نشرت "مؤسسة الراية للانتاج الاعلامي" الذراع الاعلامي لجماعة أنصار الشريعة الليبية في الاونة الاخيرة شريطا مصورا يظهر فيه العشرات من مقاتلي الجماعة منظمي الصفوف يحملون عتادا عسكريا متطورا و بدى المشهد أشبه بمعسكر تدريبي لقوات نظامية ،مما يثير العديد من التساؤلات حول قوة الجماعة العسكرية و نفوذها في المناطق التي تسيطر عليها او تلك التي تعتبر معاقل تاريخية لها خاصة في مدن الشرق الليبي في بنغازي و طبرق و البضاء و خاصة درنة.

فالجماعة المتهة بالوقوف حلف مقتل السفير الامريكي في بنغازي كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين و أعلن آنذاك تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في بيان أن الهجوم جاء انتقاما لمقتل الشيخ أبو يحيى الليبي أحد قادتها في غارة جوية بطائرة بدون طيار في يونيو/حزيران 2012. إلا أن الجماعة قد نفت ذلك و قالت على لسان المتحدث باسمها هاني المنصوري " الجماعة لم تشارك في الهجوم الذي استهدف مقر القنصلية الأميركية في خضم الاحتجاجات على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة." و في ذات سياق الاعتداء على البعثات الدبلوماسية الخارجية كانت الجماعة قد هددت بذبح سفير بورما خلال مظاهرة في شهر أغسطس /أب 2012 خلال مظاهرة لمساندة المسلمين في بورما و ما يتعرضون له و قال أحد المتحدثين باسم أنصار الشريعة إن الجماعة "ستذبح السفير البورمي إن لم تتوقف عمليات الإبادة ضد المسلمين".

و تطالب الجماعة باقامة "دولة اسلامية في ليبيا" منذ أن أعلنت عن نفسها للمرة الأولى في شهر فبراير/شباط 2012 ،كما نظمت مؤتمرها التأسيسي في يونيو/حزيران من نفس السنة و حضره ما يقرب من ألف. و تأسست كتيبة أنصار الشريعة بعد الإنفصال عن "سرايا راف الله السحاتي" التي شاركت في تأسيسها،كما تشير تقارير اعلامية محلية الى "وجود فرعين لأنصار الشريعة خارج مدينة بنغازي هما "أنصار الشريعة في سرت" و"أنصار الشريعة في اجدابيا". تأسس فرع سرت في 28 يونيو 2013 في مدينة سرت بعد إلغاء اللجنه الأمنية وانضمامها لأنصار الشريعة وتغيير إسمها إلى (أنصار الشريعه سرت) وكان آمر الفرع وقتها أحمد علي التير المكنى "أبو علي". فيما الشيخ فوزي العياط هو المتحدث الرسمي باسم أنصار الشريعة - سرت وهو أيضا عضو في مكتب أوقاف سرت. فيما تأسس فرع أنصار الشريعة - اجدابيا في 4 أغسطس 2013.".

و كانت الولايات المتحدة قد قررت في شهر يناير الماضي  إدراج مجموعة أنصار الشريعة الليبية الإسلامية المتطرفة المتهمة بشن الهجوم المسلح في 11 أيلول/سبتمبر 2012 على القنصلية الأمريكية في بنغازي شرق ليبيا ضمن لائحتها السوداء "للإرهاب" .وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أنها أدرجت في اللائحة نفسها منظمات إسلامية توأم لأنصار الشريعة في درنة (شرق ليبيا) وأنصار الشريعة في تونس، متهمة هذه الأخيرة بأنها على صلة بتنظيم القاعدة.وقالت الخارجية الأمريكية أن المجموعتين الليبيتين "متورطتان في هجمات إرهابية استهدفت مدنيين وفي عمليات اغتيال متكررة لعناصر في قوات النظام ولسياسيين في شرق ليبيا وفي الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 ايلول/سبتمبر 2012 الذي أودى بحياة سفير الولايات المتحدة كريستوفر ستيفنز وثلاثة موظفين أمريكيين آخرين".وجماعتا أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة أصبحتا بمثابة "منظمات إرهابية" وقادتهما بمثابة "إرهابيين دوليين" يشكلون "تهديدا على مصالح الولايات المتحدة في ليبيا".وعلى غرار الإجراءات التي تتخذ في مثل هذه الحالات، فإن الممتلكات والأصول المحتملة لهذه المجموعات باتت مجمدة في الولايات المتحدة وحظر أي تعامل أو تبادل معها رسميا.

و يرى مراقبون،أن الجماعة هي فرع جديد لتنظيم القاعدة في ليبيا و لكن بثوب جديد و باسم جديد في سياق محاولة القاعدة اعادة تسويق مشروعها في المنطقة بعد ما عرف بالـــ"ربيع العربي" كما أن للجماعة علاقات تنظيمية و لوجستية بجماعات جهادية أخرى في المنطقة خاصة جماعة أنصار الشريعة بتونس " تتجاوز مجرد التشابه في الأسماء والتقاطع في الأفكار الجهادية إلى التنسيق العملياتي والدعم المالي واللوجيستي"، وذلك ما كشفت عنه العشرات من كميات الأسلحة المحجوزة منذ العام الماضي وحتى اليوم، والتي أكدت تحريات الداخلية التونسية أنها كانت قادمة من ليبيا لفائدة جماعة أنصار الشريعة بتونس، كما أن السلاح الذي تم به اغتيال المعارضين التونسيين ،شكري بلعيد ومحمد البراهمي، مصدره ليبيا بحسب التقرير الباليستي للداخلية التونسية".

فجماعات "أنصار الشريعة" التي ظهرت في "بؤر التوتر العربية" ، "هي تعبير تنظيمي جديد لأفكار ومنهاج القاعدة، فقد كان ظهورها في فترة واحدة في تونس وليبيا والمغرب معتمدة على نفس عقيدة القاعدة، ولكن بفارق جديد هو العمل الدعوي والاجتماعي العلني بهدف كسب حاضنة شعبية مستفيدة من هامش الحرية الكبير الذي وفرته التغيرات السياسية الجديدة في المنطقة العربية فهذه الجماعات لا تشترك فقط في الاسم والعقيدة بل حتى في طرق تنظيم العمل والمراوحة بين التنظيم العلني ذي الوجه المشرق والعمل الخيري والعمل السري الحامل للعقيدة الجهادية، والذي أدى إلى التعجيل بالمواجهة معها في تونس،واليوم في ليبيا ".