هدوء حذر يحلّ مكان التوتّر الذي ساد، خلال الأشهر الماضية، منطقة أقصى الشمال الكاميروني، المحاذية لنيجيريا معقل جماعة "بوكو حرام" المسلّحة.. مشهد ضبابي يجعل إمكانية الجزم بحقيقة إحداثياته أمرا بالغ الصعوبة.

فهل هو تراجع للمجموعة المسلّحة تحت وطأة هجمات التحالف التشادي الكاميروني، أم هو تكتيك ماكر من جانب رجال أبو بكر شيكاو (زعيم بوكو حرام) تحضيرا لعود قوية؟.

وزير الدفاع الكاميروني، إدوارد آلان ميبي نغوو، قال إنّ "قوات الدفاع الكاميرونية استعادت زمام المبادرة في مواجهة المجموعة النيجيرية، وكبّدت الأخيرة خسائر ثقيلة"، مؤكّدا أنّه تمّ "إغلاق جميع المنافذ التي كانت تؤمّن الإمدادات لبوكو حرام".

حالة استقرار ظاهرية تسود، مؤخرا، منطقة أقصى الشمال الكاميروني، والتي كانت، قبل ذلك، مسرحا لهجمات المجموعة المتشدّدة، وكلّ ما وقع تسجيله، مؤخرا، لم يتعدّى "3 محاولات فاشلة للتوغّل في الأراضي الكاميرونية من جانب بوكو حرام"، بحسب الوزير الكاميروني في تصريحات صحفية.

انتهاكات المجموعة النيجيرية المسلّحة التي أثقلت المناطق الكاميرونية المحاذية لنيجيريا بحوادث النهب القتل والاختطافات، أجبرت الكاميرون ودول حوض بحيرة تشاد على البحث عن حلول مشتركة لمواجهة مدّ الإرهاب المتنامي في المنطقة، فكان أن أرسلت تشاد، في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي،  بقوات تتألّف من ألفي و500 رجل، إلى شمالي الكاميرون لمساعدتها على القضاء على "بوكو حرام"، ومنع توسّعها نحو بلدان أخرى.

وزير الاتصالات الكاميروني، عيسى تشيروما، قال، منذ بضعة أسابيع، خلال مؤتمر صحفي، أنّ "هيئة أركان الجيش الكاميروني اختارت مدينة كوساري لاحتضان قاعدة الجنود التشاديين"، فيما تمركزت هذه القوات في مدينتي "مالتام" الواقعة على بعد 25 كم من تشاد، و"فوتوكول" الحدودية مع نيجيريا.

ووفقا لمصادر أمنية لوكالة الأناضول، فإنّ الجنود التشاديين يخضعون لقيادة من قبل ضباط كاميرونيين، فـ "الجنرال التشادي الذين جاء مع قواته عاد أدراجه نحو بلاده، وأعلى الرتب العسكرية التشادية الموجودة في الكاميرون هي ضابط، كما أنّ الجنود التشاديين يخضعون، حاليا لسلطة الجنرال القائد العام للمنطقة العسكرية المشتركة رقم  4"، مؤكّدة أنّ الدوريات التي تجوب مناطق أقصى الشمال مشتركة، أي أنّها تضم جنودا تشاديين وكاميرونيين، لكن بقيادة كاميرونية.

التحالف الكاميروني – التشادي يضمّ، من الجانب الكاميروني، العديد من أجهزة الدفاع، بينها "كتيبة التدخّل السريع"، وهو فيلق يضمّ نخبة الجيش الكاميروني، ومتخصّص في مكافحة أشكال الجريمة الجديدة، على غرار الإرهاب والقرصنة البحرية، إلى جانب "كتيبة المشاة الآلية"، و"فوج المدفعية أرض- أرض"، إضافة إلى المظلّيين،  والقوات الجوية وقوات الدرك والهندسة العسكرية.

أمّا بخصوص عدد القوات الكاميرونية المنتشرة أقصى شمالي البلاد، فإنّ الجيش الكاميروني لم يعلن عن أيّ توضيحات بهذا الشأن، مكتفيا، في مايو/ أيار الماضي، بالإعلان عن إرساله 5 آلاف رجل إلى الحدود مع نيجيريا. تحفظات قال إنها تعود لـ "أسباب استراتيجية".

ومن جانب "بوكو حرام"، فقد اعتمدت، إلى حدود شهر فبراير/ شباط الماضي، سياسة هجومية، رسّخت الاعتقاد لدى المراقبين بأنّ "المجموعة المسلّحة تسعى لبسط نفوذها على مدينة كاميرونية بغرض اتخاذها قاعدة لها"، بحسب مصادر أمنية للأناضول، أكّدت أنّ "الهدوء الذي تشهده المناطق الشمالية، مؤخرا، حذر، ولذلك نحافظ على حالة التأهّب".

وتعيش المدن الكاميرونية الواقعة على الحدود مع نيجيريا حالة تأهّب دائمة، بسبب الهجمات المتواترة التي استهدفتها من قبل "بوكو حرام"، ومن أبرز تلك المدن: فوتوكول، وأمكيدي، وكولوفاتا، إضافة إلى كلّ من أشيغاشيا ووازا.

وضع يظلّ منفتحا على أكثر من احتمال، في ظلّ هذه "الهدنة" غير المعلنة من قبل المجموعة المسلّحة التي يجزم المراقبون أنّها إمّا نالت ضربة قاسية جعلتها تتراجع لالتقاط أنفاسها والتحضير لعودة قوية، وإما أنها فضلت تغيير التكتيك لمواجهة التحالف الكاميروني التشادي. فرضيات قد تؤكّدها أو تنفيها المستجدات في المنطقة خلال الأيام القليلة القادمة.