نددت منظمة اس او اس ميديترانيه التي تشارك في أعمال إنقاذ للمهاجرين في البحر المتوسط أول هذا الشهر، بما اعتبرته إفلاس الدول الأوروبية في فرض احترام الاتفاقيات البحرية، معلنة أن سفينتها اكواريوس ستمدد توقفها في مرسيليا جنوب شرق فرنسا لحين فهم ما يجري.

المنظمات الأوروبية تستنكر

وقال مدير عمليات المنظمة، فردريك بينار، في مؤتمر صحافي عقده في مرسيليا، إن "المنظمات غير الحكومية باتت شماعة سهلة لإفلاس الدول الأوروبية في فرض احترام الاتفاقيات البحرية". وغير بعيد من موقع المؤتمر الصحافي ترسو سفينة المنظمة "اكواريوس" التي كانت وصلت 30 يونيو، لتوقف تقني يفترض لأربعة أيام.

و ندد مدير المنظمة خصوصاً بـ"إضفاء الشرعية على طرابلس كمركز رسمي لتنسيق عمليات الإنقاذ". وقال إن "هذا الدعم غير المشروط لحفر السواحل الليبيين يبدو لنا غير متلائم مع الإنقاذ في البحر، لأنه لا يمكن بأي حال اعتبار موانىء ليبيا موانىء آمنة".

من جهتها قالت مديرة المنظمة، صوفي بو، إن "الغموض التام يسود" بعد القمة الأوروبية الأخيرة ببروكسل. وأضافت: "كنا ننتظر بيانات بشأن نمط أوروبي معين للإنقاذ في البحر، لكن هذه البيانات كانت غامضة تماماً".

وكان الاتفاق الذي توصل ، القادة الأوروبيون في قمتهم اقترح خصوصاً "مقاربة جديدة" مثيرة للجدل مع إقامة "منصات إنزال" للمهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي لردعهم عن عبور البحر المتوسط، كما دعا القادة المنظمات غير الحكومية "إلى عدم عرقلة عمليات خفر السواحل الليبيين". يشار إلى أن منظمة "اس او اس ميديترانيه" أنقذت خلال 28 شهراً من العمل 29 ألفاً و319 مهاجراً "بينهم 6 رضع ولدوا في السفن"، بحسب صوفي بو.  ويشكل هذا العدد عشر الـ290 ألف شخص الذين تم إنقاذهم من قبل سفن أخرى في المنطقة ذاتها وخلال الفترة نفسها، بحسب فردريك برنار.

مسؤولية الإتحاد الأوروبي

رأت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، أن عرقلة الاتحاد الأوروبي لعمليات الإنقاذ غير الحكومية، وتسليم المسؤولية إلى قوات حرس السواحل الليبي، وصفة لخسائر أكبر في الأرواح في البحر الأبيض المتوسط، ودورة مستمرة من الانتهاكات للأشخاص العالقين في ليبيا. وأكدت هيومن رايتس ووتش على موقعها الرسمي، ارتفاع عدد القتلى من المهاجرين في البحر، فقد لقي ما يقارب 600 مهاجر مصرعهم أو فقدوا في يونيو الماضي، مبينة أن عدد القتلى ارتفع منذ الأول من يناير الماضي حتى يوليو الحالي إلى أكثر من 1.100 شخص، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وطالبت المنظمة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالتحرك على وجه السرعة لإنقاذ المهاجرين في البحر، واتخاذ خطوات سريعة لضمان إنزال متوقع في أماكن آمنة، وأن يدعموا عمليات الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية بدل عرقلتها، وأن يضمنوا وجودا كافيا لسفن مجهزة ومستعدة للاستجابة للقوارب المهددة.

وأوضحت المنظمة أن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، قام بحملة ضد منظمات الإنقاذ غير الحكومية العاملة في المتوسط، ورفض أن تُنزل السفن مئات الأشخاص المستضعفين الذين أُنقذوا من البحر في إيطاليا، أو أَخّر ذلك، وشمل ذلك سفنا عسكرية وتجارية، رغم إعلان بلاده بالسماح للسفن العسكرية بالمشاركة في عمليات الانقاذ. يُذكر أن قوات حرس السواحل الليبية قد فنّدت، في بيانات سابقة، وجود أي انتهاكات للمهاجرين خلال عمليات الإنقاذ، ونشرت صورا لعملياتها وسط البحر تظهر ما تقوم به قوات حرس السواحل من عمليات إنقاذ إنسانية.

وضع إنساني ليس جيد

دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى وضع حد للاحتجاز التعسفي للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية. وحذرت المنظمة من تدهر الأوضاع في هذه المراكز المكتظة أصلا، والتي تزداد سوءا بعد الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر المتوسط وإعادتهم إلى ليبيا من قبل حرس السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي.

أكد عدد من المنظمات الحقوقية المحلية انه لا يخفى على المتابع لملف الهجرة غير النظامية في ليبيا وبالأخص أوضاع مراكز الاحتجاز والتي يعاني الكثير منها الاكتظاظ وعدم قدرتها على إيواء المهاجرين وطالبي اللجوء عامة والفئات الأشد ضعفاً خاصة  كالنساء والأطفال. وقالت تسع منظمات حقوقية في بيان لها انه ليس من الإنصاف إلقاء اللوم على الدولة الليبية وحدها، فملف الهجرة واللجوء له بعد وطني وإقليمي ودولي موضحة أن الانقسام السياسي وضعف مؤسسات الدولة ساهم في تأزم وضع هذه المراكز في ظل غياب إستراتيجية موحدة للسلطات الليبية.

وأشار البيان إلى انه "لا يمكن تجاهل دور جهاز الهجرة غير الشرعية وإدارتها، فرغم ما هو حاصل من أزمات إلا أن للجهاز دور لا زال يعول عليه تجاه تحسين الأوضاع الإنسانية في مراكز الاحتجاز وأوضاع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء".

وتابع البيان: "في الوقت الذي تشيد فيه المنظمات الحقوقية والإنسانية الليبية الموقعة على هذا البيان بقرار رئيس جهاز الهجرة بالعاصمة طرابلس بغلق الكثير من مراكز الاحتجاز والتي بلغت أكثر من ثلاثة عشر مركزاً فإنها تسجل تحفظها على قرار غلق مركز زليتن والذي يعتبر من أفضل المراكز التي كانت قد زارته العديد من المنظمات المحلية وأشادت بمستوى الصيانة والنظافة ومراعاة الجوانب الصحية والفنية فيه بما فيها من توفر دورات المياه الكافية والغرف المزودة بالتكييف وشاشات التلفزة فالمركز يعد صالحا لاستقبال المهاجرين وطالبي اللجوء على الأقل لفترات معينة حتى يتم التعامل مع إجراءاتهم".