الملتقى الوطني الليبي هو آخر الأوراق التي طرحتها البعثة الأممية عبر مبعوثها الخاص الدكتورغسان سلامة وصادق عليها مجلس الأمن الدولي، لحل النزاع السياسي والأمني في ليبيا.

إثر عام مضى شهد مبادرات محلية ودولية عديدة لم تُفلح في حل الأزمة الليبية؛ يترقب المجتمع الدولي والليبيون، مع بدايات 2019، ما سيتمخض عنه هذا الملتقى الوطني، وهو أحد بنود خارطة طريق أعلنتها الأمم المتحدة منذ أقل من عامين.

وارتفعت وتيرة الأسئلة عن تراجع حديث البعثة الأممية عن الملتقى الذي كان مقرراً عقده، بحسب اتفاق باليرمو في نوفمبر الماضي، مطلع العام الحالي، مع اتهامها بغموض مواقفها منه.

لكن البعثة، وبشكل مفاجئ، أعلنت، أمس الأربعاء، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، عن لقاءين أجراهما رئيسها مع وفدٍ من المجلس البلدي لمصراتة "بحث خلاله التطورات السياسية الأخيرة في البلاد، وتحضيرات الملتقى الوطني"، ومع الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، عبد الرحمن السويحلي، ونقلت البعثة "مطالب المجتمعين" بـ"ضرورة انعقاد الملتقى في أقرب فرصة ممكنة".

يرى المحلل السياسي الليبي عبد الله كبير في هذا الإطار أن المؤتمر الوطني الجامع المرتقب يستهدف إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وإصدار التشريعات اللازمة لإجراء الاستفتاء والانتخابات العامة والرئاسية.

ويعتبر كبير أن نجاح المؤتمر رهين بحسن التحضير له والأطراف التي ستحضره، وبعدم إقصاء أي طرف ليبي أو شعور أي جهة بأن المؤتمر لا يمثلها.

ويقول كبير في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن المؤتمر الوطني سيشكل خاتمة للمؤتمرات الوطنية التي انعقدت في ليبيا والتي وصلت إلى 77 مؤتمرا وطنيا في جميع المناطق الليبية.

في هذا السياق ،نوّه المبعوث الأممي إلى أنه سيعلن عن موعد عقد الملتقى خلال أيام ، مشيراً إلى أنه سيعقد فى أقل من شهر كون البعثة الأممية تعمل فى الوقت الراهن على إنهاء بعض الترتيبات اللوجستية الضرورية فى هذا الشأن.

وأكد سلامة أن الملتقى سيعتمد على بوتقة واسعة من المدخلات منها ما جاء فى اجتماعات مجلسى النواب والدولة ومبادرات ولقاءات أبوظبي وباريس وباليرمو وغيرها من الإجتماعات بالإضافة إلى مبادرات الأحزاب والفئات والمدن الليبية لتغذية أجندة الملتقى الوطني إلى جانب خطة العمل الأممية التى سيحولها الملتقى الوطنى إلى مخرجات.

وأضاف سلامة أن الملتقى الوطني سيمثل 23 فئة من الليبيين جميعا تشمل المدن، الأحزاب، رؤساء الجامعات، رؤساء النقابات، شيوخ القبائل ، البلديات ، أعضاء من مجلس النواب ومن مجلس الدولة إلى جانب كل الأجسام الاجتماعية والسياسية والمكونات والأقليات العرقية، مؤكدا أنه سيكون هناك ممثل أو اثنين عن كل فئة.

غسان سلامة أشار إلى أن البعثة الأممية قامت بدراسة الوضع فى 14 مدينة ليبية لاختيار إحداها لاستضافة فعاليات الملتقى وتم التوافق على 3 مدن ستستضيف إحداها الملتقى الوطني،منوها إلى أنه سيختار المدينة اليوم الاثنين.

على صلة بذلك اكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي على أن تونس لا يمكنها حل الازمة الليبية لوحدها. وأضاف الجهيناوي بان أنّ تونس تعمل على انجاح الملتقى الجامع . حديث كهذا يؤشر الى تونس سوف تحتضن اشغال الملتقى المذكور . كما يؤشر تصريح الجهيناوي الى وجود صعوبات وعراقيل على طريق انعقاد الملتقى وأبرزها الاليات والضمانات.

ويراهن كثير من الليبيين نجاح المؤتمر الجامع بالأطراف التي ستشارك فيه، وانتماءاتها، في ظل تمسك البعض بعدم إقصاء أي طرف ليبي، لكن تظل هناك اعتراضات من البعض على تمثيل أطراف محسوبة على نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، ورفض البعض الآخر دعوة المجموعات المسلحة إلى مائدة الحوار.

ويرى مراقبون أن الضمانة الأهم في تحقيق النجاح للملتقى تكمن في حسن اختيار ممثلي الأطراف فيه، فهناك عدم وضوح في الآلية المتبعة لاختيار المشاركين، وهو ما قد يتسبب في تكرار أخطاء المرحلة الماضية.

إذ تتحاشى الأمم المتحدة الوقوع في تكرار عقد مؤتمر شبيه بمؤتمرات دولية وإقليمية سابقة لم تحقق النجاح المأمول، وهو ما أكده سلامة من الجزائر في إشارته إلى أن الملتقى "لن يُعقد حتى تتوافر كل الشروط، التي من بينها أن يكون جامعاً للجميع من دون إقصاء أي من الأطياف".

فالملتقى الجامع في هذا الوضع المعقد وحالة الانقسام المترسخة يمكن اعتباره الآلية السياسية الأقرب لإمكانية إنتاج صيغة توافقية بين مختلف الأطراف خاصة إذا استمر الزخم الدولي الدعم للمبعوث الأممي في مسعاه وتم تحجيم التدخل الإقليمي المعرقل.