في إطار التضامن المجتمعي والمبادرات الخلاقة التي كشف عنها مختلف مكونات الشعب المغربي في هذه الايام، بادرت مجموعة من علماء النفس بكلية التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط، لتكوين مجموعة للمصاحبة النفسانية، وضعت رهن اشارة الشعب المغربي، ارقام واتساب للاجابة عن تساؤلاتهم ومصاحبة من يشعرون بقلق او اية عوارض نتيجة للحجر المنزلي، في هذا الحوار الحصري يلخص عضو المجموعة الدكتور المصطفى الرزرازي مبادرة المجموعة في:

"توفير المصاحبة النفسية بشكل مكثف لمختلف الفئات، بدئا من المصابين أو المعزولين للاشتباه في إصابتهم بالفيروس، أو عائلاتهم، أو العاملين في قطاعي الصحة و الأمن، ثم كافة شرائح المجتمع".

*نبذة :من هو الدكتور المصطفى الرزرازي

أستاذ إدارة الأزمات والكوارث.

أخصائي في علم النفس الإكلينيكي والمرضي.

حاصل على دكتوراه من جامعة طوكيو في العلاقات الدولية وإدارة الأزمات.

دكتوراه في علم الإكلينيكي من جامعة محمد الخامس.

باحث أول بممركز الدراسات والأبحاث للجنوب الجديد بالرباط.

أستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببنكرير.

أستاذ زائر بجامعة الأخوين بإفران.


إلى نص الحوار

*مبدأ التضامن كل في مجال اختصاصه

لماذا  هذه المجموعة وما هي أهدافها؟

مجموعة الدعم النفسي، مبادرة مواطنة، أقدم عليها الأخصائيون العاملون بكلية علوم التربية، انطلاقا من مبدأ التضامن، ثم من الإحساس بالواجب المهني الذي يفرض على الأخصائيين النفسانيين بكل تخصصاتهم، العمل على مصاحبة المواطنين، كل من زاوية تخصصه, و قد عملت المجموعة  على تلقي عدد من  طلبات الأخصائيين للانضمام للمبادرة، بحيث تنوعت التخصصات، بشكل تغطي الانشغالات المتعلقة بالصحة النفسية، و المصاحبة ة الإرشاد المدرسي و التربوي عن بعد، علاوة على حملات التوعية، الهادفة إلى  ضمان إنجاح عملية العزل الصحي للمواطنين في ظروف نفسية و اجتماعية طبيعية. 


*الحجر المنزلي اجراء استباقي  

كعالم نفس كيف ترى الإجراءات التي اتخذتها الدولة  لمنع تفشي الوباء؟

الإجراءات التي اتخذتها الدولة، مهنية، و تتسم بحس استباقي عالي لتدبير الجائحة التي نعيشها. سواء تعلق الأمر بإجراءات العزل الصحي الذاتي للمواطنين، أو إجراءات وقف التدريس و استبداله مؤقتا بوسائل التكون عن بعد، أو إنشاء صندوق للدعم، ثم حملات التحسيس التي تقوم بها مختلف فعاليات السلطات العمومية. 

ربما ما سنحتاج أليه اليوم، خاصة بعد الأيام العشر الأولى للعزل الصحي الذاتي للمواطنين تحت طائلة إجراءات حالة الطوارئ الصحية، هو توفير المصاحبة النفسية بشكل مكثف لمختلف الفئات، بدئا من المصابين أو المعزولين للاشتباه في إصابتهم بالفيروس، أو عائلاتهم، أو العاملين في قطاعي الصحة و الأمن، ثم كافة شرائح المجتمع.

صحيح، أن هناك مبادرات لعدد ن الهيئات المهنية و المؤسسية كمجموعة الدعم النفسي لكلية علوم التربية، أو مبادرة الجمعية المغربية للطب النفسي، أو مبادرة الجمعية المغربية للأخصائببن النفسانيين العياديين، و مبادرات أخرى تمت مراسلة وزارة الصحة بشأنها,

لكن أتمنى أن تتضافر الجهود، و يتم التنسيق بين كل هذه الجهود و جهود خلية إدارة الأزمة التابعة لوزارتي الصحة و الداخلية.



*ماهي الانعكاسات النفسية الحجر المنزلي على عامة الناس، خاصة الأطفال؟ وما هي الإجراءات التي يمكن للأسر اتخاذها لتجنب تلك الانعكاسات ؟

الانعكاسات النفسية للعزل الصحي المنزلي، متعددة، و تتزايد على مراحل، و حسب البيئة الأسرية لكل وسط, و أهم انعكاس يكمن في تغير العادات اليومية للمواطنين، بما يرافقه من حالات أشبه ما تكون بحالة الفطام  القهري عن عادات سيحرم منها الأشخاص, سواء تعلق الأمر بعادات مرتبطة بعادات العمل و أحيانا الإدمان المهني ، أو بالرفقة و  ما يرافقها من عملية الفصل و العزل عن الاختلاط الاجتماعي، أو بالفضاء و القبوع في مكان واحد مع حد الحركة, و الأخطر من كل هذا،  هو ألاكل هذه التغيرات ترافقها حملة إعلامية عالمية واسعة ترفع من حدة الهلع العمومي، و تجعل الأشخاص مرتبطين طيلة الوقت بقنوات ووسائط التواصل الاجتماعي، التي تعمل على  تنمية المخاوف و تغذيتها بطرق متعددة، مغلفة بالنكتة، أو بالإشاعة، و التضخيم,

بعض الإرشادات  المساعدة على ضمان الصحة النفسية للأشخاص المعرزلين  ومساعدتهم على التعامل مع هذا الموقف المجهد. تتمثل في التوجيهات التالية:

*المبدأ 1: ضمان معلومات موثوقة وشفافة

من المحتمل جدًا أن نضطر إلى تمديد فترة احتجازنا إلى ما بعد 4 أسابيع. كل شيء سيعتمد قليلاً على منحنى الوباء ، ولكن يمكننا أن نعتقد أنه سيكون أكثر من 30 يومًا

في هذه الظروف ، من الأفضل الاستعداد للبقاء في العزل ، لأنها الطريقة الوحيدة لاحتواء هذا الوباء.

لذا ، كيف يمكننا أن ننظم نمط عيشنا خلال فترة العزل هذه ، والتي يمكن أن تكون مرهقة للغاية ، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون بمفردهم أو ، على العكس ، لأولئك الذين يضطرون للعيش معًا في مساكن صغيرة.

*المبدأ 2: اتبع التوصيات

من بين التوصيات التي قدمتها منظمة الصحة العالمية ، نجد على وجه الخصوص:

- إحضار قصص إيجابية من حولك: على سبيل المثال ، حالات الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس COVID-19 وتم شفائهم الآن.

- لا يجب أن نتردد في مد يد المساعدة: إنه جيد لمعنويات من هم حولنا ، ولكن أيضًا لأنفسنا.  إذ يمكننا على أقل تقدير إجراء مكالمة هاتفية مع جار  مسن لمعرفة ما إذا كان كل شيء على ما يرام.

- في أوقات التوتر ، لا تنس الاستماع إلى نفسك وتلبية احتياجاتك الخاصة. ابحث عن وقت للأنشطة التي تستمتع بها وتسترخي.

يمكن أن تؤدي الممارسات الجيدة للبقاء في العزل إلى تبديد القلق والاكتئاب والضغط اللاحق للصدمة.

عادة بعد مرور عشرة أيام من العزل، يبدأ الإجهاد اللاحق للصدمة بالتعامل مع الموت أو التدمير الذاتي عند الأشخاص الذين يعانون هشاشة نفسية.


*الممارسة الجيدة

 1: الأولوية هي الحفاظ على أسلوب حياة صحي

وهذا يعني ، أن يكون لدينا دورة للنوم والاستيقاظ تتوافق مع ما نعيشه عادة.

من الضروري الاستمرار في إتباع الإجراءات الروتينية بمرور الوقت للحفاظ على الصحة النفسية للمرء ، لأن العزل سيستمر لعدة أيام.

و من أهم العادات المرتبطة بصحتنا النفسية:

- النهوض والنوم في الأوقات العادية

- تناول وجبات الطعام في أوقات منتظمة وتفادي تتناول وجبات خفيفة طوال اليوم

- أن يكون نشيطًا جسديًا أثناء البقاء في المنزل، إذ يستحسن تنطيم الوقت خلال العزل لممارسة الرياضة في المنزل، بحركات رياضية بسيطة، و يستحسن أن تكون جماعية، يتم إدماج كل أفراد الأسرة فيها إن أمكن, 

*الممارسة الجيدة

 2: احذر من الإدمان على البحث عن أخبار الفيروس

يمكن أن يحدث اضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة إذا تعرضت لأشياء مقلقة ، بما في ذلك تدفق المعلومات من القنوات الإخبارية بشكل مستمر.

يجب أن نستمر في إتباع الأخبار ، لأنه يمكن أن يكون له تأثير مفيد لمعرفة المستجدات و التحذيرات الجديدة، لكن يجب تنظيم أوقات الاستماع للأخبار، حتى لا ننمي سلوكات الإدمان، لأن ذلك قد يولد الكثير من القلق لا .

*الممارسة الجيدة

 3: من الضروري البقاء على اتصال مع الآخرين

أولاً ، يجب أن نبدأ بتذكر أنه من الطبيعي أن نكون قلقين.

كما يذكرنا الوباء بحالتنا البشرية. طبيعي أن تكون تدابير العزل مرهقة بشكل خاص ، خاصة لأنك قطعت نفسك عن أحبائك. لهذا السبب لا يجب أن نفقد الاتصال بمن حولنا ، والاتصال بأحبائنا بانتظام عبر الهاتف ، ولكن أيضًا بالبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية ومكالمات الفيديو مثل Skype 

فمن المهم جدًا لصحتنا العقلية ألا نشعر بالعزلة.

بعد ذلك ، من الضروري وضع المخاطر التي يمكن للجميع تحملها في الاعتبار.

 إذا كانت لديك أعراض ، على سبيل المثال ، لا  يجب أن نتردد في  الاتصال مع المصالح الطبية المختصة.

*الممارسة الجيدة

 4: كيف تدير وحدة العمل عن بعد؟

صحيح أن العزل محنة. لكن  لكي لا تشعر أنك غير طبيعي ، من المهم أن:

- البقاء على اتصال مع الآخرين

- العمل عن بعد، سواء كان ذلك مطلوبا من مؤسستك المهنية أو مدرستك، أو  لتكن هي مرتبكة بتطوير مهارتك المهنية، عبر البحث و القراءة . فقد تكون فرصة لإعادة التركيز ، لتقييم نفسك.، كما يتيح لنا ذلك إعادة التفكير في عملنا حتى نتمكن لاحقًا من تطوير أدائنا المهني,

فالتلاميذ و الطلبة، لهم فرصة ذهبية لتطوير مهاراتهم الدراسية. و لا يجب أن يسقطوا في حالة الملل المردية للتقاعس عن الواجبات المدرسية، خاصة أصحاب الامتحانات الإشهادية، 

*الممارسة الجيدة 

5: كيف تجد معنى في العزل؟

حالات الأزمات مثل هذه التي نمر بها  اليوم تكشف عن الطبيعة البشرية. و لذا يمكننا ان أن نجعل الأسوأ يبدو الأفضل.

الأسوأ هم الأنانيون الذين  يتدافعون في المتاجر ويخلقون نقصًا مذهلا في الحاجيات الغذائية و الطبية، الأسوأ هم  الأشخاص الذين لا يدركون أن بقائهم في البيت هم لحماية أنفسهم و صحة الجميع، و يجب تطوير مهارتهم للعودة لعملهم بعد انتهاء الأزمة.


*الحاجة للمصاحبة النفسية

طبعا، هناك حالات قد تكون حادة، و تقتضي مضاحبة نفسية مهنية، خاصة نوبات الهلع التي قد تتطور عند بعض الأشخاص على شكل موجة مفاجئة من الخوف الشديد أو الانزعاج الشديد الذي يصل إلى ذروته في بضع دقائق ، مع ظهور أربعة (أو أكثر) من الأعراض التالية:

الخفقان أو نبضات القلب الحساسة أو زيادة معدل ضربات القلب.

التعرق

رعاش أو ارتعاش العضلات

الشعور بـ "ضيق التنفس" أو الشعور بالاختناق

الإحساس بالاختناق

ألم في الصدر أو عدم الراحة

الغثيان أو الانزعاج البطني

الشعور بالدوار أو عدم الاستقرار أو عدم وجود رأس أو إغماء

قشعريرة أو هبات ساخنة

تنمل (الإحساس بالخدر أو الوخز)

التبذير (مشاعر عدم الواقعية) أو نزع الشخصية (الانفصال عن نفسك)

الخوف من فقدان السيطرة أو "الجنون"

الخوف من الموت

كما  يمكن  أحيانا ملاحظة أعراض  أخرى مثل الطنين ، وآلام الرقبة ، والصداع ، والبكاء أو البكاء الذي لا يمكن السيطرة عليه. 


*كلمة أخيرة

إذا شعرت بأنك في حاجة للحديث إلى شخص بسبب ضيق نفسي، أو استشعرت حاجة ماسة للاستشارة النفسية لا تتردد في الاتصال بمجموعة الدعم النفسي، أو بأية خدمة مماثلة للمصاحبة النفسية  عن بعد.