يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ألاعيبه لتثبيت أقدامه في ليبيا، بهدف نهب ثروات البلد الغني بالنفط والغاز.

وبعد الضربات التي تلقاها المرتزقة والارهابيين الذين أرسلهم الى الأراضي الليبية لنشر المزيد من الفوضى ومنع قيام مؤسسات الدولة، يسوّق أردوغان لمشروع وقف اطلاق النار أملا في كسب الوقت في ظل التقدم الكبير للجيش الوطني ميدانيا والذي وضع مخططات أردوغان وأذرعه في ورطة.

وطلبت تركيا السبت 11 يناير 2020 من روسيا إقناع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر باحترام دعوة لوقف إطلاق النار في ليبيا وجهتها أنقرة وموسكو هذا الأسبوع.وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في أنقرة "ننتظر من أصدقائنا الروس أن يتمكنوا من إقناع حفتر" بوقف إطلاق النار. وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، يوم الأربعاء الماضي، جميع الأطراف الليبية لإنهاء كل الأعمال القتالية فورا وإعلان وقف لإطلاق النار اعتبارا من منتصف ليل الأحد الموافق للـ12 من يناير الجاري.وهو ما اعتبره الكثيرون محاولة جديدة من أردوغان لانقاذ حلفائه في ليبيا مع اقتراب سقوط آخر معاقلهم.

وتتناقض دعوة أردوغان لوقف اطلاق النار مع تحركاته المتواصلة لارسال المرتزقة والارهابيين الى ليبيا،وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفاع عدد المرتزقة الموالين لتركيا في ليبيا إلى أكثر من  1250 بعد وصول أكثر من 250 مقاتل في الدفعة الأولى لـ"فيلق الشام" مؤكدا أن 2000 مقاتل آخرين يستعدون للانتقال إلى ليبيا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن المرصد علم"أن نحو 260 مقاتلا بينهم ضابط برتبة نقيب من الفصائل الموالية لتركيا، توجهوا ليل الثلاثاء إلى ليبيا للقتال إلى جانب صفوف قوات حكومة الوفاق المدعومة من جانب تركيا".وأضاف أن المصادر أكدت "أن المقاتلين جميعا من فصيل فيلق الشام وغالبيتهم من مهجري مدينة حمص، كما أنه يجري التجهيز لنقل 300 مقاتل من "فيلق الشام بعد عدة أيام إلى ليبيا".

  عمليات نقل الارهابيين والمرتزقة أكدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في موسكو اليوم،حيث قال أن عملية نقل الكثير من الارهابيين من ريف إدلب إلى ليبيا "أمر بالغ الخطورة" وقال:"حسب المعلومات التي تتوافر لدينا هناك عدد كبير من المسلحين الذين تم نقلهم إلى ليبيا من منطقة خفض التصعيد في إدلب.. هذه العملية خطيرة جدا".



واشار بوتين إلى أن استمرار القتال في ليبيا يساعد على نمو الإرهاب ويقوض الأمن والاستقرار في المنطقة وله انعكاسات سلبية على أوروبا أيضا داعيا إلى وقف إطلاق النار واتخاذ إجراءات استئناف الحوار السياسي بين جميع الأطراف.وأعلن الرئيس الروسي دعم بلاده لمبادرة مؤتمر برلين حول ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة مشيرا إلى أنها من الممكن أن تكون خطوة في الاتجاه الصحيح.

واستعانت حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج الداعمة للميليشيات بالقوات التركية في معركتها مع الجيش الليبي.وقال أردوغان في وقت سابق إن تواجد قوات بلاده في ليبيا يأتي "بناء على دعوة تلقيناها منها (طرابلس)".وبدأت تركيا، الأسبوع الماضي في نشر قواتها في ليبيا في محاولة لمنع سقوط حلفائها في طرابلس.

وأعلن أردوغان الأحد الماضي أن قوات من الجيش التركي بدأت في التوجه إلى ليبيا، من أجل "التعاون وحفظ الاستقرار"، متجاهلا التحذيرات الدولية والإقليمية من عواقب التدخل الأجنبي في هذا البلد.وقال أردوغان في مقابلة مع قناة "سي إن إن ترك"، إن "مهمة جنودنا هناك هي التنسيق (...) جنودنا ينتشرون تدريجا".على حد زعمه..

وسرعان ما تلقى أردوغان صفعة قوية مع مقتل ثلاثة جنود أتراك في ليبيا وإصابة ستة آخرين، في أول خسائر لأنقرة بعد تدخلها السافر في البلد العربي.وقالت وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ"،نقلا عن مصادر مطلعة إن جثامين الجنود الأتراك وصلت مطار مصراتة، وأن طائرة تركية خاصة ستنقلها اليوم الجمعة إلى تركيا.

وكشفت تغريدة على حساب "تويتر" في حساب الثورة الليبية باللغة الإنجليزية عن وجود عدد من الجنود الأتراك الجرحى في مستشفى مدينة نالوت، الواقعة على بُعد 270 كيلومترا غرب طرابلس.ولم يعرف بعد المكان الذي قتل فيه الجنود الأتراك، في الوقت الذي تستمر فيه قوات الجيش الوطني الليبي في تضييق الخناق على قوات حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس.

وبالتزامن مع ذلك يتواصل سقوط المرتزقة الذين أرسلهم النظام التركي الى ليبيا لنشر الفوضى والارهاب هناك.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ستة مسلحين سوريين موالين لتركيا ممن تطوعوا للقتال في ليبيا لقوا حتفهم هناك مؤخرا، وأشار إلى عودة جثة طفل لم يتجاوز 18 عاما.

وقال المرصد في تقرير له الجمعة: "لا تزال جثث المرتزقة السوريين ممن تطوعوا للقتال في ليبيا من فصائل "الجيش الوطني" تتوافد عبر صناديق خشبية".

وأوضح المرصد أنه قد وصلت سوريا الجمعة جثة مقاتل من "فرقة المعتصم" الموالية لتركيا، وتم دفنها في مدينة الباب بريف حلب الشمالي.ورصدت المنظمة السورية في التاسع من يناير وصول جثة مقاتل في صفوف فرقة "السلطان مراد" أكدت مصادر "موثوقة" أنه قاصر لا يتجاوز عمره 18 عاما، وقد قتل قبل نحو أسبوع مع عناصر آخرين.وقال المرصد السوري إن تركيا وعدت ذوي هؤلاء القتلى "بتعويض مالي كبير لمدة عامين، بالإضافة إلى مغريات أخرى لذوي القتلى".

ويرى مراقبون أن الدعم التركي للمليشيات لم يجدي نفعا مع تواصل تقدم الجيش الليبي الذي سيطر على مدينة سرت في عملية عسكرية خاطفة وبدأ التقدم نحو مدينة مصراتة المعقل الرئيسي لأكبر المليشيات المسلحة الموالية لتركيا.وبات الجيش الليبي يحضى بدعم محلي واسع من القبائل والمدن الليبية وتزايد الاصطفاف الشعبي الى جانب القوات المسلحة في مواجهة الغزو التركي الذي يأتي بتواطئ من حكومة السراج وحلفائه "الاخوان".

ويسعى أردوغان لكسب مزيد من الوققت أملا في انقاذ حلفائه في طرابلس ما يمكنه من تمرير أجنداته وتحقيق أطماعه،فالدعوة لوقف اطلاق النار تتزامن مع تداول أخبار مؤكدة عن سعي تركيا لتوقيع اتفاق ثالث مع حكومة الوفاق، بعد اتفاقي ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري، إذ تستهدف أنقرة هذه المرة الحصول على تعويضات من ليبيا بشأن المشاريع التركية المتوقفة منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.

وقال مسؤول إن تركيا تعتزم التوقيع بحلول فبراير على اتفاق تعويض مبدئي بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نفذت في ليبيا قبل حرب 2011، وذلك في مسعى لإحياء عمليات متوقفة لشركات تركية في البلد الذي يعاني تحت وطأة صراع.وقال مظفر أكسوي رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي الليبي، إن البلدين قريبان من توقيع مذكرة تفاهم.

وقال أكسوي لرويترز في مقابلة "انتهى العمل على مذكرة التفاهم المتعلقة بالعقود القديمة. وسيجري حل مشكلة الديون التي لم تُسدد بعد، والأضرار وخطاب الضمان".وقال إن الاتفاق الذي من المقرر توقيعه في وقت لاحق هذا الشهر أو في فبراير سيشمل خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالآلات والمعدات إضافة إلى ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار دولار.

وتمثل حكومة السراج البوابة التي يسعى نظام أردوغان لاستغلالها لنهب ثروات ليبيا ومد نفوذه في البلاد وهو ما يدفعه لمحاولة انقاذها بأي طريقة.لكن الجيش الوطني أعلن رفضه لمبادرة أردوغان المشبوهة مؤكدا مواصلة عملياته العسكرية حتى تحرير العاصمة طرابلس ممن وصفهم بـ "الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلّحة".

وشدد المتحدث الرسمي للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في بيان مصوّر مساء الخميس على أن قوات الجيش الليبي، "ستستمر في حربها على المجموعات الإرهابية المصنّفة بقرارات من مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أنه "لا سبيل لإقامة الدولة المدنية إلاّ بالقضاء التام عليها".كما أشار إلى أن " هذه المجموعات قد استولت على العاصمة طرابلس وتتلقى الدعم من بعض الدول والحكومات التي تزودها بمعدات عسكرية وذخائر وأسلحة مختلفة، فضلا عن الطائرات الهجومية المسيّرة، وتقوم بنقل أعداد كبيرة من الإرهابيين للقتال ضد الجيش الليبي".في اشارة واضحة الى تركيا.






وتسود ليبيا حالة من الغضب بعد الاتفاق الأخير بين حكومة الوفاق وتركيا والذي يسمح لأنقرة ببناء قواعد عسكرية وجلب الجنود خدمة لأجندات أردوغان الاستعمارية.وشهدت المدن الليبية مظاهرات حاشدة ضد الغزو التركي وتصاعدت الدعوات الى ضرورة توحيد الصف الليبي في مواجهة هذا الخطر الذي يتهدد ليبيا والمنطقة ككل.ويرى متابعون للشأن الليبي أن ألاعيب أردوغان وخططه لمد نفوذه في ليبيا ستتواصل اذا تواصل وجود حلفائه في طرابلس.ويشير هؤلاء الى أن انهاء سطوة مليشيات "الاخوان" يمثل السبيل الوحيد لقطع الطريق أمام أحلام الرئيس التركي.