يتطلع المهتمون بشأن الإسلام السياسي في الجزائر، إلى ما سيسفر عنه اجتماع مجلس شورى حركة مجتمع السلم “حمس” الإخوانية، المزمع أن ينظر في الأزمة التي تفجرت منذ أسابيع بين القيادة السابقة ممثلة في أبو جرة سلطاني، وبين القيادة الحالية ممثلة في عبدالرزاق مقري، في أعقاب التلاسن الذي تصدر وسائل إعلام محلية حول مشاركة سلطاني في مشاورات للتقارب بين المعارضة ونظام بوتفليقة.

ويتوقع مراقبون أن يتجه بيت الذراع السياسية لحركة الإخوان في الجزائر “حمس”، إلى المزيد من التفكك والتشظي، بفعل الخلافات بين مختلف التيارات التي تتجاذبها، سيما في المدة الأخيرة.

ورغم أن الخلاف الذي تصدر عددا من الفضائيات والصحف المحلية بين أبو جرة سلطاني وعبدالرزاق مقري، رُحّل إلى اجتماع مجلس شورى “حمس” المنتظر في ديسمبر القادم، إلا أن الملاحظين ينتظرون أن تتم لملمة الغسيل داخليا، بشكل يوحي بوجود حالة من الانضباط التنظيمي، كما عوّد الإخوان الرأي العام في الجزائر، كلما تفجرت أزمات أو مسائل خلافية في صفوفهم.

لكن مصادر من داخل الحركة أكدت لـ”العرب” أن الخلافات والصراعات بين تيارات حركة الإخوان لن تنتهي بأي تسوية منتظرة في الأفق، حتى وإن تم التكتم عليها ومنع تفاصيلها من التسرب إلى الإعلام.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الخلافات ما انفكت تتنامى منذ رحيل مؤسس “حمس” محفوظ النحناح في يوليو 2003، خاصة ما تعلق بموقع الحركة الإخوانية في المشهد السياسي، فسياسة ساق في السلطة وأخرى في المعارضة لم تكن أبدا محل إجماع، وهو ما أدى إلى انشقاق عدد من القيادات وتأسيس أحزاب أخرى.

كتاب نذير مصمودي زاد حجم التفكك في البيت الإخواني

وجاءت القنبلة التي فجرها القيادي السابق في التنظيم، نذير مصمودي، بتأليفه كتاب “متى يدخل الإسلاميون في الإسلام”، في الأيام الأخيرة، لتضاعف من حالة التفكك الداخلي في التنظيم الإخواني.

فقد سرد الرجل تجارب واعترافات من داخل بيت الإخوان في الجزائر، من بداية الثمانينات إلى غاية فك الارتباط بين الطرفين.

ومن بين ما أورده مصمودي، الحادثة التي تعود إلى منتصف الثمانينات، حين توسط لحل خلاف أسري بين أحد القيادات الإخوانية عمل معه في منظمة إغاثية إسلامية في فيينا، مع زوجته من جنسية أجنبية.

وقال”عَدّدت لي أسباب الخلاف مع زوجها كالمبيت خارج المنزل وزعمه أنه يقضي لياليه في المسجد، بينما الحقيقة أنه كان مع خليلته”، وتابع “خلصت الزوجة إلى أن ما يقوم به زوجها من ممارسات وسلوكات، يتنافى مع الدين الإسلامي”.

وأثار كتاب “متى يدخل الإسلاميون في الإسلام” جدلا واسعا في الساحة الجزائرية، بين من اعتبره مراجعة متأخرة لأحد الناشطين في حقل الإسلام السياسي تعكس حجم التناقض بين الشعارات والممارسات، وبين من اعتبره تصفية حسابات بين رموز التيار، بعد أن وجد مصمودي نفسه مهمشا داخل التيار الذي اشتغل فيه طيلة عقود كاملة.

ولم تستبعد مصادر “العرب” أن يكون اجتماع مجلس الشورى آخر لقاء بين سلطاني ورفاقه في “حمس”، حيث يعتزم هو الآخر الانشقاق وتأسيس حزب آخر، ينضاف إلى حزمة الأحزاب التي أسسها قياديون سابقون، على غرار عبدالمجيد مناصرة، (حركة التغيير)، ومصطفى بلمهدي (حركة البناء)، وقبلهما عمار غول (تجمع أمل الجزائر).

*نقلا عن العرب اللندنية