في موسيقى الراب يتحدث المؤدون عادة عن أنفسهم, عن استيائهم وغضبهم, عن فرحهم وحزنهم, عن مطالبهم كبشر في الحياة, وأيضا عن توجهاتهم الحياتية, فموسيقى الراب هو عنصر أساسي في الهيب هوب والريقي, ولكن هذه الظاهرة كانت موجودة قبل ثقافة الهيب هوب بعقود. يكمن القاء الراب بوجود الايقاع أو بدونه "بما يعرف بالفري ستايل" وبشكل عام فإن صوت المغني أو المغنية ليس هو المعيار إنما نبضات الموسيقى نفسها وكلمات الأغنية. من حيث الأسلوب: فإن الراب يقع في منطقة رمادية بين الكلام والشعر والنثر والغناء, وتضيف ويكيبيديا: العصر الذهبي للراب كان في الفترة ما بين وآخر الثمانينات وحتى منتصف التسعينيات, حيث شهدت موسيقى الراب في هذه الفترة تغييرا جوهريا في اتجاه أسلوب الراب والانحراف عن الأشكال القديمة حيث أنه في الثمانينات كان الراب في الغالب يتجه إلى التراكيب ومركبات القافية البسيطة, والتسعينيات تحررت موسيقى الراب من هذه الأساسيات وخلقت أنماط أكثر كثافة وتعقيدا.

في هذا التحقيق نتناول الراب الليبي وأحلام الشباب في تقديم فن يسمع صوته لأبعد مدى, يناقش قضايا ويقدم حل بديل, تحاورت مع بعض مغنيي هذا الفن الذي بدأ في ليبيا منذ اعوام ولكنه لم يأخذ نصيبه من الاعلام. اتفقوا أن الصعوبات كثيرة منها ما يتعلق بتمويل الفرق الموسيقية, في ظل الامكانيات المحدودة حيث يمول الفريق نفسه بنفسه, إضافة لعدم القدرة على تأجير استديو لتسجيل أغنياتهم وغياب متعهدي الحففن الغضب

يقول الرابر رامي لديه فرقة فنية: "الراب فن تعبير عن غضب ومشاكل تواجه الشباب وايضا يعالج المشاكل سواء سياسيا أو اجتماعيا", وأضاف رامي: الراب يوجه انتقادات كثيرة وهي نقل الحقيقة عبر الكلمة واللحن وهو لسان حال الشارع لذلك فان كلماتنا قد لا تروق للبعض. ونحن الشباب في ليبيا عانينا الكثير في ظل النظام السابق .. فكان متنفسنا الوحيد هو الراب, لكي نعبر عن ما بداخلنا. وعن أهم موضوعاتهم قال رامي: المواضيع كثيرة .. منها المخدرات, الأصحاب, ضياع الشباب, البطالة وحلم السفر للخارج هربا من الواقع.

أزمة الموزعين

ويوضح الرابر محمد راب وهو طال بكلية الصيدلة: "أن أغنية الراب الليبية ينقصها الموزع الجيد فمثلا في مدينة بنغازي يوجد موزع واحد, وهذا مشكلة كبيرة تواجهنا, يتناول محمد في أغنياته شكل الوطن الذي يحلم به ويضيف:" اغنياتي يجد المستمع إليها كلمات تشدو بحجم التضحيات التي قدمها شعبنا بكل شرائحه العمرية, أيضا عن الثورات العربية والوضع الحالي للبلاد وكيف ان القانون في إجازة ".

الرابر محمد الذي بدأ الغناء في العام 2008, يرى ان مستقبل أغنية الراب الليبية بكل ما تواجهه من صعوبات سيكون أفضل والسبب ظهور مغنيي راب جدد بأفكار رائعة وخاصة بعد الثورة. ويؤكد محمد: "انه ليس مع الرأي الذي يقول أن الراب فن سطحي".وعن الصعوبات التي واجهها الرابر محمد قال: "تعرضنا للإهانات والضرب من قبل الامن الداخلي خلال النظام السابق عندما كنا نتخذ من الساحة المقابلة لفندق تيبستي بمدينة بنغازي مكانا للغناء وكان يسألوننا عن توجهاتنا ولماذا نمارس هذا الفن? وهل هناك جهات تدعمنا?.

غناء ثوري

أما الرابر Adel Joe فقد بدأ الغناء العام 2005, واتفق مع زملائه في حاجتهم للدعم والاهتمام بهذا الفن الذي كان أحد أسباب اندلاع الثورات العربية, وأضاف: "تتناول أغنياتي الفساد الحاصل في مدينة بنغازي والمندسين بيننا والتقصير في حق هذا الوطن".وأوضح ADEL JOE "تم أعتقالي من قبل الأمن الداخلي عام 2007, بتهمة سياسية وبعد الضرب والسجن تحت الأرض لمدة أسبوع خرجت .. وعدت لفن الراب في العام 2011." ويطمئن ADEL JOE متتبعي هذا الفن ان هناك أمل في ان يلتفت المهتمين بالشأن الفني لنا والنظر لفن الراب بنظرة أكثر جدية خاصة وان أغانيهم تطرح مشاكل مجتمعاتهم.

فن شبابي

الملحن تامر العلواني قال: الراب نمط موسيقي موجود في العالم من عشرات السنين موسيقاه بسيطة وإيقاعاته تكاد تكون ثابته مع بعض الاجتهادات من الموزعين الموسيقيين وله قاعدة كبيرة من المعجبين ويفرض نفسه, مشكلة الراب العالمي انه لغة جديدة استخدمها الافارقة الامريكيين للتعبير عن سخطهم للمجتمع إزاء ما كانوا يلاقوه من تفرقة عنصرية لذلك استخدموا لهجتهم وبدون تنقية من أي ألفاظ خارجة, وأضاف العلواني: "بالنسبة لليبيا يبقى نوع موسيقي يستهوي الشباب للتعبير السريع حيث ان مؤديه قد لا يحتاج لأن يكون صوته جميل كل ما يهم هو طريقة آداه ... وهذا قد يبعدنا ويلهينا عن الاهتمام بالأغنية الليبية التقليدية التي نحن بصدد الرقي بها ونشرها بمفرداتها الليبية لقطاع كبير من المجتمعات العربية والتعريف بها ".ويرى العلواني ان الأغنية الليبية تحتاج لكتاب محترفين ومثقفين لتستمر وأن أغنية الراب الليبي إن جاز التعبير أن نطلق عليها هذا الاسم تبقى لون غنائي سيحتاج الكثير من الوقت كي يستطيع أن يعبر عن وجدان شعوبنا العربية بشكل كامل وناضج.

انتقاد ساخر

يطرح المدون مهند شريفة وجهة نظر بشأن الراب إذ يعتبره من الفنون الجيدة نسبيا فهو في جانبه الإيجابي قناة تواصل جميلة يستطيع المعنيون من خلاله أن يعبروا عن مكنونات الأمة بشكل أصدق وأوفر, ويضيف: "فن الراب من الموسيقى الكلاسيكية وجماله يكمن في كونه لا يعبر عن فئة أو طبقة معينة إنما يصل إلى جميع المستويات الثقافية والتعليمية بسلاسته وفى بعض الأحيان عندما يتخذ طابع النقد والسخرية اللاذعة للسلبيات والظواهر التي تتجشمها المجتمعات البشرية وأظن بأن الصدق الملومس في جوهره يشيد عتبة الزاوية في رقيه وتفوقه فهو فن يحمل على كاهله قضية ما على النقيض منه الأنواع الموسيقية الاخرى التي تكررت بها المعاني والكلمات حتى باتت رتيبة على الأذان المستمعة ولذلك لابد لهذا النوع من الموسيقى أن يكون له مستقبل مشرق مرتقب وأظنه كذلك لأنه بدا في الأعوام الأخيرة في استمالة قطاع واسع من الجمهور ولاسيما الشباب الذى تذوقه واحبه, وهو اهل له حقا ".

*جريدة  بنغازي _ خلود الفلاح