يتحدث الكثير من المتابعين للوضع فى ليبيا، إلى مدى أهمية التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء الليبيين لتشكيل حكومة توافق وطني، خاصة بالنسبة لإيطاليا، الدولة الأوروبية الأكثر تضررا من الفوضى الحاصلة في البلاد.

ويري الكثير من هولاء أن حكومة وحدة وطنية في ليبيا قد تتيح المجال لإرسال بعثة عسكرية بقيادة إيطاليا إلى أراضيها للمساهمة في استعادة الاستقرار والأمن، ومحاربة المهربين والقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش ليبيا.

أهمية الاتفاق

وجاء اعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا برنادينو ليون أن مندوبي الحكومتين في كل من طرابلس وطبرق، توصلوا إلى "اتفاق جزئي" لتشكيل حكومة وحدة وطنية، معتبرا أن ذلك خطوة في غاية الأهمية بالنسبة لإيطاليا، البلد الأوروبي الأكثر تضررا من الفوضى في البلاد، حيث يغادر من ليبيا عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين للوصول إلى إيطاليا، علاوة على أن الفوضى الحاصلة تضر بشكل مباشر بمصالح إيطاليا الاقتصادية والطاقية، وأوضح أن حكومة وحدة وطنية في ليبيا قد تتيح المجال لإرسال بعثة عسكرية بقيادة إيطاليا إلى أراضيها للمساهمة في استعادة الاستقرار والأمن، ومحاربة المهربين وأيضا القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية." 

 وأفاد أن "داعش" يعد من أهم التحديات التي تواجه ليبيا، وهو الموضوع الأكثر تناولا من قبل الصحافة الإيطالية في الآونة الأخيرة، وفي ما يتعلق بالوضع في ليبيا، وحسب الباحث الإيطالي بمعهد دراسات السياسة الدولية "إيسبي"، ماركو أرنابولدي،  يعتبر الفرع الليبي لتنظيم "الدولة" الآن في أوج قوته، موضحا أنه حتى شهر فبراير الماضي كان "داعش" يعتمد فقط على مجموعات قليلة من المقاتلين، أما الآن فقد تعزز وجوده وأصبح لديه نحو ثلاثة آلاف مقاتل.

وأضاف الباحث أن في العدد الأخير من مجلة "دابق" التابعة للتنظيم، ظهر لأول مرة زعيم "داعش" في ليبيا، في مقابلة أجريت معه، معتبرا أن نشر هذه المقابلة يعد عملا دعائيا مثيرا للاهتمام، لأنه يأتي بعد أشهر قليلة من دعوة قادة "داعش" إلى الذهاب للقتال، ليس فقط في سوريا والعراق، ولكن لأول مرة في ليبيا، وأوضح أن "داعش" سيواصل تعزيز وجوده في ليبيا، إذا لم يجد من يعترضه طريقه، ووفقا لأرنابولدي لم تظهر القوى الليبية، إلى حد الآن، أي رغبة وتصميم من أجل القضاء على التنظيم، مشيرا إلى أن الأمور يمكن أن تتغير بفضل الاتفاق المعلن يوم الأحد، أو لدى دخول القوات الدولية.

عقبات

ويري الباحثون السياسيون إلى أن الاتفاق الأخير يعد خطوة أولى، ويتطلب الآن موافقة البرلمانين في كل من طرابلس وطبرق، فضلا عن قادة "الميليشيات" القوية التي تسيطر على البلاد، كما سيلقى هذا الاتفاق، ووفق الباحث والخبير بالشأن الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو، ، شأنه شأن أي اتفاق آخر، معارضة من قبل من وصفهم بـ"المتعنتين" من كل فصيل.

وأوضح توالدو أن أكثر "المتعنتين" الذين لديهم الكثير ليخسرونه من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هو خليفة حفتر، وهو من بقايا النظام القديم، ويتحالف حاليا مع حكومة طبرق، مضيفا أن من أطلق عليهم على تعبيره "ميليشيات" حفتر هي أقرب ما يكون إلى جيش نظامي في ليبيا الآن، وتمثل أكبر عقبة أمام توقيع الاتفاقات، ووفقا للخطة التي أعلنها ليون، ستقوم الحكومة الجديدة بإعادة تعيين القادة العسكريين، وبالتالي من الصعب أن يقبل حفتر بوضع يهدد بتهميشه، لكن يعتمد هذا الأخير كثيرا على حلفائه في الخارج، موضحا أنه إذا ما دعته كل من حكومة مصر والإمارات للقبول بالاتفاق، قد يضع تحفظاته جانبا، وربما تفتح موافقته أبواب ليبيا أمام مهمة عسكرية بقيادة إيطاليا.