح على المدن والقبائل الموالية للنظام السابق مثل بني وليد وورشفانة والعجيلات وكذل؛ بتحليل الاستحواذ على أموال الرافضين للإسلام السياسي كغنائم وحرق مساكن من لا يبايع الاخوان والجماعة المقاتلة وتهجيرهم من مناطقهم ،ووصف كل ليبي لا يشكر دولة قطر بأنه أقل من كلب ، وفق تعبيره
وكان آخر فتاواه المثيرة للجدل هو ما أشار فيها الى  الحرب في ليبيا هي حرب بين الإسلام والكفر، وحرّض أتباعه على دعم قوات فجر ليبيا؛ مما دفع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة لوزارة العدل الليبية، إلى إصدار بيان رسمي أعلنت فيه أن "الصادق الغرياني هو مجرم حرب"، معتبرة أن حديثه وفتاواه يحرضان على العنف والقتل.
وفي 9 نوفمبر2014، قرر مجلس النواب الليبي عزل مفتي البلاد، الصادق الغرياني، من منصبه، كما قرر إلغاء دار الإفتاء وإحالة اختصاصاتها واختصاصات المفتي لهيئة الأوقاف في الحكومة المؤقتة ، إلا سلطات طرابلس تجاهلت القرار ، وقامت دولة قطر بتمويل قناة تليفزيونية تابعة لدار الإفتاء ، يديرها نجله من تركيا ، ويقوم الغرياني بإصادر توجيهاته للجماعات الإرهابية من خلالها
وفى 25 مارس 2016، دعا الغرياني كل القادرين على التوجه لبنغازي للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية، ووصف ذلك بـ"الجهاد"، كما أعلن عن مساندته لما سمي بسرايا الدفاع عن بنغازي ، ما جعل تنظيم القاعدة يصدر بيانا يشيد فيه بالمفتي المعزول
الإرهابي الخامس الذي ورد إسمه في قائمة الإرهاب ،هو مهدي الحاراتي ، أحد  أبرز المحسوبين على قطر في ليبيا ،وهو يحمل الجنسية الأيرلندية الى جانب الليبية ، إلا أنه لا يزال مطلوبا من اسبانيا بسبب تورطه في هجمات مدريد في مارس 2004
وكان الحاراتي من عناصر الجماعةالمقاتلة في افغانستان ، وفي 2011 كان من بين من حصلوا  على الدعم القطري المباشر عبر الحدود مع تونس ، وقاد أحدى الميلشيات المسلحة التي سيطرت على مدينة طرابلس بعد الإطاحة بنظام القذافي ، ثم شكل ما سمي بكتيبة ثوار طرابلس برعاية قطرية ، لتكون حليفا ميدانيا لعبد الحكيم بالحاج ، لتكون الخطوة الموالية التوجه نحو سوريا لتشكيل لواء عسكري مرتبط بتنظيم القاعدة ، يتكون من مقاتلين من جنسيات عربية واسلامية ،ويحمل إسم جيش الأمة ، تحول الى فصيل في تنظيم جبهة النصرة المرتبط بتنظيم القاعدة
وقد إتهم الحاراتي بتنفيذ جرائم ضد معسكرات جيش التحرير الفلسطيني في سوريا ، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وهو ما دفع بعدد من المراقبين الى التأكيد على أن تلك الخطوة كانت بأوامر قطرية ، وفي 2013 عاد الحاراتي  إلى ليبيا لتكليفه بلعب أدوار سياسية، فترشح كمستقل في أخر انتخابات بلدية، ليصبح عميدا للعاصمة.