من جديد،تعود أزمة انقطاع الكهرباء لتتصدر المشهد في ليبيا بعد إستقرار نسبي مطلع العام الجاري، فقد أصبح المواطن الليبي مع بداية دخول فصلي الصيف والشتاء كل عام على موعد مع هذه الأزمة المتكررة التي لم تستطع أي من الحكومات المتعاقبة منذ أربع سنوات حلها وإنهاء معاناة المواطنين.

وتعاني مختلف مناطق طرابلس وضواحيها من أزمة انقطاع التيار الكهربائي الذي وصل في بعض الأحيان إلى 20 ساعة متواصلة، ورغم أن الشركة العامة للكهرباء تعلن في نشرتها اليومية عن أن عدد ساعات انقطاع التيارات لا يتجاوز 8 ساعات وهو رقم غير قليل نظراً لارتفاع درجات الحرارة فإن عدد الساعات تجاوز ذلك بكثير في بعض الأحيان.

إحتجاجات

وفي ظل وضع تلفه الفوضى وغياب الحلول الناجعة لإرساء دولة موحدة،تزيد أزمة إنقطاع الكهرباء من معاناة المواطن الليبي الذي خرج في إحتجاجات واسعة.وشهدت بعض الشوارع والأحياء في مختلف المدن الليبية إغلاقًا للطرق وإشعال النيران في إطارات السيارات،وخاصة في العاصمة الليبية، فيما هدّدت بلديات بتدشين احتجاجات مماثلة إذا لم يتم التوصل إلى حل قريب.

ففي منطقة غوط الشعال غربي العاصمة طرابلس استمرت الاحتجاجات لليوم الثاني على التوالي ضد انقطاع الكهرباء لساعات طويلة عن المنطقة، فيما أضرم مواطنون غاضبون النار في الإطارات احتجاجاً على انقطاع الكهرباء وأغلقوا الطرق المؤدية من وإلى المنطقة عند الطريق السريع.

وامتدت الاحتجاجات لتصل إلى مناطق قرجي، وقرقاش، والحي الإسلامي، والسراج وصياد وغريان ومناطق غرب وجنوب طرابلس، تعبيرا لرفضهم عن تجاهل الجهات المسؤولة لما يعانيه المواطن من أزمات طال أمدها وخاصة طلاب الشهادة الثانوية الذين يمتحنون هذه الايام.

وحذر تجمع شباب منطقة السراج الشركة العامة الكهرباء بـ"اقتحام غرفة التحكم الرئيسية جنوب طرابلس اذا لم تسارع الشركة وتقوم بتوزيع الأحمال بالتساوي بين كافة المدن".ودعا التجمع في بيان له "جميع المسؤولين بضرورة الاهتمام بدعوتهم خاصة وان منطقة السراج تشهد انقطاع لفترة زمنية أطول من المناطق الأخرى حسب ما جاء في بيانهم".

من جهة آخرى،أشارت "إرم نيوز"،إلى انتشار دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع الاحتجاجات وتوحيدها في مظاهرة كبرى يوم الجمعة القادم احتجاجًا على الأوضاع المعيشية التي تشهدها العاصمة.ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي جميع أهالي طرابلس وضواحيها إلى المشاركة في "مظاهرة غضب" يوم الجمعة على الأوضاع التي وصفوها بـ "المزرية" في ظل انقطاع الكهرباء، وخلو مصارف العاصمة من السيولة المالية، والغلاء الفاحش في أسعار السلع التموينية والغذائية، إضافة إلى أزمة الوقود ونقص الغاز المنزلي الذي صار يباع في السوق السوداء بـ40 دينارًا للإسطوانة في الوقت الذي تباع فيه بدينارين ونصف في شركة البريقة لتسويق النفط.

عجز حكومي

وعزت شركة الكهرباء في طرابلس عجز محطات التوليد عن سدّ الاحتياجات اللازمة من الكهرباء، إلى ارتفاع درجات الحرارة، وعدم ترشيد استهلاك الطاقة،غير أن المواطنين يلقون باللوم على الحكومات المتعاقبة التي لم تتمكن من إجراء الإصلاحات اللازمة لتوفير الكهرباء.

وكانت بلدية حي الأندلس بالعاصمة،أعلنت إنها عازمة على تنظيم احتجاجات أوسع تطالب فيها بالانتخابات ورحيل المسؤولين الحاليين.وقالت البلدية في، بيان لها،الأربعاء، إنّ "المواطن بات يعاني من أزمات نقص السيولة وانتشار القمامة وانعدام الخدمات، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء لمدة 20 ساعة في عاصمة ليبيا"، متسائلة "أين هم مسؤولو البلاد وأين هي الحكومة؟"

وأوضحت أن بلديات العاصمة في الواجهة ولم تستطع تبرير عجز الحكومة والمسؤولين"، وأكدت أنها تطالب باستقالة جماعية للحكومة، واقالة مجلس ادارة الشركة العامة للكهرباء، اضافة لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها الذي حددته مخرجات اجتماع باريس.وحذر البيان المسؤولين بانتفاضة لا تبقي ولا تذر شرارتها حي الانذلس في حال عدم استجابتهم للمطالب.

وبدوره،أكد عضو مجلس النواب بلخير الشعاب،في تصريح لـ"بوابة أفريقيا الإخبارية"، "إن "الجميع مشاركون في المشكلة، بما في ذلك شركة الكهرباء والحكومة والنواب والديوان والمركزي، رغم أن الكل يبذل في جهد لكنها تظل نفس المشكلة كل عام،، مشكلة الكهرباء لن تحل سريعا إلا بمعجزة، فعقد محطة غرب طرابلس واقف في الديوان له أكثر تسعة أشهر، ومحطة أوباري لم تكتمل والكل عارف الأسباب، والرويس جزء خارج الخدمة وكذلك الخمس، والاستهلاك بدون ترشيد وعجز في التوليد،والكل عاجز في ظل البيروقراطية والروتين".

أزمة متواصلة

ومنذ سنوات وأزمة الكهرباء لازالت مستمرة،ويعود انقطاع الكهرباء وفق المسؤولين الى الظروف الأمنية المتردية، وانعدام الأمان والحماية لفرق الصيانة، وسرقة بعض المحطات الكهربائية وتعرضها للتخريب، فضلاً عن أزمة الوقود التي تعاني منها ليبيا البلد الغني بالنفط في ظل استنزاف ثروات البلاد على يد الميليشيات المسلحة.

ورُغم الوعود والتصريحات،ما تزال ليبيا تواجه صعوبات في الحفاظ على تشغيل شبكة الكهرباء،حيث تتعرض المدن الليبية وعلى رأسها العاصمة طرابلس إلى انقطاع الكهرباء الذى يصل إلى ساعات طويلة في ظل درجات حرارة مرتفعة،وهو ما ينذر بتواصل أزمة طالت.

وتعددت الحلول التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، بين محاولة إصلاح الشبكة الداخلية للكهرباء، إلى الحصول على مساعدات خارجية، فضلاً عن الاستعانة بمحطات للطاقة الشمسية.لكن تواصل الأزمة يدفع المسؤولين والحكومة لتبرير ذلك بتضرر شبكة الكهرباء من الحروب والاشتباكات التي كانت طرابلس تشهدها في الفترات الماضية.

وبسبب تزايد ساعات انقطاع الكهرباء،تأثرت مختلف مناحي الحياة بأزمة الكهرباء، خاصة المخابز والمحال التي تعمل بشكل أساسي على الكهرباء،حيث توقف بعضها عن العمل، مقابل صمت رسمي من الحكومة التي اكتفت ببيانات شركة الكهرباء المطالبة بترشيد استهلاك الطاقة،في وقت تتصاعد فيه درجات الحرارة لتزيد من آلام المواطن.

وتعاني مدن المنطقة الغربية في ليبيا بشكل عام، ومدينة طرابلس بشكل خاص، من أزمة الكهرباء والسيولة خلال الأشهر القليلة الماضية،مع تصاعد الإتهامات لحكومة الوفاق بالعجز عن تجاوز الأزمات المعيشية التي تعصف بالعاصمة.ويرى مراقبون أن هذه الإحتجاجات إمتداد للرفض الشعبي  لوجود المليشيات المسلحة التي تسيطر على مفاصل الدولة في العاصمة،والتي إستنزفت موارد البلاد وعمقت معاناة المواطن الليبي.