أخفقت جماعة الإخوان المسلمين الليبية والتنظيمات التكفيرية الدائرة في فلكها في الفوز بالانتخابات التشريعية التي نُظمت في وقت سابق، لتتجدد المعارك العنيفة في محيط مطار طرابلس الدولي وفي مدينة بنغازي في مسعى لخلق مُعادلة سياسية جديدة تُبقي على هذه الجماعة التي نبذها الشعب الليبي في المشهد السياسي العام.

وأعلنت مفوضية الانتخابات الليبية، في ساعة متأخرة من مساء أول أمس، عن النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب في ليبيا، التي جرت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، لتكون بذلك الانتخابات العامة الثانية التي تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في العام 2011.

وأوضحت في بيان تلاه رئيسها عماد السايح أن العملية الانتخابية قد حسمت نتائج 188 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان الليبي الجديد، أي 200 مقعد، حيث أظهرت النتائج المعلنة نجاح الأحزاب والتنظيمات الليبرالية والشخصيات المستقلة التي لا تُخفي تمسكها بمدنية الدولة ورفضها للقوى المتطرفة والتكفيرية.

ولم يتجاوز عدد المقاعد التي حصلت عليها جماعة الإخوان وبقية الأحزاب والتنظيمات المحيطة بها، 23 مقعدا من أصل 200 مقعد، ما يعني خسارة فادحة لهذه الجماعات التي كانت تُسيطر على البرلمان الليبي المنتهية ولايته.

وتعكس هذه النتائج أن الشعب الليبي قد حسم أمره لجهة رفض جماعة الإخوان والأحزاب والتنظيمات الدائرة في فلكها التي تسببت في إدخال ليبيا في نفق مظلم بعد أن حوّلتها إلى وكر للإرهابيين، ومرتع للتنظيمات التكفيرية والإرهابية التي مازالت تنشط في عدة مناطق ليبية.

ويبدو أن هذه الجماعة التي تتميز بازدواجية الخطاب السياسي، ليست في وارد التسليم بهزيمتهـــا على مستوى صناديق الاقتراع، وبالتالي القبـــول بنتائج هذه الانتخابات، حيـــث تجددت الاشتباكات المُسلحة في محيط مطار طرابلس الدولي، وفي مدينة بنغـــازي شرق البلاد، وذلك في تطور لافت أطـــاح بالمساعي التي بذلتها فعاليات سياسية وقبليــــة لوقف المعارك التي تعصف بالبلاد منذ نحو الأسبوعين.

وقالت مصادر متطابقة إن الميليشيات المُسلحة الموالية لجماعة الإخوان كثفت أمس من عمليات قصف مطار طرابلس الدولي بالمدفعية الثقيلة والصواريخ، غير عابئة بالأصوات التي تعالت لوقف هذا القصف الذي وُصف بالعشوائي.

وشمل القصف بلدة “قصر بن غشير” المحاذية للمطار، حيث تساقطت العديد من القذائف على المنازل الآهلة بالسكان، ما دفع عميد بلديّتها محمد عبدالله، إلى توجيه نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي للتدخل، وتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1973 الخاص بحماية المدنيين.

بالتوازي، تجددت المواجهات العنيفة بين القوات الموالية للواء خليفة حفتر، والميليشيات المسلحة التابعة لبعض التنظيمات التكفيرية، وخاصة منها تنظيم “أنصار الشريعة” المتمركز في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.

وأشارت مصادر محلية ليبية إلى أن عناصر تنظيم “أنصار الشريعة” هاجمت صباح أمس مناطق متفرقة من مدينة بنغازي بالصواريخ، وذلك بعد ساعات قليلة من الإعلان عن نتائج الانتخابات، حيث سُمعت أصوات الانفجارات في مناطق “القوارشة” و”الهواري” و”بنينا” و”سي فرج”.

ودفعت هذه التطورات القوات المواليــــة للواء خليفـــة حفتر الذي يقود عملية “كرامة ليبيا” منذ منتصف شهـــر مايـو/أيار الماضي، إلى الرد على مصادر القصـــف باستهدافها بالطائرات التي شنـــت عدة غارات جوية.

وكان لافتا تزامن تجدد هذه الاشتباكات مع الإعلان عن نتائج الانتخابات، ما دفع العديد من الأوساط السياسية إلى القول إن جماعة الإخوان دخلت في سباق مع الزمن للسيطرة على العاصمة طرابلس بهدف خلق موازين قوى جديدة تُمكّنها من تغيير قواعد المعادلة السياسية التي ستفرضها نتائج الانتخابات.

وتُريد جماعة الإخوان الليبية من خلال هذه المعارك فرض واقع جديد تستبق به بدء عمل البرلمان الليبي المنتخب، وبالتالي محاولة شل تحركاته وإفشال قراراته التشريعية المرتقبة التي لا تنسجم مع توجهاتها.

ويخشى إخوان ليبيا أن يُسارع البرلمان الليبي الجديد إلى اتخاذ جملة من القرارات لترسيخ أسس الدولة الديمقراطية الحديثة، بما يتعارض ويتناقض مع مشاريعهم التي تبيّن، وبالكاشف، أنها لا تخدم المصالح الليبية بحكم ارتباطها بأجندة قطرية- تركية تستهدف إبقاء ليبيا رخوة وهشة حتى يسهل استنزاف ثرواتها.

 

عن « العرب » اللندنية