صدرت إشارات متناقضة، أمس، عن دول منظمة أوبك وبعض كبار المنتجين من خارج المنظمة، لكن خلاصتها ترجح عدم خفض الإنتاج خلال اجتماع المنظمة اليوم في العاصمة النمساوية، وهو ما يعني تضييق الخناق على منتجي النفط الصخري، بسبب تكاليف إنتاجه المرتفعة.

رجح الجدل المشتعل قبل ساعات من انعقاد الاجتماع الحاسم لمنظمة أوبك، أن ترضخ المنظمة لإصرار السعودية على ترك أسعار النفط لقوى العرض والطلب، لأن أي خفض في الإنتاج ستتبخر آثاره بعد أشهر قليلة في ظل جموح منتجي النفط لزيادة الإمدادات.

ولا تزال أوبك منقسمة حول الموقف الواجب اعتماده لمواجهة انخفاض الأسعار، حين تعيد النظر في سقف إنتاجها الجماعي المجمد منذ 3 سنوات عند 30 مليون برميل يوميا، أي نحو ثلث النفط الخام المستخرج يوميا في العالم.

لكن الكلمة الفصل ستكون للسعودية لأن الجميع ينتظر منها أن تتحمل أي خفض في الإنتاج، في وقت تصر فيه دول مثل العراق وليبيا وإيران على إعفائها من أي قيود على الإنتاج.

وترى الرياض أن أي خفض في الإنتاج لن يكون مجديا، لأن منتجين آخرين سيعوضون ذلك الخفض خلال وقت قصير، ولن تؤدي الإجراءات سوى إلى تراجع حصة أوبك في الأسواق.

وأكد وزير النفط السعودي علي النعيمي، أمس، أنه سيدافع عن إبقاء سقف إنتاج أوبك على حاله ما يقضي على الآمال بخفض السقف. وقال في تصريحات أوردتها وكالة "داو جونز": “إن السوق ستستقر في نهاية المطاف”.

ووقفت الإمارات إلى جانب السعودية حين قال وزير النفط الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، أمس، إن “السوق ستنضبط من تلقاء نفسها في نهاية المطاف” وأن هبوط الأسعار لن يدوم طويلا.

وأضاف، “لن نصاب بالذعر فهذه ليست أول مرة وليست أزمة تستدعي انزعاجنا… لقد شهدنا مستويات أقل للأسعار من قبل”.

وأكد أن أوبك ستنظر في جميع الخيارات المتاحة لكننا “لسنا مهتمين بالإصلاحات قصيرة الأجل لأننا نعلم أنها لن تدوم”.

ورأى أن أوبك “لا ينبغي أن تتولى وحدها مهمة إصلاح هذه المشكلة. فالمنظمة لم تكن المسؤولة عن تخمة المعروض الناجمة عن طفرة إنتاج النفط غير التقليدي… ينبغي على الجميع أن يلعبوا دورا في إشاعة التوازن في السوق وليس أوبك وحدها”.

وعلّق المحللون في مصرف كومرزبنك بالقول إنه نظرا إلى هذه التصريحات “لم يعد هناك الكثير من الفرص ليتقرر خفض الإنتاج أثناء اجتماع أوبك”.

وفي غياب التفاهم حول تدبير كهذا يرى هؤلاء المحللون أن أوبك التي يتجاوز إنتاجها السقف المحدد، قد تتعهد على الأقل بتطبيقه بانضباط أكبر، وأن تصريحات الوزير السعودي “تعزز رأينا بأن أوبك ستكتفي فقط باحترام افضل لسقفها الحالي”.

وأنتجت أوبك في أكتوبر 30.6 مليون برميل يوميا، بحسب وكالة الطاقة الدولية، لكن المنظمة تقول إنها أنتجت 30.3 مليون برميل يوميا.

وشهد الإنتاج العالمي زيادة كبيرة مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي وتراجع وتيرة نمو الطلب بسبب تبطؤ الاقتصاد العالمي.

قال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه، أمس، إنه عقد اجتماعا “ممتازا” مع وزير النفط السعودي وأن مواقفهما أصبحت “شديدة التقارب”.

وأكد وجود “توافق داخل أوبك على مراقبة السوق بعناية والتدخل في الوقت المناسب”.

وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه، أمس، لدى وصوله إلى فيينا إن الأسواق تسجل فائضا في الإمدادات، مؤكدا أن الوضع سيتفاقم العام المقبل ويترتب على أوبك أن تعالج المسألة بمساعدة الدول المنتجة غير الأعضاء في أوبك.

وأكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بعد اجتماعه بنظرائه من السعودية والمكسيك وفنزويلا، أنه يشك في إمكانية أن تقرر أوبك خفض حصص الإنتاج لدعم أسعار النفط، التي بلغت أمس نحو 78 دولارا للبرميل.

وأكد أن شركات النفط الروسية ستنتج في العام المقبل نفس كمية النفط تقريبا التي أنتجتها في العام الحالي.

وروسيا ليست عضوا في أوبك ولكنها من أكبر ثلاثة منتجين للنفط في العالم، إلى جانب السعودية والولايات المتحدة. ويبلغ متوسط إنتاجها نحو 10.5 مليون برميل يوميا.

وتبدو تداعيات ازدهار إنتاج النفط الصخري على رأس قائمة أولويات السعودية. ويقول محللون، إن السعودية تريد اختبار قدرة النفط الصخري على الصمود أمام انخفاض أسعار النفط، بسبب تكاليف إنتاجه المرتفعة التي تصل في بعض الحقول إلى 80 دولارا للبرميل.

وقال المحلل الاقتصادي السعودي عبدالوهاب أبو داهش إن “السعودية تحاول أن تطلق رصاصة الرحمة على منافسيها الذين ينتجون النفط الصخري”. وأكد أنها تستطيع أن تتحمل تداعيات انخفاض الأسعار “لسنتين أو ثلاث سنوات”.

ويرى الخبير فهد التركي من مؤسسة جدوى للاستثمار أن السعودية والإمارات والكويت وقطر، قادرة على تحمل فاتورة أي خفض للإنتاج، لكنها لن تقوم بذلك “لأنها ستخسر حصتها من السوق”.

وقال التركي: “إن المستفيدين الوحيدين من خفض العرض هم منتجو النفط الصخري الذين يخسرون حاليا الكثير من المال مع انخفاض أسعار الخام”.

*نقلا عن العرب اللندنية